تضمن كاتالوغ الدورة الثانية لملتقى سيدي عثمان للسينما المغربية ، المنظمة بالدار البيضاء من 25 إلى 28 شتنبر 2014 ، ورقة تعرف بالممثل الكبير محمد مجد ومحطات من مساره الفني . فيما يلي هذه الورقة التي أعدها أحمد سيجلماسي ، ننشرها كاملة تعميما للفائدة : محمد مجد (1940 – 2013) من الممثلين المغاربة القلائل الذين لا يمكن نسيانهم بسهولة بعد مشاهدة أفلامهم ، وذلك لأن حضوره يظل مستمرا في ذاكرة ومخيلة المتلقي . فهذا الممثل البيضاوي الهادىء له قدرة هائلة على تقمص الشخصيات التي يؤدي أدوارها في أعماله السينمائية والتلفزيونية والمسرحية مع النفاذ إلى أعماقها وترجمة أحاسيسها ومعاناتها الإجتماعية والنفسية الداخلية بتمكن ملحوظ وتلقائية واضحة عبر حركاته وصمته وقسمات وجهه وطريقة كلامه . فمن من متتبعي أعماله الفنية بإمكانه نسيان أدواره المتألقة في العديد من الأفلام السينمائية المغربية من قبيل " الغابة " (1970) و " البراق " (1971) لمجيد الرشيش و " أفغانستان لماذا ؟ " (1982) لعبد الله المصباحي و " همسات " (1998) لحكيم بلعباس و " أصدقاء الأمس " (1998) لحسن بنجلون و " علي زاوا " (2000) لنبيل عيوش و " مرآة أحمق " (2001) لنرجس النجار و " عود الريح " (2001) لداوود أولاد السيد و " وبعد " (2002) لمحمد إسماعيل و " طيف نزار " (2002) لكمال كمال و " لحظة ظلام " (2002) لنبيل عيوش و " ألف شهر " (2003) لفوزي بن السعيدي و " الرحلة الكبرى " (2004) لإسماعيل فروخي و " باب لبحر أو طرفاية " (2004) لداوود أولاد السيد و " الطين جا " (2004) لحسن لكزولي و " في انتظار بازوليني " (2007) لداوود أولاد السيد و " سميرة في الضيعة " (2007) للطيف لحلو و " ريح البحر " (2007) لعبد الحي العراقي و " ياسمين والرجال " (2007) لعبد القادر لقطع و " الطفل الشيخ " (2011) لحميد بناني و " أندرومان ... من دم وفحم " (2012) لعز العرب العلوي و " ملاك " (2012) لعبد السلام الكلاعي و " الزيرو " (2012) لنور الدين لخماري و " ولد في مكان ما " (2012) لمحمد حميدي و " كان يا ما كان " (2013) لسعيد س. الناصري و " العجل الذهبي " (2013) لحسن لكزولي و " زينب ، زهرة أغمات " (2013) لفريدة بورقية ... ؟ إن مسيرة هذا الممثل الكبير ، التي تجاوز عمرها نصف قرن من العطاء الفني ، مسيرة غنية بالمحطات والتجارب المختلفة . كان انجدابه مبكرا إلى خشبة المسرح في أواخر الخمسينات من القرن الماضي ، وعلى امتداد عقد الستينات احتك بفضاءات المسرح الهاوي ومر بأكبر الفرق المسرحية آنذاك كفرقة البدوي وفرقة المسرح العمالي وصولا إلى فرقة الطيب الصديقي . ومع هذا الأخير اشتد عوده كممثل أولا وكتقني إنارة ثانيا ثم مساعد في الإخراج المسرحي ثالثا ، الشيء الذي أهله وفتح أمامه باب الإحتراف على مصراعيه حيث أقدم على إخراج أول نص مسرحي من اقتباسه سنة 1980 وهو بعنوان " شد المنطيح " وتلته نصوص أخرى من بينها في سنواته الأخيرة مسرحية " فم العار " ... ومما زاد من تمكن محمد مجد من أدوات التعبير في المسرح والسينما والتلفزيون التكوين النظري والعملي الذي تلقاه بفرنسا في الستينات . لقد اكتسب طيلة مرحلة التكوين الأساسي هته (1959 – 1970) خبرة مهمة من خلال المسرحيات التي شارك فيها كممثل أو مساعد في الإخراج ، ومن خلال التداريب التي أطرها أساتذة كبار و الدروس التي تلقاها بفرنسا ، وكذلك من خلال قراءاته واطلاعه على أهم نصوص المسرح العالمي ومشاهداته لروائع السينما العالمية . ولم يقتصر نشاطه الفني كممثل على المجال المسرحي فحسب بل انفتح منذ الستينات على التلفزيون إذ كانت أول مشاركة له مع الفنان الكبير محمد الخلفي في المسلسل البوليسي " الضحية " ، وتلت ذلك مشاركات أخرى . كما شاهدناه في مجموعة من الأعمال التلفزيونية نذكر منها سيتكوم " ياك حنا جيران " ومسلسلات " سرب الحمام " و " جنان الكرمة " و " المجدوب " و" صقر قريش " ... و أفلام " شادية " لإدريس اشويكة و " ولد الحمرية " لعادل الفاضلي و " شظايا الماضي " و " الطريق الصحيح " لمحمد عبد الكريم الدرقاوي و " نافح العطسة " لمجيد الرشيش و " طريق مراكش " لداوود أولاد السيد و " الحي الخلفي " لفريدة بورقية و " فطومة " لحميد باسكيط و " سيدة الفجر " لعبد السلام الكلاعي و " عقد البحرار " لمحمد عبد الرحمان التازي ... كما انفتح كذلك على السينما المغربية والسينما الدولية منذ السبعينات من القرن الماضي ، فأول وقوف له أمام كاميرا السينما كان سنة 1970 في فيلم " الغابة " لمجيد الرشيش ، أما أولى خطواته على درب السينما العالمية فكانت عبارة عن دور صغير في فيلم " الرسالة " (1976) للراحل مصطفى العقاد ، وتلت هذا الدور مشاركات عديدة فيما يقارب ثمانين (80) فيلما أجنبيا صورت للسينما والتلفزيون جزئيا أو كليا بالمغرب . ومن الأفلام الأجنبية التي شارك فيها مجد كممثل نذكر العناوين التالية : الأفلام السينمائية " ريح التوسانت " (1989) للفرنسي جيل بيهات و " ألف ليلة وليلة " (1990) للفرنسي فيليب دو بروكا و" مسالك الوادي " (2002) للفرنسي غايل موريل و " زينة ، فارسة الأطلس " (2004) للفرنسي من أصل جزائري بوعلام غيردجو و " كريزي " (2005) للكيبيكي جان مارك فالي و " سيريانا " (2005) للأمريكي ستيفن غاغان و " الأهالي " (2005) للفرنسي من أصل جزائري رشيد بوشارب و " عين النساء " (2011) للروماني رادو ميهايلانو ... ، والأفلام التلفزيونية " سليمان " (1997) لروجي يونغ و" جيريمياه " (1998) لهاري واينر (من سلسلة " الإنجيل ") و " طبيب الأمير " إحدى الحلقات الثلاث لسلسلة " جزائر الأوهام " (2001) للفرنسي فرانسوا لوسياني و " شارل الكبير " (2006) للفرنسي برنار سطورا ... أما على مستوى السينما المغربية فقد ازداد الإقبال على خدمات محمد مجد ، وهو في أوج نضجه الفني ، منذ مطلع الألفية الثالثة وخصوصا بعد حصوله على جائزة أحسن تشخيص رجالي عن دوره في فيلم " عود الريح " (2001) بمهرجان القارات الثلاث بمدينة نانط الفرنسية . وبعد هذه الجائزة حصل محمد مجد على جوائز أخرى نذكر منها : جائزة أحسن ممثل عن دوره في فيلم " الرحلة الكبرى " بالمهرجان الوطني للفيلم بطنجة سنة 2005 وبمهرجان مار ديل بلاطا بالأرجنتين ، وجائزة أفضل تشخيص رجالي عن دوره في فيلم " ألف شهر " بالمهرجان الوطني للفيلم بوجدة سنة 2006 ، كما حصل من باريس على وسام الإستحقاق الفرنسي للفنون والآداب وحضي بعدة تكريمات بمهرجانات مرتيل (2005) ومراكش (2006) وتطوان (2012) السينمائية وغيرها ... لقد ظل الراحل محمد مجد ، طيلة حياته الفنية ، صادقا مع نفسه ومع الآخرين ، كما ظل متواضعا وملتصقا بهموم البسطاء من الشعب ، الشيء الذي جعله يعكس تلك الهموم بتلقائية وعمق من خلال أدواره المسرحية والتلفزيونية والسينمائية المختلفة . وبهذا خلد إسمه بمداد الفخر في سجل فنون الفرجة ببلادنا ودخل تاريخ التشخيص الوطني والعالمي من بابه الواسع . أحمد سيجلماسي