تغير المجتمع وتغيرت نظرة الناس للكثير من السلوكات التي كانت من المحرمات سابقا، وأصبحت اليوم تتأرجح بين الرفض والقبول. من بين هذه السلوكات ممارسة الفتاة للجنس قبل الزواج، هذا السلوك الذي يخلق الكثير من الاختلاف حول عفة المرأة وضرورة حفاظها على شرفها إلى أن تتزوج. في الحوار التالي يبين الأستاذ علي الشعباني نظرة المجتمع لهذا النوع من النساء والتغيرات الاجتماعية التي ساهمت في تغير هذه النظرة. كيف ينظر الناس للمرأة التي تمارس الجنس قبل الزواج؟ أولا، نظرة الناس إلى المرأة التي مارست الجنس قبل الزواج، قد تكون نظرة متضاربة لأننا نعيش داخل مجتمع مازال يحافظ على الكثير من القيم التي تجعل منه مجتمعا محافظا وله ثقافة معينة تمنع وتحارب كل علاقة جنسية خارج إطار الزواج. لذلك فنظرة عامة الناس للمرأة التي تمارس الجنس قبل الزواج تكون نظرة تحقير، لأن هذا السلوك محرم دينيا ومنبوذ اجتماعيا ويثير الكثير من المشاكل حتى بالنسبة للنساء، فحتى المتزوجات منهن يخفن من وجود هذه النوعية من الفتيات التي يسهل عليهن ربط علاقات جنسية مع الرجال فيخافون من سقوط أزواجهن أو أحد أفراد عائلتهن في براثن الخيانة. إذن فهذه الممارسات بالنسبة لعامة المغاربة تعتبر سلوكا غير سليم ومنحرف. لكن هناك فئات أخرى تتبنى قيما حديثة وتتطلع إلى ما يصطلح عليه بالحريات الفردية كحرية التصرف في الجسد وكذلك عدم قمع الغرائز الجنسية، يعنبرون هذه السلوكات عادية ولا يجب النظر إليها من الناحية السلبية، لأن لها الكثير من الإيجابيات ولأنها تخلق نوعا من التوازن النفسي وتقضي على الكثير من عقد والكبت الجنسي، مما قد ينعكس بشكل إيجابي على نفسية ومزاج الإنسان خاصة الشباب منهم، كما أن هذه السلوكات تدخل في باب القيم الحديثة التي يجب أن ينفتح عليها المجتمع بكامله. هذا بالإضافة إلى وجود عوامل اجتماعية فرضتها ظروف الحياة في المجتمعات المعاصرة والتي تؤخر سن الزواج، حيث لا يمكن للإنسان أن يكبح مثل هذه الغرائز خاصة في سن الشباب عندما يبلغ الشخص الثلاثين والخمسة والثلاثين سنة ولم يتزوج، حينها يصعب عليه أن يكبح ويقمع هذه الغرائز. لذلك فهذه الفئة تنظر إلى هذه العلاقات على أنها يجب أن تقنن ويشملها نوع من التساهل باعتبارها نوعا من الحرية، حتى لا تبقى علاقات سرية تنتج الكثير من الأمراض والمشاكل المختلفة. ما هي التغيرات الاجتماعية التي ساهمت في تغيير نظرة المجتمع للمرأة التي تمارس الجنس قبل الزواج؟ أولا، نجد أن الإعلام يتصدر قائمة الأشياء التي ساهمت في تغير نظرة المجتمع للمرأة التي سبق أن مارست الجنس قبل الزواج كالسينما والتلفاز وبعض الصحف المصورة وكذلك المنشورات المختلفة القادمة من المجتمعات الأخرى والتي تكشف عن جسم الإنسان وتتناول مثل هذه المواضيع، بالإضافة إلى الاحتكاك مع المجتمعات الأخرى والانفتاح على حضارات أخرى لا ترى في مثل هذه الممارسات أي حرج، ومن طبيعة الشباب تقليد مثل هذه العادات والقيم، لذلك نجد أن مثل هذه الممارسات أريد لها أن تصبح علاقات عادية ويمكن أن تكون موجودة في كل المجتمعات بالرغم من كونها محافظة، ومع وجود بعض القوانين التي تجرم هذه العلاقات التي تتم قبل الزواج. هل مازال غشاء البكارة يعبر عن الشرف والعفة في ظل التطورات التي عرفها الجنس في العصر الحالي؟ لا يجب تعميم مثل هذه الأحكام لأن هناك بعض الفئات الاجتماعية المحافظة التي مازالت ترى في غشاء البكارة أنه يمثل شرف الفتاة ورمز عفتها إلى أن تتزوج، وفقدانها لبكارتها يدخل في باب ممارسة الحرام قبل الزواج، وبالتالي تفقد صفة من الصفات التي يجب أن تتحقق في الزواج وهي صفة الأمانة التي تتمثل في البكارة ثم الإخلاص والوفاء، لأن فقدان الفتاة لبكارتها يعني أنها عاشت ومارست الحياة الجنسية مع شركاء آخرين، وهذا يعني أنها لن تكون مخلصة ولا وفية لزوجها، وينظر إليها من هذه الزاوية. وبالمقابل نجد الفئة الثانية المتشبعة بقيم وثقافة المجتمعات الغربية ترى أنه لا يجب أن نعطي البكارة تلك الأهمية الممنوحة لها من طرف المجتمع لأنها مجرد غشاء بسيط يمكن أن تفقده المرأة حتى عن طريق بعض الحوادث التي تتعرض لها، لذلك يرون أن الاحتفاظ بالبكارة هي مسألة اعتباطية ولا يجب أن يكون لها هذا الاهتمام. لذلك هناك نظرتان متناقضتان ومتضاربتان للبكارة، بين من يعتبرها دليلا قاطعا على شرف البنت وعفتها وإخلاصها ووفائها لشريكها، ومن يرى أنها مسألة لا قيمة لها لأن الزواج الناجح لا يرتبط بالبكارة وإنما يرتبط بما يتبع الزواج من إخلاص وتفاني ومشاعر متبادلة لأن الحياة تبدأ من الزواج وليس قبله. حاورته مجيدة أبوالخيرات *أستاذ علم الاجتماع