تستعد الفنانة التشكيلية فتحية نصر للمشاركة في معرض فني بتركيا، كما أنها بصدد تحضير الدورة الثانية للصالون الدولي لمختلف العجائبيات "الفنون الأسطورية" بالدار البيضاء الذي تنظمه الجمعية المغربية الثقافية والفنية التي ترأسها. التقى بها "أحداث.أنفو" وأجرى معها الحوار التالي حول تجربتها الفنية وحول جملة من القضايا التي تهم واقع الفن التشكيلي بالمغرب. لنتابع. - أنتمدعوةللمشاركة فيمعرضللفنونالتشكيليةبتركيافيشهرسبتمبرالجاري. ماهوالسياقالذيتأتيفيههذهالمشاركة؟ + هذا المعرض يندرج ضمن فعاليات الدورة السابعة للمهرجان الدولي النسائي للفنون التشكيلية، وسيحتضن ورشات تحت شعار: "الأمس، اليوم، الغد"، بمشاركة أكثر من 80 فنانة تشكيلية من 35 دولة عربية وغربية٬ وسيقام بمدينة طرابزون (تركيا) من 7 إلى 14 سبتمبر 2014. وهو يأتي في سياق دعم ثقافة بلدان الفنانين المشاركين وتكريما للفنانات المبدعات في المجالات الفنية، وخاصة الفن التشكيلي، كما يسعى إلى تثمين جهود المرأة الفنانة وتشجيعها على الاستمرار في التألق ومواصلة الإبداع في مختلف بلدان العالم. - ما هي انتظارا تك من مشاركتك في هذا المهرجان الدولي؟ + مشاركتي في هذا المهرجان النسائي مع الفنانة التشكيلية المغربية فضيلة كانوني تُعد قبل كل شيء مناسبة لتمثيل المغرب بين الدول الغربية المشاركة، وهي كذلك فرصة لتكريم المرأة المغربية الفنانة التشكيلية المبدعة في الفن المغربي المعاصر، وتكريم كل النساء في العالم اللواتي يناضلن من أجل التحرر والحق في العيش بكرامة. وانطلاقا من شعار المهرجان "اليوم، الأمس، الغد"، قُمت ببلورة رؤيتي الخاصة لقيم التسامح والإنسانية والسلام من خلال لوحة تظهر فيها طفلة تهدي إلى البشرية قلبا مفعما بالحب الذي أمسينا نفتقده في هذا العالم الذي تتعرض فيه المرأة والطفولة لكل أشكال التعنيف والمهانة، بينما ستقدم الرسامة فضيلة كانوني لوحة جميلة تقليدية مغربية كما عودتنا على ذلك في لوحاتها الرائعة. ما ينتظره الفنان الحقيقي من مشاركته في المهرجانات الدولية هو أولا تمثيل وطنه وإيصال رسالة جميلة خدمة للإنسانية. لذا سأحاول أن أكرس كل إنتاجاتي الفنية بريشتي وحبري للقيم الإنسانية التي تُحصن المجتمعات من نزوعات التطرف والانغلاق والجهل، لأنني أعتقد أن الفن هو دين الحب وليس دين الكراهية والعدوان. - ماهيالظروفالتيساعدتكعلى الممارسةالإبداعيةفيمجالالفنالتشكيلي؟ كنت متحمسة للفن التشكيلي منذ صغري. فقد كنت محظوظة حين فتحت عيني داخل أسرة محبة للقراءة والثقافة، يرعاها أب وأم لم يتوقفا عن حثي على التفوق في تحصيل العلم والدراسة، بالإضافة إلى وجود جدتي التي كانت تحكي لي حكايات جميلة تحت ضوء القمر في منطقة "الولجة" بالرباط أيام العطلة. وقد كانت هذه هي الظروف الأولى التي أثرت في توجهي إلى الرسم والشعر الروائي المستلهم من قصص خيالية. أما الظروف الأخرى التي جعلتني أستمر في إبداعي في مجال الفن التشكيلي الذي أعبر عنه بالفن الخيالي والعجائبي هو قراءتي لرواية "الهوبيت"، وهي قصة حوارية رائعة للفيلولوجي الإنجليزي والروائي جون رونالد رويل تولكين، كان قد حاز بها على جائزة أفضل كتاب أطفال في بداية ثلاثينات القرن العشرين. وقد زاد إعجابي لجون رونالد رويل تولكين عند مشاهدتي لثلاثية فيلم "سيد الخواتم" (seigneur des anneaux) التي أخرجها بيتر جاكسون بناءً على روايته. ما هي المدرسة التي تميلين إليها في مجال الفن التشكيلي؟ + تأثرت كثيرا بالمدرسة السريالية التي من روادها سلفادور دالي وخوان ميرو، والتي تقوم أساساً على رسم ما يتصوره الذهن والعقل الباطن للرسام من أفكار خيالية وأحيانا واقعية مٌدمجة بالخيال. ففي معظم الفن السريالي تكون هناك صور مشوهة للواقع أو مبالغ فيها. غير أنني أحاول أن تكون لوحاتي ذات أبعاد ساحرة ومتسمة بالشاعرية، وأن تكون في أحايين أخرى تعبيرية٬ تأثيرية، وتعبر عن التجارب العاطفية والقيم الروحية. كما أني مفتونة بالحوريات (Les fées) التي تتجلى في صورة طفل أو طفلة، أو في شكل امرأة ذات أجنحة كالفراشات. لذلك نشرت مجموعتي الأولى من القصائد الشعرية بالرسوم التوضيحية من تصاميمي الخاصة «حديقة الحوريات الاوركيدات" في عام 2012. وسيتم إعادة إصدار هذه المجموعة برسومات خيالية جديدة، بالإضافة إلى كتاب آخر يتضمن مجموعة من قصائدي الشعرية يحمل عنوان "ألف ليلة وليلة … احك يا شهرزاد!", وسيتم تقديم هذين الكتابين في إطار الدورة الثانية للصالون الدولي لمختلف العجائبيات "الفنون الأسطورية" الذي تنظمه الجمعية المغربية الثقافية والفنية التي أرأسها. - الكثيرمنالفنانينالتشكيليينفيالمغربيرونأنهمنالضروريأنيكونللفنانالتشكيليعملآخرلكييستطيعالعيش. هلأنتمتفقةمعهذاالرأي؟ مبدئيا لاأوافق أن يكون للفنان التشكيلي عمل آخر يأخذ كل وقته،ويحول دون بذله عطاء أكتر في إبداعاته الفنية. لكن الفنان يكون غالبامضطرا للعمل لكي يستطيع العيش. لو كان الفن مصدراً أساسياً للعيش لما اضطررت ككثير من الفنانين في المغرب للتضحية بالكثير من وقتي في عمل إداري. كيف تنظرين إلى الكيفية التي تُدبر بها وزارة الثقافة مجال الفن التشكيلي؟ + بعض المجتمعات أدركت أن الفن هو أساس نهضة المجتمع. لكن قليلة هي المجتمعات التي أدركت أن الفن والفنانين يساهمون في تطوير الحياة وفي النهوض بها من خلال الارتقاء بالذوق ونشر قيم التسامح والعدالة والسلام. ومن ثمة، فإن الفنان له الحق في أن يحظى بمنحة من المسؤولين على تدبير الشأن الثقافي لتمكينه من وسيلة للعيش وللإبداع. وإذا كانت الدولة لديها مثلا مسؤولية في توفير المياه الصالحة للشرب لفائدة لسكان، فينبغي أن تكون لديها أيضا مسؤولية في توفير ظروف الإبداع للفنان سواء كان رساما، ممثلا، مغنيا أو غيره… لابد من رفع المستوى المادي والمعنوي للفنان بتوفير إقامات فنية له، وبنشر وشراء أعماله في الملتقيات الفنية، وخصوصا بدمج المهن الفنية في قائمة المهن المُعترف بها من قبل الدولة.