في التصريح الأخير لرئيس الحكومة كنت شخصيا أنتظر شيئين اثنين.. الأول هو شق العلاقات الخارجية.. المغربية الخليجية أساسا.. و التي أفسدها وجود حزب اخواني في الحكومة المغربية تتحكم فيه حركة.. يتحكم فيها بدورها تيار الريسوني الذي يلعن و يسب الخليجيين و يقول فيهم ما لم يقله مالك في الخمر.. و الشق الثاني.. الاعتذار للمغاربة أولا.. ثم الاعتذار للأخوة الاماراتيين و السعوديين و الكويتيين.. دون نسيان الاخوة المكسيكيين طبعا.. لا شئ من ذلك وقع بطبيعة الحال.. فنحن أمام رئيس الملائكة الذين لا يخطئون.. و نحن أيضا أمام رئيس حكومة.. لا تطبق برنامجا حكوميا في قطاع الاتصال.. و هو موضوع مقالنا اليوم.. و هو موضوع مهم أغفله بنكيران و لم يقل فيه تقريبا أي شئ ذي بال.. لا أعرف لماذا كلما هاجم بنكيران سيطايل و هاجم الخلفي القناة الثانية في المغرب أتذكر معركة الاخوان في مصر للسيطرة على ماسبيرو و التحكم في مدينة الانتاج الاعلامي.. ربما لأن الايديولوجيا واحدة.. و الهدف واحد و البرنامج واحد و التكوين الديني و الفكري واحد.. ربما لأن في العمق طبع الاخوان واحد رغم قشرة التطبع التي يلبسونها للتمويه و التلبيس على الناس.. من بلد لاخر.. لا أدري لماذا كلما شاهدت مصطفى الخلفي أرى وزير الاعلام المصري في عهد مرسي صلاح عبد المقصود.. ففي عهد هذا الأخير كان كل برنامج لا يستضيف اخوانيا يتعرض صاحبه للتوبيخ و التهديد بالتوقيف أو احالته الى برنامج اخر.. ألا يذكركم هذا بشئ في الدفاتير اياها في نسختها الاولى ? يجب أن نعلم أن بنكيران غاضب من القطب العمومي و من القناة الثانية خصوصا لأنه لحد الان لم يستطع أن يطبق ما كان يفعله أخوه مرسي عبر وزيره صلاح عبد المقصود.. من قبيل قطع البث عن المعارضين و حذف الجمل التي تتحدث عن وصول الاخوان للسلطة عبر صفقة مع الولاياتالمتحدة و بسط يد كل اخواني لم يعجبه منشط البرنامج كي يرفع تقريرا فوريا لوزيره ليعاقب و يكون عبرة لغيره.. حتى أصبح مجرد وضع سؤال محرج يعد جريمة يرتكبها المذيع أو المنشط.. يجب فعلا أن نتفهم حنق الاخوان في المغرب.. و الصراع على التلفزيون اذا ربحوه لا يظنن أحد أنه سيتوقف عند حد معلوم.. فعلى عهدة ناشط اخواني مصري في خضم الصراع.. أنه بعد ماسبيرو و مدينة الانتاج الاعلامي سياتي الدور على دار الاوبرا المصرية لتتحول لدار مناسبات.. مناسبات العزاء و العقيقة ربما.. أحد أوجه هذا الصراع في المغرب تصريح الوزير الداعية.. تحت قبة البرلمان الذي اختلط لديه بمنبر جمعة الحي الجامعي على ما أظن.. قال فيه على المكسيك ما نعرف.. و الأكيد أنه سيدخل التاريخ من الباب.. الضيق.. ضيق أفقه.. كأول وزير في تاريخ المغرب يسب دولة و شعبها من داخل البرلمان.. و ستسمى مداخلته من الان فصاعدا.. مداخلة الماخور المكسيكي.. لقد شعرت بحزن أن يكون هذا هو نتاج حركة تربوية.. مؤسف و مؤلم فعلا.. كم تمنيت أن أسمع الوزير و هو يستعرض مشروعه بهدوء و يقول ما يلي.. قضية الاعلام قضية معقدة فعلا سيداتي سادتي.. و هي ليست قضية أخيار أمثلهم أنا و أشرار يمثلهم معارضو نظرتي للأمور.. انني أتعهد أمامكم سادتي ممثلي الأمة.. أن أجعل من كلفة حلقة من حلقات المسلسلات المغربية أقل من كلفة حلقة من حلقات المسلسلات المكسيكية.. فالفرق هو من واحد الى عشرة كما تعلمون.. و أتعهد أيضا أن أرحم القناة الثانية من شروط المستشهرين الذين يفرضون عليها برمجة ليست بمستوى تاريخها و قوة انطلاقتها الاولى.. انني أعترف أمامكم أن 95 بالمائة من مداخيل القناة الثانية معتمدة على الاشهار لأنني لم أبذل أي جهد في هذا الجانب حتى يكون عندي الحق في توجيه النصائح لها حول البرمجة.. و أعدكم أيضا أنه عندما أقوم بحل معضلة الانتاج كما مشكلة تمويل القناة الثانية.. سوف أدافع أيضا.. و كما جاء في برنامجنا الحكومي عن مبادئ التعدد و التنوع بين مختلف مكونات المجتمع المغربي و روافده مع التركيز على سياسة الانفتاح و التسامح مع مختلف الثقافات و الحضارات الانسانية.. تمنيت فعلا أن أسمع هذا الجواب أو ما يشبهه من فم الوزير.. لكن عوض مداد البرنامج الحكومي الذي يحب التسامح و يحتفي بالثقافات و الحضارات.. كان رذاذ الوزير يحمل الينا سبا لانتاج ثقافي و فني.. و لم يكن حتى نقدا فنيا يمكن أن نتفق معه فيه.. ليست لغة الوزير فقط هي التي لم تكن مناسبة.. أيضا المقاربة للموضوع كانت خاطئة تماما و سنبين عوارها في بضع أمثلة.. المثال الأول هو ذلك الفرح الطفولي الذي نحسه عندما يتحدث الوزير عن الملايين التي ربحها المغاربة نتيجة الشفافية المزعومة التي يتبجح بها الوزير و هو يعرف أنها غير حقيقية.. هل نذكره بالأحكام القضائية..? لسنا بحاجة لهذا الأمر و لن نفسد عليه فرحته بانجاز و ان كان وهميا.. المغاربة لم يربحوا سنتيما واحدا لسبب بسيط.. و هو أن ما تم ربحه يمكن لنفس الشركة التي رسى عليها السعر الأقل ان تستعيد الفارق في مناقصة اخرى ببرنامج اخر لن يكلفها شئ و لن يضمن لنا الخلفي مع كل هذا.. لا جودة البرنامج الأول و لا الثاني.. مصطفى الخلفي فرحان و يبشر المغاربة أنهم ربحوا الملايين بفعل ذكاءه الخارق.. كما لو أنهم فعلا سيقتسمون الملايين فراس الشهر.. مضحك مبكي حقيقة هذا المستوى في التدبير.. مقاربة الوزير في المناقصات تتم بعقلية مول الشكارة الذي دخل لتوه لميدان العقار و يهمه الربح لا الجودة.. و سعيد بالربح و لا يعلم أنه يمكن ان يتم باستبدال ياجور الثمانية بياجور الستة او بحضور البغلي باسمنت أقل.. و هذا طبعا لا يشجع شركات الانتاج على التعامل مع المحترفين تقنيين أو ممثلين لأن الكلفة ستكون باهضة.. و ستكتفي ربما بالهواة و الكومبارس في أدوار ليست في حجمهم.. اضافة الى أننا ازاء مبدعين يجب أن يكرموا ماديا أيضا.. فهم ليسو قطع من البوصلانة حتى نبقى في ميدان البناء.. هذا دون الحديث عن تكافؤ الفرص حتى بين الشركات.. لأن دفاتير الخلفي أوجبت ضمانات مالية و بنكية يستحيل معها على الشركات الصغيرة أن تدخل سباق المنافسة أو تربح أمام الحيتان الكبيرة.. هل قلت تكافؤ الفرص ?سلملي اذن عن هذا التكافؤ اذا صادفك يوما.. هل تريدون أمثلة أخرى عن هذه المقاربة الفاشلة لموضوع الاعلام و القطب العمومي ?.. طيب.. مصطفى الخلفي له طريقة عجيبة في تقديم مبرراته.. تظهر درجة الهواية في التعامل مع موضوع الاعلام السمعي البصري.. ففي نفس جلسة البرلمان قال قولته الماثورة و الأثيرة.. تعرفون الان لماذا يفضل المغاربة اذاعة محمد السادس للقران الكريم و القناة السادسة.. و هذه القولة الاستنتاج.. قدمها الوزير دون أن يرف له جفن.. فعلى ماذا نتحدث ? القناة السادسة أصلا لا نرى لها وزنا في قياس ماروك ميتري.. فكيف يقول الوزير أن المغاربة يشاهدونها بكثرة.. و يقارنها بالقناة الثانية التي تبلغ نسبة مشاهدتها 25 بالمائة في المتوسط ? الوزير هنا يستعرض فقط جهله على أمة لا اله الا الله و باقي خلق الخالق دون وجل.. اذاعة محمد السادس اذاعة ظريفة خفيفة تقدم خدمة اعلامية لجزء من المغاربة ممن لم تصل عندهم تخمة الخطاب الديني الى حدها الأقصى.. و هم حوالي 15 بالمائة من المستمعين.. أما ال85 بالمائة من المغاربة فقد اكتفوا.. و مروا الى افاق اخرى توجد في الاذاعات الكثيرة الموجودة في البلاد و لله الحمد.. الخلفي مع ذلك لا يعتبر أن هؤلاء ال 85 بالمائة مغاربة.. لقد نزع منهم هويتهم و جنسيتهم و لو استطاع لتحفظ على أوراقهم التبوتية و لطردهم من هذه الأرض.. المغاربة عند وزير الاتصال هم فقط من يفضلون القناة السادسة.. أما من يشاهدون غيرها من القنوات فمجرد بدون.. لا اعتبار لهم و لا وزن و لا يضرب بهم المثل.. جهل طافح يبرر الاحتقار الواضح للاغلبية الساحقة التي يرفض الوزير رؤيتها.. من تبريرات الوزير أيضا أنه منتخب.. و أنه لا يحق لغير المنتخبين ادارة القنوات العمومية.. لا شك أن الوزير كان في ذهنه نوعية المنتخبين الذين قدموا حلولا للاعلام العمومي المغربي تتلخص في نقل برامج اذاعة محمد السادس الى القنوات مع صور لبعض الاشجار و شلالات المياه.. لم يستوعب الوزير بعد أنه مدين لمنصبه لملايين المغاربة الذين صوتوا ضد حزبه وضد توجهه الايديولوجي.. منصب الوزير هو هدية له من بنكيران عندما وجد من يتحالف معه من أحزاب صعدت للبرلمان نتيجة أصوات الناخبين المغاربة أيضا.. يجب على الوزير أن يفهم أن الانتخابات صوت فيها قرابة السبعة ملايين مغربي.. فاذا ذهب مليون صوت لحزب العدالة و التنمية.. فان ستة ملايين مغربي صوتوا لأحزاب اخرى.. أخلاقيا لا يجب على الوزير المستمر في منصبه بفضل مغاربة التقدم و الاشتراكية و مغاربة الحركة الشعبية و مغاربة التجمع الوطني للاحرار و قبلهم مغاربة حزب الاستقلال.. أن يقف في البرلمان مثل أي داعية في صفوف حركة التوحيد و الاصلاح ليحدثنا عن مصيره يوم القيامة كما لو كان محور الكون.. و ليسب شعبا و دولة و حضارة و يوسخ سمعتها كما فعل مع المكسيك.. مصطفى الخلفي لا يكثرت حتى بسمعة المغرب حينما يستعرض جهله بمهمته أمامنا و يتحفنا بأحاديث القيامة و الجلسات العائلية ..لم يرحم حتى شيبة والدته فراح يقحمها في نقاشه البيزنطي.. هو لا يرى أن طريقته في تقييم الأعمال التخييلية تثير سخرية العالم المتحضر و ترى فيه مادة للتسلية و التهكم على المسؤول عن الاعلام في هذه البلاد.. لا.. هو لا تهمه سمعة المغرب.. فكيف ستهمه سمعة المكسيك التي ربطها بالماخور.. السمعة الوحيدة التي حرص عليها هي سمعة تركيا.. و الدراما التركية.. دراما الملائكة.. مع انها تشكل 70 بالمائة من حصة المسلسلات.. هو حرص نابع ربما من خوف على مشاعر الأخ.. اردوغان.. و لا عزاء للولايات المتحدةالمكسيكية.. و لا عزاء للشعب المكسيكس الطيب.. و الصديق.. مصطفى الخلفي لا يخاف سؤال القيامة عندما يتعلق الأمر بتشويه سمعة منافسيه الحزبيين.. و لا يخاف سؤال القيامة جراء كذبه على الشعب المغربي موهما اياه بنسبة نمو اقتصادي تناهز السبعة بالمائة لم نر منها الا نسبة نمو في الاقتراض من مؤسسات دولية.. و نسبة نمو في الأسعار تقدر شهريا بمئات الدراهم تسرق من جيوب المواطنين حتى تضل هذه الحكومة واقفة تسب و تشتم فينا.. لأننا صحافة تنبه وتضع الأصبع على الجرح.. مصطفى الخلفي لا يخاف سؤال القيامة حينما يعجز المواطن عن اكمال الشهر لأن بنكيران زاده في راتبه ثلاثة دراهم في اليوم و هو يؤدي الزيادات الشهرية بمقدار اربعمائة درهم شهريا في المتوسط.. مصطفى الخلفي لا يخاف سؤال القيامة عن موت المناضلين المخالفين له في الايديولوجيا في مخافر هذه الحكومة المباركة و لا يخاف سؤال القيامة عن المسجونين بسبب اراء تختلف عن رؤية الحكومة الوردية حتى بدون حزب الاستقلال.. مصطفى الخلفي لا يخاف سؤال القيامة عن راتبه و هو بالملايين في الوقت الذي كان في الجامعة يغري الناس بالحديث عن سيدنا عمر الذي ينام أرضا.. مصطفى الخلفي لا يخاف سؤال القيامة عن انثى وضعت مولودها في الشارع في عهد حكومته الربانية.. و لكنه يخاف سؤال القيامة عن انثى لبست قفطانا في منصة عرض.. قد تكون زوجته أول من حضر لمشاهدته.. مصطفى الخلفي حقيقة له مشكلة كبيرة.. و هي أنه يريد أن يخفي كون المنصب الذي هو فيه أكبر منه بكثرة الصراخ و افتعال المناوشات و اشغال الناس عن ما هو أهم بالتفاهات و التخاريف.. لنكن صرحاء.. الاخوان لم يسبق لهم أن كان لهم مشروع اعلامي يكون ابن عصره.. و مشروع مصطفى الخلفي هو محاربة التحكم ليس كرها في التحكم.. و لكن فقط لأنه ليس هو من يتحكم.. و من أجل هذا فقد دخل في صراع مع القناة الثانية عنوانه الاتهامات و انتظار الردود و الرد على الردود ان كانت.. أو الاستمرار في الاتهامات بشكل احادي ان انعدمت.. أي اننا بصدد نكتة النمر و القرد.. و المعروفة أساسا بنكتة.. مال مك مزغب.. و هذا يعني أنه مهما فعلت القناة الثانية و مهما حاولت أن تكون مهنية.. فان ذلك لن يشفع لها عند الوزير الوصي.. و سيستمر في البحث لها عن الدابة الصغيرة.. كما يقول أصدقاؤنا الفرنسيون.. مشروع وزير التوحيد و الاصلاح في الاتصال كما يرى الكثيرون هو كالتالي.. دعونا نتحكم في قنوات الاعلام العمومي.. أو سندفعها للافلاس بضرب مصداقيتها أمام الراي العام و اتجاه المستشهرين و شركائها الاقتصاديين.. ليس هناك مشروع اخر.. أنا شخصيا لا أفهم ماذا تفعل قناة أغلب مداخيلها من الاشهار وسط هذا القطب المتجمد العمومي ?.. ان أسباب الالحاق في نظري قد انتفت.. و أحسن حل هو أن تعود لحريتها الاولى في أحضان قطاع خاص مؤهل و يفهم في الاعلام أفضل من حكومتنا و وزيرها.. ان أكبر تجربة اعلامية لوزير الاتصال.. هي مدير جريدة ضلت لسنوات تبيع فقط ما يناهز ستمائة نسخة يوميا.. و ما يغيضه هو أن القناة الثانية تقدم منتوجها للملايين.. كما القطب العمومي عموما.. و لذلك هو يريدها بين يديه و طوع بنانه.. فاما هذا.. أو أن حرب الشائعات ستستمر بقيادته و مباركة جيشه الالكتروني.. حتى يضيق حجم متابعي القناة الثانية الى حدود ستمائة شخص.. و حبذا لو كانوا.. هم نفسهم الاشخاص الذين يواضبون على شراء جريدة التجديد.. دون أن يعرفوا.. لماذا بالتحديد..