برصيده الدستوري، ومخزونه الفقهي، اختارت المرحلة الدستورية التي يعيشها المغرب، الفقيه عبد اللطيف المانوني ليكون مستشارا دستوريا للملك محمد السادس، وحين صدر خبر تعيينه في المنصب، تساءل الكثيرون عما إذا كان الملف الدستوري سيسحب من المستشار محمد المعتصم ليصبح من اختصاص رئيس لجنة الدستور؟، وفي الواقع لا يتعلق الأمر بمسطرة لسحب ملفات أو إسنادها، بل بحرص ملكي على تعزيز العقل الدستوري للمملكة بكفاءة علمية واكبت الأشغال التحضيرية للدستور الجديد، وسيكون وجودها ضروريا في تتبع مآلات تأويله. منذ الإعلان عن مسودة الدستور، والسجال يدور حول تأويله ومجالاته العامة غير المدققة، لكن الملك في خطاب العرش اختار أن يحسم الجدل، «يجب احترام الدستور منطوقا وروحا». وقبل أن تصل به مسيرته العلمية أواسط مارس الماضي، إلى الإشراف على وضع دستور البلاد عندما أسندت له مهمة رئاسة لجنة مراجعة الدستور، مر أستاذ القانون الدستوري عبد اللطيف المنوني الذي عينه جلالة الملك أول أمس الأربعاء مستشارا لجلالته، بمشوار أكاديمي طويل في التعليم كأستاذ جامعي لمادة علم السياسة والقانون الدستوري وكخبير دولي في مجال صياغة القوانين. المنوني،المولود سنة 1944 بمكناس، حاصل على الإجازة في القانون، شعبة القانون العام والعلوم السياسية سنة 1965، ثم على دبلوم الدراسات العليا في القانون العام سنة 1970 في موضوع «الاتحاد الوطني لطلبة المغرب»، فهو بالإضافة إلى عضويته لهذا التنظيم الذي تأسس سنة 1956 ورئاسته له في النصف الثاني من الستينيات، كان من بين أنشط مناضلي الاتحاد الوطني للقوات الشعبية. حصل ابن مدينة مكناس على دكتوراه الدولة في القانون العام من جامعة غرونوبل الفرنسية سنة 1975 في موضوع «النقابية العمالية في المغرب». كان الاتحاد الوطني لطلبة المغرب مدرسته السياسية والنقابية ومن أهم المجالات التي صاغ فيها تصوراته ومواقفه وطموحاته، عندما كان المنوني طالبا بجامعة محمد الخامس وبعدها بجامعة غرونوبل الفرنسية تحمل مسؤوليات قيادية أبرزها رئاسته لهذا التنظيم الطلابي سنة1967، ليعمل أستاذا للمادة بكلية الحقوق بالرباط ابتداءا من سنة 1969. اختار التعليم العالي سنة 1962 في مجال القانون العام شعبة العلوم السياسية رغم تكوينه العلمي المحض وهو الحاصل على الباكالوريا في الرياضيات أيام كان يقطن في منزل العائلة بالعاصمة الاسماعيلية حيث تابع تعليمه الابتدائي والثانوي، وحيث ترأس، ذات يوم، جمعية الشبيبة التقدمية سنة 1960. بالإضافة إلى مكانته العلمية الأكاديممية التي تكرست سنة 2008 بتسميته من قبل جلالة الملك «أستاذا مدى الحياة»، تحمل المنوني مسؤوليات عدة في مساره المهني فقد عمل ممثلا للمغرب في اللجنة الأوروبية من أجل الديمقراطية بواسطة القانون، وهي اللجنة التي تحمل كذلك اسم«لجنة البندقية» التي تضم في عضويتها خبراء مستقلين، ومشهودا لهم بالخبرة في المؤسسات الدستورية ولمساهماتهم في تطوير العلوم السياسية. كما شغل المنوني عضوية المجلس الدستوري مابين سنتي 1994 و2008، وكذلك عضوية هيأة الانصاف والمصالحة (2004 – 2006) التي عمل فيها ضمن فريق جبر الضرر بها، ساهم في بناء التعليلات المتعلقة بمقررات الهيأة وفي صياغة توصياتها وفي الفترة مابين 2002 و2005 كان المنوني عضوا في اللجنة التنفيذية الدولية للقانون الدستوري، وفي نفس الفترة نائبا لرئيس الاكاديمية الدولية للقانون الدستوري، وهي الفترة عمل فيها ضمن الهيأة المكلفة لإعداد مقترح الحكم الذاتي للاقاليم الصحراوية المغربية. لم يكن دستور 2011 أول عهد عبد اللطيف المنوني بصياغة الدساتير، فقد سبق له أن شارك ضمن لجنتي مراجعة دستوري دولة الإمارات العربية ومملكة البحرين سنة 2001، ترأس الجمعية المغربية للقانون الدستوري بين 1994 و2008 وهو عضو مؤسس كذلك لجمعية الحقوقيين المغاربيين. ياسين قُطيب