بادىء ذي بدء، لا يسعني إلا أن أنوه بملاحظات زميلي الأستاذ عبد العزيز المغاري, الذي تفضل بإبداء مجموعة من الملاحظات القيمة التي تضمنتها ورقته المنشورة بجريدة »الاتحاد الاشتراكي« ليوم الأربعاء 24 غشت 2011، بشأن الرأي الذي طرحته في موضوع تحديد تاريخ انتخابات أعضاء مجلس النواب, بجريدة »الاتحاد الاشتراكي« عدد يومي السبت/ الأحد 21/20 غشت 2011، وأشكر هذه الجريدة التي تعمل على تبادل هذا الحوار العلمي الجاد في قضية من قضايا الشؤون العامة ببلادنا، وتسمح لنا كمثقفين بالمساهمة الفعلية والمتواضعة في هذا المجال، وبالتالي خلق وتعزيز تقليد حضاري للحوار والنقاش العلمي بين المختصين، وبالخصوص بين زملاء يشتركون في ممارسة فضائل مهنة التعليم والبحث العلمي. ولقد كانت الملاحظات القيمة لزميلي الأستاذ عبد العزيز المغاري, كما عهدناه فيه, من اهتمام وحرص وتمكن من علم ينفع ويتنفع به. وأجد في بعض ملاحظاته اتفاقاً في كثير من النقط والتحليلات التي تمكن كل منا من طرحها في تأملات سريعة، والتي تستوجب لكل منا دراسة أكثر عمقاً. وإن كانت هناك بعض النقط لازال فيها اختلاف، وهذا الاختلاف لا يمكنه إلا أن يكون محموداً, خاصة في تأويل النصوص القانونية واستخلاص بعض الخلاصات عند الاقتضاء, وبالتالي فلسنا في تأويل وتأويل مضاد، فنعتقد أن التأويل القانوني للنصوص القانونية، وبالخصوص الدستورية منها، هو مسألة مهمة أساسية وضرورية. هكذا? فالتأويل والتأويل الآخر أمر إيجابي، خاصة إذا كان يجري بين مهمتين وعلى شيء من الاطلاع بالفقه القانوني بارتباط بالعلم السياسي وغير بعيد عن تتبع مظاهر وتقلبات الممارسات السياسية ومسالكها المتنوعة والشائكة أحياناً. فالاختلاف إن حصل بين «»الفقهاء»« فهو رحمة، فلا ضرر من أن يتم الحوار والنقاش في الأمور العامة في نطاق علمي، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. ومن المفيد أن نؤكد في بداية هذه الملاحظات التي نتابع فيها الحوار انطلاقاً من ملاحظات زميلنا الأستاذ عبد العزيز المغاري, أن تحليلنا الوارد في الرأي حول مسألة تحديد تاريخ انتخاب أعضاء مجلس النواب القادم، كان تحليلا قانونياً بالأساس، دون أن تغرب عن بالنا جوانبه السياسية، لكن في نفس الوقت، حرصنا على أن لا نحشر فيه أهدافاً أو أغراضاً سياسية، فغايتنا باستمرار هي التعبير علمياً عن الشعور بواجب التنبيه إلى شأن من شؤوننا العامة، من خلال عرض وجهة نظر، قد تحتمل الصواب، كما تحتمل الخطأ، اقتنعنا بها في انتظار تغييرها أو تعديلها إذا حصل لدينا اقتناع بالتخلي عنها وتبني غيرها بناء على حوار ونقاش لا يمكن أن يكون إلا مفيداً. إن الملاحظات القيمة للزميل الأستاذ عبد العزيز المغاري تدفعنا الى توضيح وتأكيد رأينا في موضوع النقاش بجوانب سياسية, إضافة إلى الجوانب القانونية السابقة، مع الرجوع إلى تأكيد بعض الجوانب القانونية، منها ما لا نتعارض فيها مع الزميل العزيز، ومنها ما يستلزم المزيد من الحوار والنقاش الفقهي بكل احترام وتقدير. فالاتفاق حاصل بيننا على أن يعمل كل من القانون التنظيمي القادم لانتخاب أعضاء مجلس النواب، ونظيره لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين على تقنين السند القانوني والدستوري منه بالخصوص لتحديد إجراء الانتخابات البرلمانية لأعضاء كل من المجلسين، ليس فقط الانتخابات الجزئية لملء المقاعد الشاغرة، بل أيضاً الانتخابات الكاملة المبكرة قبل أوانها عند الاقتضاء لكلا المجلسين أو لأحدهما. وهذا ما اقترحناه أخيراً في ملاحظات وثقناها في ورقة إجمالية بشأن مشروع القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب، المطروح للمناقشة الآن والتوافق قبل عرضها في مختلف المراحل التي يجب أن يمر فيها دستورياً من مجلس الحكومة ثم مجلس الوزراء قبل عرضه على البرلمان. ولقد مررنا تلك الورقة قبل اطلاعنا على ورقة الأستاذ عبد العزيز المغاري. ونقترح أن نسجل في هذه الورقة مجموعة من النقط من أجل إغناء الحوار وتبادل الآراء، بصفة مفتوحة، لتساهم الخلاصات المتبادلة في تنوير المهتمين والفاعلين بالجوانب القانونية وحتى السياسية لم لا؟ في مسألة تهم الشأن العام وحسن تدبير المؤسسات الدستورية ببلادنا، والتي تعززت بالاصلاحات الدستورية المهمة التي جاء بها دستور 29 يوليوز 2011، والتي لن تكون إلا انطلاقة جديدة متميزة نحو إصلاحات سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية لا مناص منها. 1- إن مسألة حل مجلس النواب الحالي, موضوع النقاش, تنطلق وتعتمد على مجموعة من الفصول في الدستور، انطلاقا بالأساس من الفصل 176 والذي يرتبط في مضمونه ونصه بنص الفصل (51)، وهذا الأخير يحيل بدوره إلى ثلاثة فصول أخرى: 98/97/96. ولهذا لابد من الأخذ بعين الاعتبار في تعزيز الرأي الذي أولينا به في موضوع حل مجلس النواب الحالي بظهير ملكي، ... لتحديد تاريخ تجديد انتخابات أعضاء مجلس النواب بكاملهم. وعلى أساس أن تبقى حاضرة في الأذهان أيضا مقتضيات الفصل (62) من نفس الدستور وبالخصوص فقرته الأولى التي تنص بكل وضوح ولا تحتاج إلى تأويل والتي تضع قاعدة وأساسا دستوريا يسمو على باقي القواعد القانونية بمختلف جوانبها كمايلي: «»ينتخب أعضاء مجلس النواب بالاقتراع العام المباشر لمدة خمس سنوات وتنتهي عضويتهم عند افتتاح دورة أكتوبر من السنة الخامسة التي تلي انتخاب المجلس«« 2 - لو أن الفصل (176) الذي جاء ضمن المقتضيات الانتقالية والختامية في الدستور الحالي، لم ينص في نهايته على مايلي: «»وذلك دون الإخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور«« سيكون حينئذ الرأي الذي طرحناه لا سند له، وسيصبح غير صحيح، ولا يحق لنا أن ندافع عنه، وبالتالي لا محل دستوريا للأخذ برأي «»حل مجلس النواب الحالي«« ولكن مع ذلك سنصطدم بمنطوق ومضمون الفقرة الأولى من الفصل 62 المشار إليه أعلاه. 3 - لا خلاف في أن الفصل 176 من الدستور جاء ليجعل استمرار مجلسي البرلمان الحاليين في فترة انتقالية بالاختصاصات المخولة لهما حاليا في ظل دستور 1996 وفي قانونيهما التنظيميين المتعلقين بالمجلسين المذكورين، وذلك لأن هذا الفصل ( 76) يؤكد على مايلي:: «»يستمر المجلسان القائمان حاليا في ممارسة صلاحياتهما، ليقوما على وجه الخصوص بإقرار القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديدين» فلم تغب عنا هذه الفقرة، ولقد قدمناها وذكرناها ضمن النص الكامل لهذا الفصل 176. 4 - لو أن الفصل 176 هذا تمت صياغة بعض مقتضياته التالية» »دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصل 51 من هذا الدستور««، بصيغة أخرى مثل»دون إخلال بالأحكام المنصوص عليها في الفصلين (71و72) من دستور 7 أكتوبر 1996«« مادام الأمر يتعلق بمرحلة انتقالية، يؤجل فيها تفعيل الدستور الجديد فيما يتعلق بممارسة مجلسي البرلمان «القائمان» حاليا إلى حين تنصيب مجلسي البرلمان الجديد، وعند ذلك يمكن الدفع بضرورة تطبيق الواقع للفصل (71) من دستور 1996 الذي جاء فيه: «»للملك بعد استشارة رئيسي مجلسي البرلمان ورئيس المجلس الدستوري وتوجيه خطاب للأمة أن يحل مجلسي البرلمان أو أحدهما بظهير شريف«« 5 - من المعلوم أنه لن يكون هناك فراغ خلال المرحلة الانتقالية في انتظار تنصيب المحكمة الدستورية المنصوص عليها في الدستور الحالي إذ «»يستمر المجلس الدستوري القائم حاليا في ممارسة صلاحياته»« تطبيقا للفصل 177 من الدستور الحالي. وبالتالي فإن استشارة رئيسي مجلسي البرلمان الحالي من قبل جلالة الملك واردة قبل حله عند الضرورة قبل نهاية الولاية التشريعية الحالية، وكذلك استشارة رئيس المجلس الدستوري الحالي واردة، لأن هذا الأخير يقوم خلال الفترة الانتقالية ببعض الاختصاصات التي يوكلها الدستور الحالي إلى المحكمة الدستورية القادمة، وبالتالي لا يلزم انتظار تنصيب المحكمة الدستورية ليمكن بعد ذلك حل مجلسي البرلمان أو أحدهما. لهذا, يصعب ,دستوريا, أن يتم تعليق حق جلالة الملك الدستوري في حل مجلسي البرلمان الحالي أو أحدهما إلى حين أن يتم تنصيب المحكمة الدستورية, وذلك عند الضرورة ولعدة أسباب: لحسن سير المؤسسات الدستورية قانونيا وسياسيا. 6 - لا نختلف مع زميلنا الاستاذ عبد العزيز المغاري بأنه لا يمكن أو بالتدقيق يصعب سياسيا في الظروف الحالية أن يتم حل مجلسي البرلمان الحالي أو أحدهما قبل إقرارهما وبالخصوص «القوانين اللازمة لتنصيب مجلسي البرلمان الجديد» تطبيقا للنص الوارد في الفصل 176 المذكور. وبالتالي من اللازم سياسيا, والمنطقي قانونيا, أن يتم انتخاب مجلسي البرلمان القادم وفق مقتضيات القوانين التنظيمية الجديدة المكملة والمطبقة للدستور الحالي وبالخصوص الفصلين 62 و63. 7 - هناك اشكالية مهمة طرحها الزميل الأستاذ عبد العزيز المغاري وهو محق في طرحها وهي: كيف يمكن الجمع بين مجلس نواب جديد بناء على قانون تنظيمي جديد ومجلس مستشارين قديم؟ هنا لابد من التذكير بأن جلالة الملك محمد السادس، في خطاب العرش الأخير ليوم 30 يوليوز 2011 أكد فيما يتعلق بجدولة مختلف الاستحقاقات الانتخابية القادمة، على أن تتم» »وفق جدولة محددة يتم إتمامها بتنصيب مجلس المستشارين بتركيبته الجديدة قبل متم سنة 2012«« وللإجابة المختصرة والمفيدة عن التساؤل المطروح هنا، فالمنطق القانوني والحكمة السياسية يفرضان بالضرورة أن يكون مجلسا البرلمان معا منتخبين طبق القانونين التنظيميين الجديدين المطبقين للدستور الحالي وبالخصوص لفصليه )62( و)63(، وذلك ليفتح الباب واسعا لتفعيل الدستور في الجانب المتعلق بممارسة السلطة التشريعية لصلاحياتها الدستورية المقررة في الدستور الجديد الحالي. من جهة أخرى، على فرضية إجراء انتخابات أعضاء مجلس النواب في التاريخ «»الملوح به«« يوم 25 نونبر 2011. فهناك عدة تساؤلات تطرح: 1- هل يستمر مجلس المستشارين القائم حاليا بممارسة الاختصاصات المخولة بمقتضى دستور سنة 1996 ونظامه الداخلي الحالي؟ في حين أن مجلس النواب الجديد يمارس اختصاصاته الجديدة وفق مقتضيات الدستور الجديد ,دستور 29 يوليوز 2011. 2- أم هل يمارس مجلس المستشارين القائم حاليا اختصاصات مجلس المستشارين طبقا لما هو مقرر في الدستور الحالي؟ لا نجد سندا دستوريا لذلك في الدستور الحالي. 3 - أم هل من الضروري أن يوافق البرلمان القائم حاليا بمجلسيه الحاليين على كل من القانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس النواب والقانون التنظيمي لانتخاب أعضاء مجلس المستشارين؟ الإجابة عن هذا السؤال الأخير نجدها بكل صراحة سهلة, لأن الفصل (176) من الدستور الحالي يجيب عن السؤال بكل وضوح بالايجاب. 4 - هل من الممكن اجراء انتخابات جديدة لأعضاء مجلس المستشارين في القريب المنظور، سيكون البرلمان القادم جاهزا بمجلسيه الجديدين مباشرة بعد 25 نونبر 2011» »المقترح»« فيها اجراء انتخابات أعضاء مجلس النواب؟ الجواب هنا يمكن أن يتم من جانبين: قانونيا, يمكن حل مجلس المستشارين الحالي بناء على نفس القواعد التي يمكن أن يتم فيها حل مجلس النواب، والتي سبق أن بيناها في ورقتنا الأصلية، وذلك تطبيقا للفصل (176) من الدستور الحالي الذي يحيل في ذلك الى الفصل (51). وبالتالي يحيل هذا الأخير تفصيلا لذلك الى مقتضيات الشروط المقررة في الفصول 96/97 /98كما أشرنا الى ذلك سابقا. لكن سياسيا وعمليا، وفي إطار التأويل الديمقراطي للدستور, كما حرص على أن يؤكد ذلك جلالة الملك محمد السادس في خطاب العرش الأخير ليوم 30 يوليوز 2011, فهذا الحل غير ممكن التطبيق لأنه يستحيل انتخاب مجلس مستشارين جديد. »في ظرف شهرين على الأكثر بعد تاريخ الحل,« كما ينص على ذلك الفصل (97) من الدستور الحالي. كما تبين ذلك النقطة التالية. 8- لا يمكن اجراء انتخابات مجلس المستشارين الجديد وفقا لأحكام الدستور الحالي، إلا بالمصادقة على القانون التنظيمي الجديد لانتخاب أعضائه المنصوص عليه في الفصل (63) من الدستور. ومن جهة أخرى، وتطبيقا لهذا الفصل الأخير من الدستور. لا يمكن انتخاب أعضاء مجلس ا لمستشارين الجديد إلا بعد أن تتم انتخابات مجالس كل الجماعات الترابية: مجالس الجماعات الحضرية والقروية، مجالس العمالات والأقاليم، ومجالس الجهات. لأنه تبعا للفصل (63) من الدستور, فإن «ثلاثة أخماس الأعضاء (أعضاء مجلس المستشارين الجديد ) يمثلون الجماعات الترابية, يتوزعون بين جهات المملكة بالتناسب مع عدد سكانها ومع مراعاة الإنصاف بين الجهات. ينتخب المجلس الجهوي على مستوى كل جهة، من بين أعضائه، الثلث المخصص للجهة من هذا العدد، وينتخب الثلثان المتبقيان من كل هيئة ناخبة تتكون على مستوى الجهة من أعضاء المجالس الجماعية ومجالس العمالات والأقاليم«. والسؤال الحقيقي الذي يمكن طرحه هنا. ما هي الفائدة القانونية والسياسية، بغض النظر عن تجديد الحكومة الحالية، من التعجيل بانتخابات مجلس النواب بكامل أعضائه، إذا كان دستوريا وسياسيا لا يمكنه أن يقوم بدوره الكامل كأحد مجلسي البرلمان بدون مجلس المستشارين في حلته الجديدة؟ وفق نص وروح الدستور الجديد. لأن هذا الأخير جاء بإصلاح دستوري جديد يكمن من ضمن ما جاء فيه، في وجود برلمان واحد، و أزال كثيرا من المظاهر السابقة التي كانت توحي بوجود برلمانين اثنين، فنحن الان امام برلمان واحد، بمجلسين متكاملين وليسا متنافسين. 9 - لا تخفى عنا الفائدة السياسية والحكيمة والملحة بضرورة التعجيل بتفعيل دستورنا الجديد بكل مؤسساته ومكوناته التي ينص عليها، ولو ان الدستور الحالي جعل سقفا للمصادقة على كل القوانين التطبيقية والتنظيمية للدستور هو نهاية الولاية التشريعية القادمة. وهنا لاننسى التوجيه الملكي السامي في خطاب العرش الاخير، فيما يتعلق بمختلف الاستحقاقات الانتخابية، والتي تتوج بانتخابات مجلس المستشارين، يجب ان تتم «قبل متم سنة 2012.» وفي نطاق هاجس هذه الفائدة السياسية والدستورية وصلنا في التفكير الى وجود ثلاثة تصورات، نعرضها للنقاش في ورقة أخرى بحول الله،هذه التصورات الثلاثة لها دعائمها، ولها اسبابها ولها دوافعها وامكانياتها الدستورية والقانونية منها والسياسية. يفرض علينا الواجب الوطني ومساهمتنا المتواضعة في التأويل الديمقراطي لدستورنا الحالي بأن نعرضها للنقاش والحوار الصادق. في ورقة اخرى قادمة. وفي ختام الورقة الحالية، ننبه الى أن ورقتنا السابقة موضوع هذا الحوار، كانت تتعلق بمسألة تحديد تاريخ انتخابات اعضاء مجلس النواب القادم بتاريخ 25 نونبر 2011 واعترضتنا خلال تلك الورقة اشكاليات أخرى, اكتفينا بإشارة الى البعض منها، وقلنا في نهايتها للحديث بقية، وكنا نقصد بذلك، أن ذلك الرأي سيثير نقاشات من المهتمين والفاعلين، ونعتقد ان الامر مازال كذلك. والفضل يرجع ايضا لزميلي المقتدر الاستاذ عبد العزيز المغاري، الذي أثار هو الآخر اشكاليات قانونية اخرى لها مضاعفات سياسية، لا تخفى عنا كمهتمين بالشأن العام ببلادنا. وكمجتهدين قدر الامكان في الجوانب القانونية كباحثين. ولحسن الحظ اننا نعتز ايضا بقدر متواضع في ممارسة سياسية نعمل ونساهم من خلالها في الارتقاء بالسياسة الى درجاتها السامية لتكون في خدمة الصالح العام وتجعله فوق كل اعتبار أولا وأخيرا. وكخلاصة عامة ، لهذه الورقة، نؤكد ان مسألة تحديد تاريخ انتخابات اعضاء مجلس النواب لتعويض مجلس النواب القائم حاليا، تثير اشكالات قانونية لها توابع سياسية غير خاف عنا الكثير منها. ولحسن الحظ ان زميلي وصديقي العزيز الاستاذ عبد العزيز المغاري, فتح مشكورا هذا الحوار العلمي الجاد، وبالخصوص فهو من أحد اساتذنا المقتدرين في القانون الدستوري، وكم كنت سعيدا بوجوده بين اعضاء لجنة مراجعة الدستور لتحضير نص مشروع الدستور الحالي، بالتالي فهو ادرى مني بجزء كبير من الاعمال التحضيرية للدستور الحالي. وبالمناسبة، اوجه نداء من خلال هذه الورقة الى أن يتوفر الباحثون والمعنيون بالامر على تقرير اجمالي حول الاعمال التحضيرية للجنة الاستشارية لمراجعة الدستور، التي عملت عملا جيدا، لنتمكن كباحثين او ممارسين او متتبعين او مهتمين بصفة عامة من التوفر على معطيات تساعدنا بالفعل في التأويل الديمقراطي الموضوعي لنص الدستور الحالي، والوفاء لروحه. والتفكير في تطويره واصلاحه عند الاقتضاء، باعتباره عملا بشريا معرضا للنقص مثل ماهو معزز بالصواب. لحسن الحظ أيضا, فإن زميلي عبد العزيز المغاري، هو في نفس الوقت رئيس جمعية المهتمين والباحثين في القانون الدستوري وعطاؤها ملحوظ في كشف الاضواء على كثير من القضايا الدستورية وفي العلوم السياسية. والتي تواكب باستمرار الاحداث الوطنية في هذا المجال. لا يمكن الا ان ننوه ونشجع ونعترف بالمجهود الذي يقوم به السيدات والسادة الاساتذة الباحثون في هذا المجال. وفي هذا الاطار، انطلاقا من الاشكاليات المطرحة في ورقة الاستاذ عبد العزيز المغاري وورقتي المتواضعة بشأن وجهة نظر شخصية في الموضوع، اقترح على الزميل عبلدا لعزيز المغاري رئيس الجمعية المذكورة وعلى الاخوان و الاخوة المشرفين على تسيير هذه الجمعية العلمية, عقد ندوة علمية حول مائدة مستديرة لمناقشة وتبادل الرأي في مجموعة من الاشكاليات التي ظهر البعض منها في هذه التأملات الحوارية ومنها بالخصوص اقتراحات المحاور التالية: 1 - المرجعية الدستورية والسند القانوني لتجديد انتخابات مجلس النواب وتحديد تاريخ هذه الانتخابات 2 - دور البرلمان القائم حاليا بمجلسيه مع دخول دستور 29 يوليوز 2011 حيز التنفيذ ابتداء من 30 يوليوز 2011 3 - امكانية وجود برلمان. بمجلس نواب جديد منتخب يوم 25 نونبر 2011 مع الاحتفاظ بمجلس المستشارين القائم حاليا الى حين تجديده 4 - تفعيل الاساس ومكونات مجلس المستشارين القادم والواردة في الدستور الحالي (الفصل 63) 5- التصورات الدستورية: والقانونية و السياسية لجدولة زمنية لمختلف الاستحقاقات الانتخابية القادمة والتي تكتمل بانتخابات مجلس المستشارين الجديد القادم قبل متم سنة 2012 تطبيقا للتوجيهات الملكية السامية الواردة في خطاب العرش الاخير ليوم 30 يوليوز 2011 6 - مسألة حل البرلمان، بمجلسيه او احدهما من الوجهة القانونية والسياسية انطلاقا من تفعيل الدستور الحالي. وبالاضافة الى هذه الندوة في موائد مستديرة، لتبادل الرأي علميا وسياسيا في المحاور المذكورة، من المفيد والمؤمل أن تفكر الجمعية المذكورة وتعمل على عقد ندوة علمية حول «مستلزمات تفعيل الدستور الحالي والتأويل الديمقراطي لمضامين الاصلاحات الدستورية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي جاء بها««. ولعل ذلك سيكون مساهمة فعلية وبناءة من قبل الاخوان والاخوة أعضاء الجمعية، تعزيزا للنقاش العلمي والواسع، ومساهمة علمية في تعزيز مضامين الدستور الجديد، نصا وروحا، وإبراز معالم و مسالك وقواعد، ولم لا أخلاقيات وضوابط التأويل الديمقراطي للدستور. ومع كامل التقدير والشكر للزميل عبد العزيز المغاري على ملاحظاته، وعلى فتحه للحوار في قضايا من قضايا شؤوننا العامة.