مريم الرقيوق - الرباط/ 28 يونيو 2014 /ومع/ ليس في متناول الجميع الحصول على شهادة الباكالوريا بميزة حسن، خاصة في حالة معاناة ناجمة عن الإعاقة، وعن إعاقة من نوع "متلازمة داون" أو" ثلاثية الصبغ 21 "، لكن ياسمين برواي تمكنت من أن تكون عنوانا لتفوق دراسي تحدى بالإرادة والأمل الإعاقة وإكراهاتها . فياسمين البراوي، التلميذة التي تتابع دراستها بإحدى ثانويات الدارالبيضاء، كانت واعية بحجم المسؤولية المزدوجة الملقاة على عاتقها، وهي تتقدم لاجتياز امتحانات السنة الثانية باكالوريا التي نظمت مؤخرا؛ إذ كانت، من جهة، تسعى إلى جعل والديها يفخران بها، ومن ثمة ورد الاعتبار لهما على تضحياتهما من أجلها، ومن جهة أخرى إفحام كل من تراوده بذرة شك في أن شابة تعاني من إعاقة "ثلاثية الصبغ 21″ لا تقل ذكاء وقدرة على التعلم من بنات جنسها. ربحت ياسمين الرهان، وتلقت وأسرتها، بفرحة عارمة، خبر نيلها شهادة الباكالوريا بمعدل " 3ر12 " في شعبة العلوم الفيزيائية، منهية بذلك مسارها الدراسي الثانوي على إيقاع التميز. وكشف والدها، جمال براوي، الذي نقل لوكالة المغرب العربي للأنباء ،"فرحته الغامرة" بنجاح فلدة كبده، بأنها كانت على الدوام متفوقة في دراستها، بدليل حصولها على ميزة "حسن" في السنة السادسة من السلك الابتدائي وعلى ميزة "مستحسن" في السنة الثالثة من السلك الإعدادي، معتبرا ذلك إنجازا هاما بالنظر إلى الإكراهات المتصلة بإعاقتها. وقال والد ياسمين إن هذا الإنجاز يثير الإعجاب على اعتبار أن ابنته لم تحظ بأي دعم خاص أو "معاملة تفضيلية" داخل المؤسسة التي تتابع بها دراستها، مضيفا "لقد كنا دائما أنا ووالدتها سندها الخاص على المستويين المادي والمعنوي، وحرصنا، علاوة على ذلك، على أن يتم التعامل معها على قدم المساواة مع باقي التلاميذ الآخرين،على اعتبار أنها تلميذة كباقي التلاميذ". وإذا كانت ياسمين، قد أصبحت تلميذة متفوقة، اليوم، فلأنها حظيت منذ نعومة أظفارها بعناية أبوية خاصة. فعند ولادتها، "أسر لنا الأطباء"، يقول والدها، ب"أنها لن تكون أبدا مثل باقي الأطفال، وأنه لن يكون لها نفس تصرفات نظرائها من نفس السن"، مؤكدا أنه لم يستسلم ووالدتها، بل وخلافا لبعض الآباء الذين ما إن يعلموا بإعاقات أبنائهم حتى يبادروا إلى إخفائهم عن الأنظار، "جاهدنا لضمان تعليم عادي لياسمين، وبعد دورات من التربية النفسية والدعم الطبي النفسي، إلى جانب التسلح بالأمل والإيمان القوي، تمكنا بفضل الله من التغلب على وقع هاته الإعاقة على ابنتنا". ومن أجل التخفيف من حجم العبء الملقى على كاهل أولياء التلاميذ المصابين ب"متلازمة داون 21″، يأمل والد ياسمين في أن يتم تطوير بنيات مخصصة لدعم مثل هذه الأسر داخل المؤسسات التعليمية. ويصر والد ياسمين على التأكيد بأن الدرس الذي يتعين استخلاصه من هاته التجربة الرائعة التي كانت فيها الكلمة الأخيرة للإرادة والأمل، هي أن "التكفل بطفل مصاب ب"متلازمة داون 21 "، وتوجيه خطواته على درب النجاح، وإن بدا صعبا ومكلفا، فإنه طوع اليد شريطة التسلح بالشجاعة والإرادة، وحيثما كانت الإرادة يكون الحل".