يمنح الدين الإسلامي للوالدين حق استخدام سلطتهما الرمزية في التعامل مع أبنائهما وردعهم افي حالة الخطأ، لكن بعض الآباء يقومون باستغلال سلطة «السخط والرضا» كورقة ضغط على الأبناء من أجل تحقيق مصالحهم الشخصية حتى لو من باب العناد. في ما يلي يفسر الأستاذ عبد الباري الزمزمي الحالات التي يعطي فيها الإسلام للأبوين الحق في إشهار هذه الورقة في حق الأبناء. شرع الإسلام طاعة الوالدين بقيد وبشرط، وليس الطاعة المطلقة، فحتى الطاعة للرسول كانت مقيدة وليست مطلقة فقد قال الله تعالى في النساء اللواتي بايعن الرسول «يعاهدن الله على أن يبايعنك في معروف» ولم يقل يبايعنك فقط لذلك فالطاعة هنا مقيدة بالمعروف، وطاعة الوالدين أيضا مقيدة بإرضاء الإبن لوالديه في مصالحهما ومطالبهما المشروعة التي أحلها الله لهما في حدود قدرته واستطاعته، أما طاعتهما فيما عدا ذلك وهو الشائع في الأسر المغربية حاليا وخاصة في ما يتعلق بالزواج والطلاق، فلا يلحق الإبن في هذه الحالة لا السخط ولا الرضى لأن الزواج والطلاق هو شأن من شؤون الإبن وحده، ولا يمكن للأبوين التدخل فيه إلا بالنصيحة، فكل ما هو من خصوصيات الأبناء لا ينطبق عليه حكم السخط والرضى. واستعمال الأبوين لورقة «السخط والرضى» ضد أبنائهما بغير حق يعتبر ظلما واستبدادا لأنه حتى الوالدان مأموران بالعدل بين الأبناء فهما غير معصومين من الخطأ ولا يعفيان من المسؤولية أمام الله بسبب الظلم الذي يلحقانه بأبنائهما. ويحق للآباء استخدام ورقة «السخط» في وجه أحد أبنائهما إذا تعلق الأمر بمصالحهما والإنفاق عليهما من طرف ابنهما المقتدر الذي يستطيع توفير ظروف عيش أحسن لوالديه، لكنه يرفض مد يد العون لهما، خاصة مع انتشار ظاهرة تخلص الأبناء من آبائهم برميهم في دار العجزة والمسنين وهذا يعتبر عقوقا، وإذا ما سخط الأب على ابنه هنا، فمن حقه فعل ذلك لأن من واجب الولد أن ينفق على والديه في كبرهما وعجزهما عن تأمين مصروفهما. وعموما إذا كان الإبن مظلوما فلا جناح عليه ويجب عليه ألا يخاف من «السخط» لأن الأب هو الملوم هنا، لأنه هو الذي يستغل هذه الورقة في غير محلها ويستعمل هذا الحق بدون موجب وهو الذي يتحمل المسؤولية لأنه جانب الصواب، ولم يكن عادلا في موقفه. حاورته مجيدة أبوالخيرات *رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في فقه النوازل وعضو مجلس النواب عن حزب النهضة والفضيلة