بعدما تعالت الخلافات داخل الساحة السياسية بشأن موعد الانتخابات التشريعية المقبلة بين طرح يدعو إلي إجرائها في شهر أكتوبر المقبل، وطرح آخر لايشاطره نفس الرؤية ويطالب بالتريث وتأجيل اجرائها حتي مارس المقبل، جاء الخطاب الملكي لأول أمس ليقوم بالتحكيم بين الطرفين من خلال دعوته للتعجيل بالانتخابات. لم يتضمن الخطاب الملكي أي إشارة إلى تاريخ محدد تجري فيه الانتخابات التشريعية المقبلة ، لكن التعجيل بهذه الاستحقاقات يفهم من عدة سياقات جاءت في الخطاب والتي تسير في اتجاه اجرائها في أكتوبر المقبل ، وهو التاريخ الذي سبق للحكومة أن اقترحته على الأحزاب السياسية في لقاءات التي جمعت وزير الداخلية بأمنائها العامين وحاولت جاهدة إقناعها بقبول هذا التاريخ. دعوة الخطاب الملكي إلي التعجيل بالانتخابات ساق لها مجموعة من المبررات التي تجعل من هذا التعجيل مقبولا للشروع في تنزيل المؤسسات الدستورية الجديدة التي لم تعد تحتمل التأجيل بعد المصادقة على الدستور الجديد في الاستفتاء الشعبي لفاتح يوليوز الماضي. أولى مبررات هذا التعجيل التي ساقها الخطاب، هي الالتزام بسمو الدستور روحا ومنطوقا، كنهج قويم ووحيد لتطبيقه، ثم مرورا بالعمل على إيجاد مناخ سياسي سليم، جدير بما أفرزه هذا الدستور من مغرب جديد والالتزام بتجسيد جوهره المتقدم على أرض الواقع ، وانتهاءا بالعمل بروح التوافق الإيجابي، على تفعيل المؤسسات الدستورية، بالاعتماد الجيد للنصوص القانونية والإصلاحات السياسية الهادفة لانبثاق مشهد سياسي ومؤسسي جديد وسليم، جدير بالدستور المتقدم. كل هذه المبررات التي جاء بها الخطاب لم تكن بدون هدف استراتيجي، بل جاءت لتصب في خانة واحدة في النهاية وهي تفادي أي «تباطؤ من شأنه رهن دينامية الثقة، وهدر ما يتيحه الإصلاح الجديد من فرص التنمية»، ويضيف الخطاب أن «كل تأخير سيتنافى مع الطابع المؤقت للأحكام الانتقالية للدستور». وإذا كان الخطاب قد دعا في أكثر من موضع إلى التعجيل بالانتخابات ، فمرد ذلك المسلسل الطويل من الاستحقاقات التي ستليها، والذي حدد له جلالة الملك في خطابه أن ينتهي قبل متم سنة 2012 بتنصيب مجلس المستشارين، فإن هذا التنصيب يبقى رهينا بمصادقة البرلمان والحكومة المقبلين على القوانين التنظيمية والتشريعية المرتبطة بالجهوية والجماعات الارابية الأخرى وكذلك بالعرفة الثانية.