بعد مشوار تحقيقات طويل استمر قرابة سنة، يستعد سكان مديونة ومعهم الرأي العام الوطني لدخول غمار مسلسل جديد في القضية التي صارت تعرف « بجرائم مديونة». فبعد أن حبسوا أنفاسهم وهم يكتشفون الجديد في سلسلة الجرائم المثيرة التي شهدها دوار الهاشمي، سيستمر حبس الأنفاس داخل قاعات المحكمة ابتداء من الخامس من شتنبر القادم. الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، وبناء على مقتضيات الفصل 214 من قانون المسطرة الجنائية، قرر إحالة المتهم الرئيسي في الجرائم عبد العزيز التجاري، ومعه خمسة أظناء على العدالة بعد انتهاء التحقيق التفصيلي معهم، في التهم المختلفة المنسوبة إليهم. في هذه القضية المثيرة يقف المتهمون في صفين مشتركين بسلسلة الجرائم لكن دون ارتباط. يقف أولا ثلاثة أظناء سيتابعون بتهمة التزوير في الوثائق الرسمية والارتشاء و والمشاركة وعدم التبليغ عن جريمة. في الصف الثاني، يقف متهمان بتكوين عصابة أجرامية والاختطاف والقتل العمد مع سبق الإصرار والترصد والمشاركة. ليبقى المتهم الرئيسي صاحب القسط الأوفر في التهم : تسعة بالتمام والكمال، لا تقل واحدة عن الأخرى قوة وخطورة، مثل تكوين عصابة إجرامية والاختطاف والقتل العمد والتزوير في وثائق رسمية والتزوير واستعماله والتهديد بالقتل والارتشاء والتحريض عليه. تهم ثقيلة، قد تعطي فكرة عن نوع الحكم الذي ينتظر المتهم الرئيسي، لإنهاء مسار قضية شغلت الرأي العام بغموضها والحرص على عدم تسريب الأخبار من التحقيقات، التي باشرتها أولا الشرطة القضائية لأمن بن مسيك، ثم الفرقة الوطنية، لتنتهي فوق مكتب قاضي التحقيق. «لكن القضية تتجه إلى المحكمة وسط غموض الكثير من حيثياتها !!» تؤكد عائلة عبد اللطيف وهراني، أحد الأظناء الستة، الذي قرر الشروع في إضراب عن الطعام منذ يوم أمس الاثنين في سجن عكاشة حيث يوجد رهن الاعتقال حاليا. « لا يمكن الاكتفاء بتصريحات المتهم الأول التي تورط عبد اللطيف ليحال على المحكمة في التهم الرئيسية المتعلقة بالاختطاف والقتل وتكوين العصابة» تشير مصادر من عائلة وهراني. « عبد العزيز باغي غير يورط اللي كان معاه باش ما ياخدش أقصى العقوبات بوحدو ولأسباب انتقامية» تضيف المصادر على حد تعبيرها، فيما يبدأ الظنين إضرابا عن الطعام للأسباب نفسها، إذ صرح في آخر لقاء مع محاميته، أن اعترافاته قد تكون سجلت ضده، بالرغم من أنه ينفي أية علاقة له بجريمة القتل، لكنه يصر على علاقته بالمتهم الرئيسي الذي جمعته به ظروف عادية، قد تجمع أي شخصين ينتميان إلى نفس المنطقة. غير أن صرخة الظنين السادس لا تجد صدا في محضري الضابطة القضائية، المستفاد منهما أن المتهم الرئيسي كلف وحرض والمتهمين معه، من ضمنهما عبد اللطيف وهراني، باستدراج الضحية خليل باجي واحتساء الخمر معه بهدف تصفيته لاحقا، وإخفاء معالم جثته. لكن تصريحات المتهمين تنفي حصول شيء كهذا، وهو ما يؤكده المحضران، وملتمس النيابة العامة النهائي في موضوع ملف التحقيق، مع الإشارة إلى أن إنكار المتهمين خلال مراحل الاستنطاق الابتدائي والتفصيلي ما هو إلا محاولة للتملص من المسؤولية الجنائية. مسؤولية تصر عائلة وهراني ومحاميته على بطلانها، متعللة بوجود جثة ثانية والسكوت عن جريمة ثالثة محتملة ترتبط باختفاء عم المتهم الرئيسي منذ ثلاثة عقود.