الدخان يطارد سكان «كاريان سنطرال» أينما حلوا واترحلوا. فرغم انتقالهم من البراريك إلى شقق حديثة البناء بمشروع الهراويين، ظلت تلك الكلمة المرتبطة دائما بالحرائق تنغص عليهم غاية الاستقرار بالسكن اللائق. لم يكن الأمر هذه المرة يتعلق بلعنة «العافية»، التي اكتووا على مدار عقود من بأس تحويلها لدورهم الصفيحية إلى مخلفات متفحمة وبقايا رماد وسحابات خانقة، لكن المشكلة الحالية أنهم أصبحوا بسبب «الدخان» أيضا محرومين من الربط بشبكة الكهرباء، بعد رفض السلطات المحلية بجماعة الهراويين منحهم رخصة السكن (بيرمي دابيتي)، لأنهم خالفوا تصميم البناء، الذي يحتم عليهم ترك منفذ داخل كل منزل لتسرب الأدخنة في حالة نشوب حريق. «لعنة الدخان» التي وقفت لحد الآن حجرة عثرة في طريق العشرات من مرحلي كاريان سنطرال، الذين أنهوا بناء منازلهم بمشروع الهراويين، من أجل ربط مساكنهم ب«الضو»، يشرح ظروفها الإدارية والتقنية والقانونية «مصطفى حصاد» رئيس جماعة الهراويين، الذي صرح لجريدة الأحداث المغربية في اتصال هاتفي «أن المستفيدين من إعادة الإسكان، لم يحترموا أثناء بناء منازلهم التصاميم، التي تتضمن جزءا هندسيا ضروريا، مخصص كمنفذ لتسريب الأدخنة في حالة اشتعال النيران بالمسكن، ولهذا امتنع المهندس المشرف على الشطر الأول منح المخالفين شهادة انتهاء البناء، التي تعد شرطا أساسيا في ملف طلب رخصة السكن من مصالح الجماعة من أجل ربط مساكنهم بقنوات الكهرباء والماء، حيث لم يستفد من هذه الخدمة إلا حوالي 49 أسرة ممن احترموا تصاميم البناء..». هؤلاء المحرومين من التزود بالكهرباء على وجه الخصوص، لم يضعوا في بالهم أثناء بناء منازلهم، أن احتمال مخالفة التصميم الهندسي في شقه المتعلق بمنفذ تسريب الدخان، سوف يعرقل إجراءات الحصول على رخصة السكن. فهذا الدخان الذي كان دائما نذير شؤم على سلامة دورهم الصفيحية وأفرشتهم البئيسة وسلامتهم البدنية خلال حرائق الكاريان، أصبح اليوم إغفاله كجزء بسيط في البناء مشكلة إدارية وقانونية تحول دون استفادتهم من التزود بالكهرباء والماء، وبالتالى على حد رأي رئيس جماعة الهراويين، ستكون في المستقبل إشكالا آخر، قد يحرمهم من تسجيل منازلهم بالمحافظة العقارية بسبب مخالفتهم لتصميم البناء.