بنظارات شمسية ولباس شبابي، ظهر الملك محمد السادس يتجول في شارع الحبيب بورقيبة بتونس متحررا من البروتوكول وثقل الحراسة الأمنية، وفي مشهد أكثر إثارة، بدا الملك في إحدى لحظات تجواله محاطا بمواطنين تونسيين يلتقطون معه الصور، حتى أنه ظهر هادئا مطمئنا وهو يضم إليه طفلة تونسية ليلتقط لها والدها صورة مع ملك المغرب. صور الملك محمد السادس وهو يتجول متحررا من البروتوكول ليست بالجديدة، في جولته الإفريقية انتشرت عشرات الصور عبر مواقع التواصل الاجتماعي تبرز الملك في جولات خاصة، أو أنه يلتقط صورا مع مواطنين مغاربة في تلك البلدان، لكن التجوال في تونس له دلالته الخاصة، إنه فعل سياسي ورسالة رمزية. «مخاطرة كبيرة» هكذا بدا بعضنا هنا في المغرب خائفا على ملكه في بلد لم يستطع فيه وزير الداخلية لطفي بنجدو حماية بيته من الاقتحام المسلح في محاولة لاغتياله، ففي تونس بالذات يتقن الإرهابيون فنون التنكر والمباغثة، حتى أنه البلد العربي الذي عرف أكبر عدد من الاغتيالات السياسية للمعارضين منذ سقوط نظام زين العابدين بنعلي. وللتخوف ما يبرره، فتونس تدفع اليوم ثمن الانهيار السياسي والأمني في ليبيا، وعلى الحدود التونسية الليبية والتونسية الجزائرية تخوض قوات الجيش والشرطة مواجهات مفتوحة مع تنظيمات جهادية أعلنت ولاءها لتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، لكن الملك محمد االسادس لديه موقف حازم مما يحدث في بلد قال عنه أمام المجلس الوطني التأسيسي إنه عزيز على قلبه. المغرب وتونس لا يخافان الإرهاب، وملك المغرب يدعم تونس في انتقالها الديمقراطي وحربها على التطرف. فقبيل انطلاق الزيارة الملكية لتونس، تعرض وزير الداخلية لمحاولة اغتيال ولقي أربعة عناصر أمن حتفهم في هجوم إرهابي، حينها ساد الاعتقاد بأن القصر الملكي سيصدر بلاغا يعلن فيه تأجيل الزيارة لأسباب أمنية، لكن الملك اختار الإبقاء على برنامج زيارة تونس في أيام حدادها الوطني، بل وقرر أن يذهب بكامل الثقل الملكي وهو يصطحب معه ولي العهد الأمير مولاي الحسن والأمير مولاي رشيد. لكن محمد السادس اختار أن يذهب للمدى الأبعد من الزيارة في حداد وبوفد ملكي وازن، لقد قرر النزول إلى الشارع في بلد يتحاشى زعماء العالم زيارته خوفا على أمنهم الشخصي، ملك المغرب قالها في المجلس التأسيسي وأكدها في شارع الحبيب بورقيبة: تونس بلد آمن رغم حمقى الله والدم، وتونس ماضية في انتقالها الديمقراطي مطمئنة إلى شريك مغربي اختارها حليفا من أجل الديمقراطية والسلام. التونسيون التقطوا الرسالة. مواطن تونسي شرع في تصوير جولة جلالة الملك بهاتفه النقال معلقا: «هاديك حاجة باهية لتونس.. الملك يحوص في تونس.. حاجة باهية..». يونس دافقير