كلما رغب المتطرفون في تحريك رواج تجارتهم الكاسدة لجؤوا إلى الدين، وكذلك كان في سوريا والمشجب هو جزارها بشار الأسد. سوريا اليوم تحولت إلى معسكر تنجز فيه القاعدة والجماعات الموالية لها تمارين يومية. والظاهر أن مسلسل «الجهاديين» المغاربة الذين يرحلون إلى سوريا من أجل قضية مشبوهة طبعوها بطابع ديني مازال مستمرا، مادام بعض الفاعلين الأساسيين في بلادنا يركنون إلى الصمت. غسيل الدماغ واللعب على إغرائين الأول مادي والثاني أخروي مازال في بلادنا يجذب العديد من الشبان، بل طال في هذه الأيام فتيات اخترن الرحيل إلى هذه البؤرة الساخنة. طالبة هندسة تشد الرحال من خريبكة إلى الشام. رسالة هاتفية تلقتها إحدى صديقاتها تفيد بوجودها في تركيا واستعدادها لدخول سوريا، كشفت هذا الفصل الجديد من الاستقطاب النوعي. هكذا تواصل آلة الغسيل عملها لتذكي الحرب الدائرة هناك بأجساد مغربية خرب المتطرفون دماغها. منذ شهور يتداول الاعلام المغربي أخبار هذا الجسر الجوي للمقاتلين نحو سوريا، المتطرفون يشحدون الدعم المادي ويوفرون اللوجستيك لمثل هذه الرحالات ويؤدون أجور «الجهاديين» حتى إذا قتلوا في المعارك وعدوا بأجر في الآخرة. مقابل هذا الاسهال الاعلامي، يلتزم فقهاؤنا وأعضاء المجلس العلمي الأعلى الصمت، ويتابعون أخبار هذا الانتحار اليومي دون رد فعل يذكر، في حين يٌعتبرون الأجذر في الرد على المتطرفين الذين يتاجرون بالدين ويرسلون أبناءنا إلى حتفهم. ماذا سيخسر المجلس العلمي إذا ما فتح الباب لأعضائه ومرشديه في المساجد المغربية على الأقل كي يبينوا لهؤلاء الشبان بطلان الطرح المتطرف الذي يعتبر القتال في سوريا جهادا؟ لماذا لا يخرجون إلى الناس ليدحضوا هذه الأفكار ويقطعوا الطريق على آلة «الدمغجة» التي تستقطب كل يوم العشرات من الشبان وتهيؤهم للسفر إلى حيث يلقنون فنون الفتك والقتل، في إطار تدريب الجميع يعرف أهدافه ومقاصده؟ لماذا لا يسطر هؤلاء العلماء برامج تواصلية مع الشبان في المواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي لإقناعهم أن ما يسعى إليه المتطرفون هو إذكاء الفتنة وأن الله ورسوله نهوا عنها، وأن لا علاقة للدين بما يقع اليوم في سوريا وغيرها من بؤر التوثر التي تنشط فيها القاعدة والجماعات التكفيرية؟ على المجلس العلمي الأعلى أن يجيب بصراحة عن هذا السؤال: هل يعتبر القتال في سوريا «جهادا»؟ أسئلة كثيرة تقابل بصمت يزيد من نزيف الدم المغربي في أرض غريبة!