مأساة حقيقية تلك التي عبر عنها أبوان تونسيان في شريط فيديو متداول على الانترنت. والد الطفلة رحمة ذات الستة عشر سنة يبكي بحرقة ويحكي كيف تعرضت ابنته لغسيل دماغ، دفعها إلى مغادرة البيت والرحيل إلى سوريا ل«الجهاد» على طريقة ما أفتى به أحد الشيوخ الوهابيين. هي قصة فتاتان تعرضتا حسب الاصطلاح التونسي إلى «الدمغجة». لعبت أفكار السلفية الجهادية بأدمغتهما وفتحت لهما «باب الجنة»، فتطوعت القاصرتان للرحيل إلى سوريا من أجل إشباع الرغبات الجنسية لمن يوصف هناك ب«المجاهدين». فالفتوى الرائجة تفيد بأنه من غير المعقول أن يحرم هؤلاء «المجاهدين» من ملذات الدنيا لذلك فعلى إخوتهن أن يتبرعن بفروجهن لإشباع غرائزهم، وحتى لا ينصرفوا عن القتال!!! استدراج القاصرات إلى هذه اللعبة القذرة، جاء بعد أن وقع المئات من الشبان ضحية هذه الأفكار التي لا تؤمن سوى بالعنف وتم تجييشهم وتوزيعهم على كل بؤر التوتر في العالم بدءا من أفغانستان فالعراق ثم الصومال وشمال مالي وأخيرا سوريا التي مازالت فيها الثورة مستمرة. لم تنج بلادنا من رواج مثل هذه الأفكار التي بدأت بتكفير المجتمع والدولة ومرت إلى الاعتداءات الارهابية بعد عودة عدد المغاربة الأفغان وظهور شيوخ السلفية الجهادية الذين كانوا يملؤون عقول الشبان الذين يعيشون أوضاعا اجتماعية صعبة بأفكار متطرفة. سطوة التيارات السلفية المتطرفة على جزء مهم من المجتمعات التي عاشت طوال الشهور المنصرمة على وقع تغيير نظم الحكم الديكتاتورية، مازالت تتوسع ومعها تنتشر مثل هذه الأفكار المجنونة التي وصلت حد استباحة أجساد القاصرات. هذه الأفكار يجب مواجهتها في البيت والمدرسة والجامعة والشارع بفكر متفتح ومقنع وبعمل يحمي هؤلاء القاصرين الذين يشعرون بتخلي المجتمع عنهم.