على امتداد أيام الأسبوع الماضي عاشت العديد من الأسر المراكشية أجواء الحزن والمآتم، بفعل فقدانها لأحبتها وأبنائها جراء نزيف الحوادث القاتلة،الناتجة عن سباقات عشوائية وخطيرة، ترتكز في وسائلها على الدراجات النارية السريعة. شباب في عمر الزهور ،لازالوا يتلمسون أولى خطواتهم في دروب الحياة القاسية، تلقفتهم أسباب المنايا،وغادروا إلى دار البقاء مضرجين في دمائهم، وتركوا خلفهم سحابة حزن غائمة، عمت العديد من الأسر والعوائل. فوضى السباقات المتهورة، التي أصبحت تتخذ من العديد من الشوارع والفضاءات بالمدينة الحمراء ميادين وحلبات لتنظيمها، في غفلة من الجهات المسؤولة محليا،كثيرا ما رسمت لوحات تراجيدية، بدماء وأجساد شابة، دفعتها حدة النزق والطيش إلى ركوب أمواج سباقات عاتية، لم تخرج منها إلا جثة هامدة. فلم يكد يسدل الستار على تفاصيل الفاجعة التي شهدت أطوارها فضاءات الحي الشتوي بالمنطقة السياحية جيليز، على مستوى ملتقى زنقة الإمام الشافعي وشارع الحسن الثاني، والتي ذهب ضحيتها شابان لا يتجاوزان ربيعهما ال17، حين كانا بصدد القيام بحركات بهلوانية بواسطة دراجتهما النارية، قبل أن يفقد السائق السيطرة ويجدا نفسيهما تحت عجلات حافلة ركاب كانت قادمة في الاتجاه المعاكس. لم تكد تطو صفحة الفاجعة المذكورة، حتى كانت المدينة على موعد مع مشهد مماثل ، بمنطقة دوار العسكر، حين كان شابان في العشرين من عمرهما، منخرطين في أتون سباق خطير بالطريق الرئيسية الجديدة الرابطة بين إيزيكي والمحاميد، فقادهما جنون السرعة إلى الارتطام ببعضهما، في إطار حادثة سير صادمة. انقشعت الحادثة عن مشهد مستفز، حيث انقسم ظهر الضحية الأول إلى شطرين، وتلقفت الكسور الحادة والقاتلة مختلف أنحاء جسد الضحية الثاني، وبالتالي إزهاق روحهما ومغادرتهما إلى الرفيق الأعلى. مشاهد وحوادث أصبحت في حكم العادي والمتواتر، وتشهد تفاصيلها العديد من الفضاءات والشوارع سواء بمقاطعة النخيل أو المنارة، وكذا سيدي يوسف بن علي وجيليز، حيث ينخرط العديد من الفتيان في سباقات جنونية على متن دراجاتهم النارية، والقيام بحركات بهلوانية تلامس في مجملها حدود الخطورة، فيما الجميع يتابع نزيف ما تنتجه من حوادث قاتلة، ويكتفي بترديد كلمات التنديد والحوقلة. تعتمد السباقات المومأ إليها عدة أشكال، تنطلق من الطريقة التقليدية التي ترتكز على السرعة وتحديد خطوط ونقط الوصول، وتصل إلى المواجهة بين طرفي السباق عبر وضع أوراق نقدية في منطقة ارتكاز، وانطلاق المتسابقين نحوها، ومحاولة بلوغها أولا والتقاطها من إسفلت الشارع، مع ما تتطلبه العملية من انحناءة خطرة، غالبا ما انتهت بتصادم الطرفين المنافسين والتسبب في حوادث مفجعة. تواتر هذا النوع من الحوادث، نتج عنه العديد من الضحايا الذين باتت تغص بهم مستشفيات المدينة، بحيث أصبح أحد الأجنحة بمستشفى ابن طفيل، يشار إليه باسم "جناح سي 90″ في إشارة إلى نوعية الدراجات النارية ذات الصنع الصيني،التي يستعملها المعنيون في سباقاتهم، بما تتميز به من سرعة خارقة، وما تمنحه من إمكانية القيام بحركات بهلوانية خطيرة، تدخل العملية في مجملها دائرة الإلقاء بالنفس في التهلكة. إسماعيل احريملة تصوير: عبد النبي الوراق