وجّه عامل إقليمالجديدة، معاذ الجامعي، رسالة شديدة اللهجة إلى رئيس المجلس الجماعي حول انتشار ما وصفه ب «مجموعة من الظواهر السلبية بمجال النظافة وسلامة البيئة»، مؤكدا أن عدة مرافق جماعية وشوارع عمومية أصبحت تشكل خطرا على صحة السكان بحكم ما اعتبره «الأوضاع المزرية»، التي آلت إليها، والتي باتت تستوجب تدخلا استعجاليا لمعالجة حالتها «المأساوية»، حسب وصف العامل. هي ثلاثة مرافق اعتبرتها الرسالة العاملية أنها باتت تشكل نقطا سوداء تخدش رونق وجمالية المدينة من جهة، بل وتشكل مصدر خطر على صحة وسلامة المواطنين من جهة أخرى. مقابر مدينة الجديدة «أصبحت مرتعا للأزبال والقاذورات وملاذا للحيوانات الضالة والمتشردين، الذين يرتادونها من أجل تناول الكحول والمبيت»، هكذا وصف عامل الإقليم وضعية مقابر سيدي بوافي والمصلى والرحمة، بالإضافة إلى مقبرة سيدي موسى، التي تتواصل عملية الدفن بها رغم أنها امتلأت عن آخرها، حيث أصبحت جثامين الموتى تدفن فوق رفات وعظام الجثث القدامى، وهو ما أثار استياء العديد من سكان المدينة في أكثر من مناسبة، حيث يتم اكتشاف بقايا العظام أثناء عملية حفر القبور، دون أن تتدخل السلطات الوصية لوقف عملية الدفن بذات المقبرة، وهو ما تمت الإشارة إليه في رسالة عامل الإقليم من خلال قوله «إن ضيق الممرات بمقبرة سيدي موسى، وعمليات الدفن التي أصبحت تتم بين القبور وفي أماكن غير لائقة أصبح يستدعي العمل بإلحاح على تهيئ مقبرة جديدة بمواصفات عصرية تليق بأموات المسلمين». باتت الحاجة أكثر من ملحة لتوفير فضاء يتم اعتماده كمقبرة بمدينة الجديدة، التي أصبح سكانها، لذين يرفضون دفن جثة فوق أخرى بمقبرة سيدي موسى، يجدون عدة صعوبات في توفير قبر لذويهم من الموتى، حيث يضطرون إلى اللجوء إلى مقبرة «سيدي امحمد الشلح» الواقعة بالنفوذ الترابي لجماعة مولاي عبد الله أمغار لضمان عملية دفن آمنة، وذلك عبر تدخلات لدى إحدى الجمعيات، التي تتولى الترخيص بدفن الموتى بذات المقبرة، على اعتبار أنها تخص دواوير جماعة مولاي عبد الله، بينما أضحت المقابر القديمة المنتشرة بمدينة الجديدة تحتاج إلى حملات للنظافة قصد إزالة الأشواك والنباتات الطفيلية، التي تساهم في تواري بعض المنحرفين عن الأنظار خلفها، حيث يتخذونها ملاذا آمنا لتناول الكحول و المخدرات قبل الشروع في اعتراض سبيل العابرين، الذين تدفعهم الحاجة إلى المرور بمحاذاة هذه المقابر. فيما لا يتوانى آخرون في تحويلها إلى مراحيض عمومية بشكل يدنسها ولا يعطي أي اعتبار لحرمة قبور الموتى المسلمين، مستغلين تلكؤ المجلس الجماعي في إقامة حراسة بداخلها. أما البنايات المهجورة، فضلا عن أنها تتحول إلى مرتع للأزبال والنفايات، التي تصبح مصدرا للروائح الكريهة، والحشرات الضارة بشكل يشوه المنظر العام لمدينة الجديدة، فإن الرسالة العاملية تعتبرها «نقطا سوداء بالنظر إلى أن بعضها يصبح ملاذا لإيواء المنحرفين والمتشردين المداومين على عمليات السرقة والاعتداء على الساكنة». وحددت ذات الرسالة أهم شوارع مدينة الجديدة، التي تحتوي على بنايات مهجورة في شارع النصر، وشارع ابن تومرت، وشارع بئر انزران، وطريق الدارالبيضاء، وشارع أحمد شوقي (حيث سبق لأحد المنحرفين أن اعترض سبيل فتاة في واضحة النهار وحاول إجبارها على مرافقته نحو بقايا معمل قديم لإحدى شركات المشروبات الغازية لولا تدخل بعض المارة لإنقاذها). وقد تم إغفال بعض الدواوير الهامشية، التي تم إلحاقها مؤخرا بالمجال الحضري، حيث باتت تشكل بقايا البنايات التي تم هدمها في إطار محاربة البناء العشوائي ملاذا للمنحرفين، الذين حوّلوها إلى فضاءات لتناول الكحول والاختفاء عن أنظار السلطات الأمنية. وأثارت إشارة الرسالة العاملية إلى وجود بنايات مهجورة بشارع محمد الخامس، وكذا اعتبار فندق أبو الجدايل ضمن هذا الصنف من البنايات، عديد علامات الاستفهام، سيما في ظل عملية التفويت التي كان سيخضع لها عقار «فورافريك» الجماعي، والواقع بشارع محمد الخامس، وكذا محاولات الضغط التي سبق أن مارستها بعض الجهات على مالك الفندق ذاته (مستثمر سعودي) من أجل إعادة ترميمه أو نزعه منه في إطار المنفعة العامة بدعوى إقامة قصر للمؤتمرات. المجزرة البلدية التي تعتبر مرفقا جماعيا تقع بحسب عامل الإقليم داخل بناية «تصنف ضمن النسيج المعماري القديم بمواصفات غير ملائمة لإجراء عملية الذبح، وتجميع اللحوم قبل نقلها»، مضيفا في رسالته أنه «تتم عملية إيواء الذبائح في ظروف غير سليمة، حيث يتم تجميعها في ساحة المجزرة وسط برك مائية موحلة إلى جانب بنايات مكشوفة وآيلة للسقوط»، قبل أن يؤكد أن «المرافق الصحية غير صالحة للاستعمال ولا تتوفر على الأبواب، ومجاري قنوات الصرف عارية وفي حالة يرثى لها دون قيام المصالح الجماعية المختصة باستعمال المبيدات ومعدات النظافة»، ليخلص العامل إلى أن المرفق ذاته «يمكن أن يشكل في أي لحظة من اللحظات خطرا كارثيا يؤدي إلى تفشي مجموعة من الأمراض المعدية»، مما يطرح أكثر من علامة استفهام لدى متتبعين للشأن المحلي حول ما اعتبروه صمت عمالة الإقليم نفسها وعدم تدخلها، باعتبارها سلطة وصاية من أجل حماية صحة وسلامة مستهلكي اللحوم الحمراء، التي يتم توفيرها بالمجزرة البلدية، التي باتت في وضعية متردية منذ عدة سنوات خلت، وهو ما يعكسه انتشار شتى أصناف الثلوث الناتج عن غياب النظافة اللازمة، حيث تتناثر النفايات الصلبة والسائلة الخاصة بفضلات البهائم، وأكوام الدماء المتخثرة الناجمة عن عملية الذبح، ما يجعل جحافل الذباب والناموس والحشرات الضارة، بل والقطط و الكلاب الضالة تغزو فضاء المجزرة، فضلا تآكل التجهيزات والآليات، حيث أضحى الصدأ يعلو الرافعات والماسكات الضرورية لسلخ المواشي. عبدالفتاح زغادي