لم تكد تمر على الزيارة الملكية لبهجة الجنوب،ومغادرة جلالته لرحاب المدينة، حتى بدأت الساكنة تحن لزيارته، وترفع عقيرتها بأمنية" كن غير بقا سيدنا شي يامات، يلاه تتكاد البلاد شوية". الحنين للتواجد الملكي بين ظهراني الساكنة، يأتي في سياق ما باتت تعرفه فضاءات المدينة من مظاهر الاختلال التي جاهد أهل الحل والعقد بالمدينة ،في تغطية شمسها بسياسة تلميع الواجهة. عادت ظاهرة انتشار الأزبال والنفايات لترخي بركامها على مجمل الشوارع والممرات، مع استفحال فوضى السير والجولان بأهم المحاور الطرقية، خصوصا على مستوى شارع الحسن الثاني( طريق الصويرة) ،الذي غزت جنباته طوابير السيارات والشاحنات التي يتم ركنها بشكل عبثي، مع ما يستتبع الأمر من اختناقات مرورية، وحالات اكتظاظ خانقة، تجعل من المرور بالشارع المذكور مغامرة محفوفة بالعديد من آيات"التعطال" وهدر الوقت. ارتفاع منسوب الجريمة، ورجوع محترفي السرقة بالنشل والتهديد بالأسلحة البيضاء، مع سيطرة بعض المنحرفين على مواقع بعينها، عادت بدورها لتجثم بكلكلها على المارة والسابلة،فيما الجميع يتعذر بقلة الموارد البشرية والتجهيزات اللوجيستيكية. العديد من الظواهر السلبية التي اختفت في ظل التواجد الملكي برحاب مدينة الرجالات السبعة، عادت لتطل بأعناقها وترمي عموم المواطنين والساكنة بشآبيب أعطابها واختلالها،فيما توقفت عجلة الأشغال التي كانت تطارد كل مناحي القصور بشوارع وفضاءات المدينة، وتعمل على إزالة عقباتها ومطباتها، وعملت المقاولات على جمع عدتها وعتادها،لتترك الوضع على ما هو عليه في انتظار تباشير زيارة ملكية مستقبلية. تنقية الطرقات وتهيئة فضاءات المناطق المؤدية للجماعات القروية المحيطة بالمدينة، أصابها بدورها البوار والعقم،وتوقفت الأشغال بها، بعد أن قررت الجهات المسؤولة محليا إدارة الظهر لكل الأشغال التي كانت قائمة على قدم وساق. المسؤولون ورؤساء المصالح الخارجية، عادوا بدورهم للاحتماء بمكاتبهم الوثيرة، وارتكنوا لاستراحة محارب،بعد أن ظلوا يعيشون في حالة استنفار قصوى، وهم يتابعون كل كبيرة وصغيرة تتعلق بمصالحهم، ويتابعون الأشغال المنجزة من داخل الأوراش المفتوحة في هذا الشأن. كل أشغال التهيئة والإصلاح والترميم،التي دبت في شرايين وفضاءات المدينة، في ظل التواجد والتحركات الملكية المعلن منها والمفاجىء، وجميع أشكال النشاط التي دبت في عروق المصالح والأجهزة المسؤولة بالمدينة، توقفت بشكل مفاجىء مباشرة بعد انتهاء الزيارة الملكية، وجعلت المواطنين يطرحون أكثر من علامة استفهام حول الأسباب الحقيقية التي تجعل الجهات التي أسند إليه أمر السهر على تدبير وتسيير شؤون المدينة،ترتهن في تدبيرها على سياسة"اللي ما خدمو الزز، ماخدماتو حزارة"، ما جعل أهل الحضرة المراكشية يتمنون أن ينعموا بزيارة ملكية أخرى، تدب الروح من جديد في عجلة التنمية، وتمنح إكسير الحياة للأشغال والأوراش التي أصابها الشلل بشكل غير مفهوم، تمكن المدينة من استعادة رونقها،وتحمل من جديد صفة" يامراكش ياوريدة ". إسماعيل احريملة