لا يستطيع أن يأكل، لا يستطيع ابتلاع لقمة ولا حتى جرعة ماء. إنها الحياة التي يعيشها ريان. ابن الأربع سنوات ونصف يمضي أيامه بين المستشفيات ويقتات عبر الأنابيب والحقن، وينتظر معجزة تعيد إليه طفولته. كان عمره سنة ونصف حينها. كان يحبو ويزحف مكتشفا البيت وباحثا عن متعة طفولية.. في غمرة البحث سيقوده قدر تعيس إلى المطبخ. هناك كانت قارورة لعينة تنتظره. امتدت الأصابع البريئة نحو قارورة دون أن تدرك خطورة السائل الذي تحتويه. وكعادة كل الأطفال في عمره ذهب بالسائل مباشرة نحو فمه. «الما القاطع... شرب الماء القاطع» تقول والدة ريان وتغالب دمعتها. أحرقه السائل وعندما اضطجع على ظهره بسبب الألم تدفقت بقية الماء القاطع نحو جوفه الصغير وانطلقت صرخاته المتسغيثة. كان السائل من مخلفات «البلومبي» الذي أصلح قنوات الصرف الصحي... « ما خليت فين ديتو..» تروي الأم بألم جرح لا يندمل. تعالج الصغير في مستشفى ابن رشد وخصع لعملية جراحية تلو الأخرى. لكن الأضرار التي خلفها الماء الحارق كانت قاسية على أحشائه الغضة. عمليات على الحلق والحنجرة والأمعاء والمعدة دون أن يكتمل الشفاء. مرتان في الشهر يكون ريان في حاجة لتدخل طبي لتوسيع الحنجرة عبر تقنية خاصة تتم تحت البنج، ليتمكن بعدها الصغير من بلع بعض الماء والطعام السائل. عملية تصل كلفتها 4000 درهم ترهق ميزانية الأسرة خاصة مع محدودية دخل الوالد. ريان يعيش فقط بفضل الأنانيب. فبسبب انسداد الجزء العلوي من جهازه الهضمي فتح له الأطباء ثقبا صغيرا في جنبه الأيمن وعبره تقوم الأم بضخ الطعام بواسطة أنبوب موصول مباشرة بالمعدة. « عايش معذب» تقول الأم بقلب منفطر على فلذة كبدها. أما الفضلات فيتم طرحها عبر كبيس يعلق على الجانب الآخر. قبل عدة أشهر خضع ريان لعملية جراحية خطيرة كانت الأم تعول عليها في إعادة ريان للحياة العادية. تم استئصال الحنجرة المتضررة وتعويضها بجزء من الأمعاء الغليظة. « بعت داري لأن المصاريف كثيرة» والآن تكتري رفقة زوجها شقة صغيرة، فالمهم عندها أن يتم شفاء الصغير. لكن نتائج العملية الأولى لم تكن كافية وريان مازال محتاجا لعملية توسيع الحلق والحنجرة حتى يمر منها الطعام فبلع ملعقة من الشوربة هي بالنسبة لريان تحد يومي.. أنه جوع مستمر وألم كبير. ريان اليوم في حاجة لعملية جديدة هي الأمل الوحيد كي يتمكن من الاستمرار في هذه الحياة.. لكن المصاريف الكثيرة التي تتطلبها العملية وما يتبعها قد تقف عائقا في وجه الطفل إلا إذا تحركت قلوب رحيمة لمساعدته. هدى الأندلسي