وضع المفكران مصطفى بوهندي وأحمد عصيد النقاش حول بعض المسائل الدينية على سكته الصحيحة، من خلال التمييز بين الوحي المنزل وبين الخطاب الذي أنتجه البشر والاجتهادات حول الدين، والتي تقبل النقد. هذه العملية تبطل ما يذهب إليه المتطرفون من تكفير كلما اختلفوا مع مفكر أو باحث حول أمور تهم المجتمع. برنامج مباشرة معكم على القناة الثانية الذي ناقش ضيوفه المسائل الدينية وما يقابلها من تكفير لدى المتطرفين، استضاف أيضا محمد الفيزازي السجين السابق في قضايا التحريض، والذي أدين عقب تفجيرات 2003 بثلاثين سنة سجنا، قبل استفادته من العفو، وهو مذ ذاك يقول أنه استفاد من فترة سجنه وراجع أفكاره. النقاش دار في جو من الحوار الهادئ وغاب عنه التعصب والتطرف بل اجتهد المتحاورون في الدفاع عن آرائهم وأفكارهم كل من مرجعيته واجتهاداته، وهي عملية يجب أن تنعكس على كل النقاشات التي تهم المسائل الدينية والتي تعرف العديد من المغالاة والتطرف الذي يصل أحيانا إلى العنف والإقصاء اللفظي والجسدي، كما هو وارد في ردود المدعو أبوالنعيم. المهم هو أن يعي الناس بأن كل داع إلى اجتهاد أو إعادة النظر في أمور دينية لا يعني أنه يشكك في الوحي والنص الديني كما هو متبث في القرآن بل هي مطالب معقولة في مجتمع متغير باستمرار ما يستدعي مواصلة الاجتهاد الفقهي الذي بدأه السالفون، وإعادة النظر في فتاويهم وما بلغوا إليه من خلاصات في القرون السابقة، والتي قد لا تواكب التحولات الجديدة التي نعيشها اليوم. لكن، مرة أخرى نجد أن علماءنا غابوا عن هذا النقاش إذ كان من اللازم حضور عضو عن المجلس العلمي الأعلى لإيضاح وجهة نظر هذه المؤسسة الرسمية وإجلاء الغموض الذي ظل يكتنف حديث الفيزازي الذي بدا من خلال كلامه وتلميحاته أن رأيه يطابق رأيها، في حين أن كل ما تغير في الشيخ هو طريقة حديثه، وعوض أن يتكلم مكفهرا كما السابق أصبح يعرض نفس الأفكار وهو باسم...!