وجوه رجالية ملثمة وأجساد مدثرة، قفازات وجوارب سميكة ونساء ملتحفات يخفين وجوههن خلف الملحفة الصحراوية المزركشة ونظارات شمسية كبيرة، يحملن حقائب سفر وأكياس وأغطية، يرافقهم أطفال ترجلوا من الحافلة الواحد تلو الآخر ليدخلو باحة مقر ولاية العيون وسط زغاريد نسائهم وتحت أعين عدسات كاميرات الصحافيين. المشهد هو 22 عائدا صحراويا من المحتجزين بتندوف عادوا إلى أرض الوطن يوم السبت الأخير قادمين من منطقة الكركارات عبر الحدود الموريتانية.علامات التعب التي كانت بادية على بعض الوجوه لم تكن تمنع النساء العائدات من إطلاق الزغاريد بين فينة وأخرى وهن يتجولن بين باحات الولاية في انتظار أخذ بيانات الجميع من قبل المسؤولين أو استقبالهن من قبل عائلاتهن أو شيخ القبيلة التي ينحدرون منها. «نريد من الجزائر أن تطلق سراحهم وأن تسمح للراغبين بالعودة لوطنهم». يقول شيخ إحدى القبائل الذي جاء لاستقبال أحد أبناء عمومته بعد سنوات من الغياب. علامات التحفظ من وجود الصحافة لم تكن خافية حيث فضل غالبية العائدين إخفاء وجوههم خلف الألثمة. لكن ذلك لم يمنع البعض من الحديث إلينا ولو بشيء من الريبة والتوجس «كنا عايشين في الجحيم ما كاين لا حقوق المرأة ولا بنية تحتية نأكل ونشرب فقط» تقول إحدى العائدات التي لا يظهر منها سوى عينين متعبتين. رحلة من سبعة أيام بلياليها رفقة زوجها ومجموعة أخرى تعرف عليها في طريق العودة. «قلنا لهم إننا ذاهبون لموريتانيا ومن هناك تسللنا باتجاه المغرب وسلمنا أنفسنا لمراقبي الحدود المغاربة».رحلة محفوفة بالمخاطر قضتها المرأة ورفاقها بين مشي على الأقدام أو امتطاء السيارات قبل الوصول إلى الحدود المغربية «احنا جينا لبلادنا باش نمارسوا الحكم الذاتي ونعيشوا كمواطنين».لم ترد العائدة ورفيقتها في الرحلة الخوض في مزيد من التفاصيل لكنها تحسرت على فراق ابنها الذي لم يتجاوز 4 سنوات والذي تركته هناك بالمخيمات لدى جدته من والده «خفت عليه من خطر الرحلة وإنشاء الله نشوفو قريب»، تقول المرأة منهية الحديث. بعد استكمال الإجراءات الإدارية المتمثلة في أخذ بيانات ومعطيات حول القبائل والعائلات التي ينتمون إليها، يتوجه العائدون إلى منازل عائلاتهم، بينما يستكمل من لا يتوفرون على عائلات ينزلون لديها إجراءات إضافية للحصول على سكن ضمن المساعدة التي تقدم للعائدين.