يبدو أن مجهودات حكومة عبد الإله بن كيران لتخفيض ميزانية صندوق المقاصة لن تصمد أمام تداعيات الارتفاع المتزايد لأسعار البترول في السوق الدولية. فبعدما توقعت أن لاتتجاوز نفقات الصندوق هذه السنة سقف 40 أو 42 مليار درهم كحد أعلى، فإن من شأن تداعيات التطورات الأخيرة في سوريا ومصر أن تفاقم من وضعية صندوق المقاصة وتدفع في اتجاه زيادة محتملة في ثمن المحروقات. الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة محمد نجيب بوليف لم يكن متفائلا بخصوص انعكاسات ارتفاع سعر البترول أمس إلى 115 دولار للبرميل على ميزانية صندوق المقاصة، وقال في تصريح ل«الأحداث المغربي»، أنه «لا أحد يمكنه أن يجاذل في أن تكون لهذا الارتفاع تداعيات»، وأضاف خريج المعهد الفرنسي للبترول والحاصل على الدكتوراه الوطنية تخصص الطاقة، أن «الحكومة الآن تشتغل على الوضع العادي وأنها ستأخذ أي تطورات قد تحصل بعين الاعتبار». وإذا كان بوليف قد فضل عدم الخوض في التنبؤات بخصوص ظهور تطورات جديدة على الساحتين السورية والمصرية وانعكسات ذلك على أسعار البترول، واكتفى بالقول بأن «لكل مقام مقال»، فإنه بالمقابل لم يخف تخوفه من انعكاسات تطور الأحداث بشكل متسارع على أسعار البترول، بعدما أشار إلى انخفاض تعاملات أهم البورصات العالمية نتيجة لذلك، أكد على أن « الوضع العادي هو الذي تشتغل عليه الحكومة وإذا حدثت استثناءات فإننا سنجتمع لنأخذ ما نراه مناسبا من إجراءات». إجراءات رفض بوليف تحديد شكلها، وفي ما كانت من بينها إقدام الحكومة على زيادة محتملة في أسعار المحروقات للحد من ارتفاع نفقات صندوق المقاصة، الذي يدعم هذه المادة، تردد الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة في تأكيد ذلك، وختم قوله «في الظروف العادية فالحكومة تشتغل بشكل عادي، وفي الظروف الاستثنائية فإننا سنتداول في الأمر وسنتفق ما يمكن فعله». وإذا باتت امكانية اقدام الحكومة على زيادة محتملة في أسعار المحروقات تلوح في الأفق، فإن مخصصات صندوق المقاصة، التي تجاوزت السنة الماضية سقف 53 مليار درهم حسب بلاغ لرئاسة الحكومة، تبقى مرشحة للارتفاع أكثر هذه السنة، في حال حصول تطورات خطيرة بمنطقة الشرق الأوسط، مما سيحرج حكومة ابن كيران، التي تعمل هذه السنة على تخفيض نفقات الصندوق، أمام خبراء صندوق النقد الدولي، الذين شددوا خلال زيارتهم الأخيرة إلى المغرب «على ضرور الشروع في إصلاح صندوق المقاصة». غير أن تأكيد بوليف على أن تخفيض تكاليف صندوق المقاصة سيكون «ضمن النطاق الذي حدده قانون المالية أي 40 أو 42 مليار درهم»، ولن يتجاوز هذا السقف، فإن ذلك يبقى في حدود الأهداف التي سطرت الحكومة الوصول إليها، فأمام العجز المتزايد للمالية العمومية، الذي فاق 7 في المائة، دخل الصندوق النقد الدولي على الخط لحث على تسريع وتيرة الإصلاحات، خاصة أن الصندوق يضع رهن إشارة المغرب خطا ائتمانيا قيمته 6.2 مليار دولار يمكن اللجوء إليه في حالة الهزات المالية الخارجية العنيفة، أو الارتفاع المهول في أسعار الطاقة. ضغوطات المؤسسة المالية دفعت الحكومة حينها إلى تحريك ملف إصلاح الصندوق، الذي قال عنه بوليف «أن عملية اصلاحه ستتم بالتدريج وأن الحكومة تدرس السيناريوهات»، فبعد زيارة خبراء «خبراء كريستني لاكارد»، أعلن رئيس الحكومة عبد الإله بن كيران أثناء ترأسه في منتصف يونيو الماضي، للمجلس الاداري لصندوق المقاصة أن « حكومته سطرت أجندة متدرجة لإصلاح صندوق المقاصة عبر معالجة الاختلالات المحتملة في سلسلة الدعم وترشيد تراكيب المواد المدعمة»، لكن أي حد ستنج هذه هذه الأجندة في اصلاح الصندوق في حال التهاب أسعار البترول في السوق الدولية نتيجة لتدهور الوضع في مصر وسوريا؟.