يبدو أن الحكومة اهتدت إلى الوصفة السحرية لإصلاح صندوق المقاصة وتخفيف الأعباء عن مالية الدولة وطمأنة خبراء كريستين لاغارد الذين يعكفون حاليا على صياغة تقريرهم «الأسود» حول الإصلاحات الاقتصادية في المغرب.. فبعد شهور من الكد والجد والاجتماعات المطولة داخل المغرب وخارجه، تفتقت عبقرية نجيب بوليف، الوزير المكلف بالشؤون العامة والحكامة، عن علاج لورم صندوق المقاصة، الذي أصبح ينهش جسد مالية الدولة مهددا المغرب بالسكتة القلبية؛ وهو، بالمناسبة، علاج قديم جديد.. إنه ليس سوى إعادة تفعيل نظام المقايسة الذي يتيح عكس أسعار النفط الدولية على أسعار المحروقات في السوق المحلية، بحيث إذا ما ارتفعت أسعار النفط في الخارج ترتفع أسعار المحروقات داخل المغرب، وإذا انخفضت في الخارج تنخفض في الداخل بشكل تلقائي. المثير في لجوء الحكومة من جديد إلى آلية المقايسة هو توقيت تطبيقها، فأسعار النفط في السوق الدولية تشهد هذه الأيام تراجعا ملموسا، وبالتالي فتطبيق النظام الجديد يعني مباشرة تخفيضا لأسعار المحروقات، وهو أمر إيجابي بالنسبة إلى المغاربة، لكن وبالنظر إلى التقارير الدولية التي تؤكد أن أسعار النفط مرشحة من جديد إلى الارتفاع إلى مستويات قياسية، فإن هذا القرار سيكون «مسموما» لأنه يخفي في باطنه ما لا يظهر، وبالتالي فإن المغاربة سيجدون أنفسهم من جديد أمام زيادات صاروخية في أسعار المحروقات لن تكون لهم طاقة على تحملها.