إلى كل المترددين والمتشائمين وجه عبد الحميد الكوثري رسالة واضحة : قلب دفاع المنتخب المغربي في أمان. المدافع الشاب ذو العشرين ربيعا أنسى الجماهير المغربية بسرعة لاعبا من قيمة القنطاري أبعدته الإصابة قبل أسابيع عن المنافسة، وأدخلتنا معها في حيرة حول من الأجدر بمرافقة بن عطية في محور دفاع المنتخب. حيرة سرعان ما تبددت حين عبر لاعب مونبولي الفرنسي عن إمكانيته بتلقائية لا تخلو من ثبات وقتالية. نجاحه في مراقبة رفيق جبور، قلب الهجوم الجزائري، حد من فعاليته، وأجهز على فرص الخضر في تعطيل الآلة المغربية، وسمح بالمقابل للمهدي بن عطية بالتحرر من مهامه الدفاعية والمغامرة في الهجوم لمساندة زملائه. وإذا كان عبد الحميد الكوثري قد تألق في أول ظهور له مع الفريق الوطني، فإن أسامة السعيدي لم يقل شأنا في التوهج أو العطاء. مهاجم هيرنفين الهولندي أضاء أمسية أول أمس بملعب مراكش الجديد بتحركاته السريعة في الرواق الأيسر منذ بداية اللقاء، وبسرعة أعطى للجماهير المغربية ثقة في عودة الروح للهجوم المغربي، الذي افتقد طويلا للاعب قوته الأساسية : الاختراق. في الشوط الثاني تحول السعيدي إلى معادلة رئيسية في المرتدات المغربية، وما إن ترفع التمريرات في اتجاه الجناح الأيسر إلى وارتفعت الحناجر بالهتاف. في ومضة عبقرية غابت عن مقابلات الأسود منذ زمن، أخرج الساحر كل ما جعبته من أساليب المراوغة والخدعة، وأسقط المهدي مصطفى المدافع الأيمن للجزائر مرتين أرضا، قبل أن يمرر الكرة بين رجلي مبولحي، ويسقط الخضر بالرباعية. المهدي بن عطية يؤكد أنه قيمة أساسية في المنتخب المغربي مرة أخرى. في مباراة الجزائر أظهر المهدي أنه لا يجيد الدفاع فحسب، بل إن مساهماته الهجومية قادرة على «فك الوحايل» أولا بالتهديف، ولعب دور صانع الألعاب بالتمرير الحاسم كما حدث في لقطة الهدف الثاني الذي أهداف لمروان الشماخ، ليفك عقما لازمه من سنوات. محترف من طراز ممميز، استفاد من عمل التداريب المضني في إيطاليا الذي يركز على تفاصيل التمركز أثناء تنفيذ الكرات التابثة. تفاصيل ظهرت بذكاء في طريقة تموضعه في عملية الهدف الأول. في الشق الدفاعي كان فوق العادة ككل مرة، وكقائد لدفاع مميز مكون من العليوي والقدوري والكوثري، نجح في إفشال كل مخططات الجزائر الهجومية.