«البرقية مفهومة والأمانة في طريقها إلى الوجهة المعلومة» رسالة مشفرة عبر الجهاز اللاسلكي لم يستطع أحد من رواد إحدى المقاهي فك أوزارها، مكالمة جرت بين عناصر الفرقة الجنائية وعميد الشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية، بعد سقوط أكبر نصاب بمدينة الدارالبيضاء انتحل صفة «كولونيل » بالمخابرات العسكرية في كمين نصبته عناصر الشرطة. المتهم كان يرتدي لباسا أنيقا يتشكل من بذلة رسمية وربطة العنق وحذاء رفيع. نهاية الأسبوع الماضي جلس «العقيد» المنتمي زورا إلى وحدة القسم الرابع للأسلحة بالقوات المسلحة الملكية داخل سيارته البيضاء الفارهة، ينتظر أحد ضحاياه ليسلمه مبالغ مالية جديدة، قصد التوسط في إنجاز مجموعة وثائق إدارية خلالها المبلغ 20 مليون سنتيم، دون الحصول على الوثائق الإدارية ليستعين الضحية بعناصر الفرقة الجنائية للشرطة القضائية ويبتلع الطعم، كان خلالها مختلف أجهزتها السرية منتشرة في ترصد تحركات «الكولونيل » النصاب وانتظار التعليمات الأخيرة لرئيس الفرقة الجنائية بوضع الأصفاد بمعصميه . سقوط «الكولونيل » النصاب الذي اشتغل في سلك الجندية قبل أن يتعرض للطرد من صفوفها، كان يوهم الجميع أنه ضابط سامي بجهاز المخابرات العسكرية، مستعينا ببذلة عسكرية ووسام على الصدر إلى شارة عسكرية بالواجهة الأمامية للسيارة وأخرى تتعلق بوحدة القسم الرابع للأسلحة بالقوات المسلحة الملكية ،مما مكنه من إسقاط مجموعة الضحايا في شراك النصب والاحتيال . ضحية النصاب لم يكن هو الأول في سجالات «الكولونيل»، فهناك عشرات الضحايا أغراهم النصاب بوظيفته كضابط سامي في جهاز المخابرات العسكرية ، وما يظهره من علامات البذخ وسخائه ، ظل دائما يبديه خلال جلوسه بالفنادق والمقاهي جعلت الجميع يتقرب منه ويطلب وده بالتوسط في الحصول على « كريمة» لسيارة الأجرة أو وظيفة رسمية أو عقد عمل بالخارج ، كثرة الطلبات وتطمينات النصاب بالتدخل لدى الجهات العليا في قضاء المآرب لأصحابها جعلت كل طلب أو تدخل يساوي ملايين السنتيمات دون أن ينال أصحاب الطلبات مبتغاهم وتتبخر الآمال بضياع أرزاقهم واختفاء «الكولونيل» النصاب عن أماكنه المفضلة إلى يتوارى الضحية في البحث عن نصابهم . حكاية « الكولونيل » النصاب تشبه قصص جميع النصابين الذين باعوا الوهم لضحاياهم ، جعلته يستعمل السيارات الفارهة للكراء في تنقلاته ويستغل أوسمة وبذل وشارات عسكرية كأساليب للنصب والاحتيال وانتحال وظيفة ينظمها القانون قام بإسقاط مجموعة ضحايا في حباله قبل أن يسقط بدوره في كمين نصبته عناصر الشرطة القضائية وتتم إحالته صباح أمس الإثنين على أنظار الوكيل العام للملك بتهم ممارسة النصب والاحتيال وانتحال وظيفة ينظمها القانون .