حلت منتصف الأسبوع الجاري بالمقاطعة الجمركية بفاس لجنة مركزية للتفتيش والتدقيق تابعة لإدارة الجمارك بالرباط لمتابعة التحقيق الذي كانت قد باشرته اللجنة ذاتها بخصوص شريطين مصورين تم بثهما على بعض المواقع التواصلية الاجتماعية، ينقلان بالصورة والتعليق دخول شاحنات محملة بالوقود المهرب وخروج أخرى محملة بها من أحد أكبر المستودعات التي يستغلها أحد البارونات الذين يتاجرون في الوقود المهرب، واتهام مسؤولين جمركيين بفاس ومكناس بالتواطؤ معهم. وكانت اللجنة قد حطت بمكناس، واستمعت للعديد من الجمركيين حول ما ورد في الشريطين من اتهامات، كما استمعت لأحد المتعاونين يشتغل حمالا لصالح إدارة الجمارك بمكناس، وجدوا اسمه مدونا ضمن لائحة المرشدين، الذين استفادوا من مبالغ مالية هامة من الإدارة تحفيزا لهم على تعاونهم معها، غير أن المتعاون المذكور تفاجأ بقيمة المبالغ والأنشطة المدونة في المحاضر، وصرح بأنه لم يتسلم المبالغ المذكورة، فاتحا سؤالا عريضا حول من كان يستفيد من تلك المبالغ المالية والتي قدرت بملايين السنتيمات. وجاء الشريط الأخير الذي بثته بعض المواقع التواصلية الاجتماعية موثقا بتواريخ إحدى العمليات الكبرى التي تهم البنزين المهرب، مشيرا إلى ليلة 14 ماي 2013، حين كانت الفرقة المتنقلة للجمارك بمكناس تزاول مهامها ليلا برئاسة رئيس الزمرة على الطريق الرئيسية قرب محطة الأداء الشرقية، وأن الفرقة كانت تقوم بمهامها بتفتيش ومراقبة العربات المشتبه فيها على الساعة العاشرة والنصف ليلا كما هو مدون في المحاضر الرسمية، قبل أن تتلقى تعليمات بمغادرة نقطة المراقبة بعد توصل الرئيس باتصال هاتفي- يقول الشريط أنه من قبل أحد بارونات الوقود المهرب المسمى "أ.ع"-، وأن هذا الأخير كان بصدد توجيه شاحنته الصهريجية للخروج من ضيعة بنواحي سبع عيون، لتوزيع ما بداخلها من وقود على المحطات بطريقة غير مشروعة، ويضيف الشريط أنه عند الساعة 11 ليلا فوجئ الجمركيون بمرور الشاحنة من نفس نقطة المراقبة في اتجاه بوفكران، واستمرت في طريقها إلى غاية مدينة مريرت، حيث تم توقيفها من قبل دورية أمنية تابعة لشرطة مريرت عند حدود الساعة الثانية من منتصف الليل، حيث ألقت القبض على المهربين بمن فيهم البارون المذكور الذي كان يمتطي سيارة فارهة رباعية الدفع من نوع "BMX 5″، والسائق الذي كان يمتطي شاحنة صهريجية بحمولة تبلغ سعتها 33 طنا من الوقود المهرب، فتم الاستماع للمتهمين في محاضر رسمية، وقدموا أمام أنظار النيابة العامة في حالة اعتقال، وتمت مصادرة الشاحنة الصهريجية والسيارة المذكورة، ووضعهما بمستودع الجمارك بمكناس. وقد اتهم الشريط رئيس زمرة جمارك مكناس بالتواطؤ مع أحد كبار المهربين، وأنه كان يتلقى مبالغ مالية عبر وكالات تحويل الأموال "ويسترن يونيون، ووفا كاش" باسم أحد المتعاونين مع إدارة جمارك مكناس "حمال" ذكر اسمه في محاضر المرشدين. وفي موضوع ذي صلة، توصل عون بإدارة الجمارك بمكناس أمس الخميس 13 ماي بقرار تأديبي موقع من طرف رئيس المقاطعة الجمركية بفاس تحمل عدد 43/100، يخبره فيها أنه تقرر تجريده من السلاح المصلحي، والبذلة النظامية، وعدم إسناده أية مهام تستدعي حمل السلاح المصلحي أو ارتداء البذلة النظامية. وقد خلف هذا القرار امتعاض العديد من الجمركيين الذين كانوا ينتظرون أن يتخذ التحقيق مجراه الحقيقي بالضرب على يد المفسدين بدل تعليق ذلك على شماعة الموظفين الصغار، والتعامل معهم بمنطق الانتقام، خصوصا وأن العون "ن.آ" المعني بالقرار كان قد صرح أمام لجنة التفتيش التي حلت بإدارة الجمارك بمكناس بصحة ما ورد في الشريطين المنشورين على المواقع التواصلية الاجتماعية. وأضاف بعض الجمركيين في تصريح خصوا به "الأحداث المغربية"، أن ثمة تلاعبات كبيرة في هذا الملف، وعلى الجهات المركزية تحمل مسؤوليتها في ذلك، وعدم تزييف الحقائق، خصوصا وأن الرأي العام المحلي والوطني بات على علم واطلاع بهذا الملف.