في حادثة غريبة من نوعها لم تجرِ يومًا بالمنطقة التي شهدتها من قبل. اكتسبت صبغة التعجب لدى كل من وصله الخبر. وتركت في النفوس لوعة. فتركت ردود أفعال متباينة ومختلفة. البعض قال إن الأب فضل نرجسيته وانتزع الرحمة والعطف الأبوي من قلبه عندما نفذ اعتداءه ضد فلذة كبده. لكن البعض الآخر حاول الاختصار في التعبير عندما لخص الوضع بأنها حالة غضب قصوى، لم يحسن الأب فيها التصرف. لكن االكثيرين اتفقوا على القول إن الأب انتزع من قلبه الرحمة. أقدم مواطن بغزة يدعى «ص. س» على كي قدمي طفلته البالغة من العمر عشر سنوات فقط بالسكين أحماها على نار قوية، وعندما التهبت نفذ بها تهديده، وأنجز العقاب الذي توعد به ابنته الصغيرة. ولم تكن جريرتها وذنبها الذي نالت به عقاب الكي سوى أنها تناولت زجاجة عصير خاصة به. لم تصمد الطفلة الصغيرة أمام إغراء المشروب الذي وضعه الأب في الثلاجة. انطلقت بعفوية الأطفال التي تأبى التقيد والانصياع للأوامر التي تحرم الصغار من ملذات الأكل والشرب. كانت مغريات المشروب أقوى من وعيد الأب. الحادثة وقعت، عندما حذر الأب طفلته من شرب زجاجة عصير تخصه كان قد وضعها في الثلاجة، لكن الطفلة لم تستوعب تحذير والدها، وشربت العصير نزولاً عند رغبة إخوانها، لأن رد فعل الأب القاسي لم يكن يساورهم، أو يظنون أن الشخص الذي خرجوا من صلبه قد يقدم على تنفيذ عقوبة بتلك القسوة والأنانية. بعد ساعات، فتح الوالد الثلاجة وفوجئ أن زجاجة العصير غير موجودة، الأمر الذي جعله يستشيط غضبا لصنيع طفلته، وما كان منه إلا أن وضعَ سكينًا على النار وكوى قدميها. صباح اليوم التالي، ذهبت الطفلة لتقديم اختبار نهاية الفصل بالمدرسة، وخلال تقديمها للامتحان اشتكت من آلام في قدميها، الأمر الذي استدعى تحويلها إلى المستشفى الذي يقع شرق مدينة «خان يونس». نقلت التلميذة المدرسة إلى المستشفى، وكشفوا عن ساقيها فوجودا آثار كي في بطن قدميها، وعندما سألها الأطباء عن سبب الحروق، أجابت ببراءة الأطفال: "أبويا حط السكينة على النار وكواني فيها". أصيب الاطباء بالذهول لما سمعوه من الطفلة، فانبرت مجموعة منهم لعلاجها، فيما ذهب مجموعة أخرى نحو ابلاغ الشرطة واستدعائها، لسماع أقوال الطفلة في هذه الحادثة الغريبة. وقال الطبيب محمد الجزار الذي يعمل بالمستشفى في تصريح لموقع «دنيا الوطن» أن الطفلة: «وصلتنا ملفوفة القدمين وعليها آثار دماء(..)، أدخلناها على الفور إلى غرفة العمليات الصغرى، ونزعنا اللفافة فتبينت لنا آثار حروق في قدميها وعفن نتيجة عدم التغيير على الحروق». أجرت الطواقم الطبية داخل المستشفى عملية تنظيف للقدمين، ومن ثم جرى نقل الطفلة إلى مستشفى ناصر غرب مدينة خان يونس؛ لاستكمال العلاج. وبعد التدخل العلاجي صرح الأطباء أن التلميذة «لو استمرت على هذه الحالة مدةً أطول لأصيبت بتسمم في الدم». لكن الوالد الذي استدعته الشرطة قال «إنه فعل ذلك؛ لأن ابنته سرقت زجاجة العصير، ويريد أن يعاقبها على فعلتها حتى لا تكرر ذلك».