الدار البيضاء تتحرك غربا وشرقا شمالا وجنوبا، لكنها حركة غير متجانسة، فيها الكثير من التفاوتات بين غرب المدينة وشرقها، حيث تمددت العديد من المجالات في الضواحي لاستقبال تجمعات سكانية كاملة في إطار إعادة الإسكان لقاطني دور الصفيح، فالجهة، التي تعتبر أكبر مركز وطني للأنشطة الاقتصادية والمالية والعمود الفقري للاقتصاد الوطني، تسجل حركة كثيفة لإعادة انتشار السكان في المجالات الضاحوية التي استقبلت، خلال السنوات الماضية، أكثر من 300 ألف نسمة إضافية بكل من النواصر وبوسكورة ومديونة، وبلغ معدل التزايد 10 في المائة، وهو ما يعكس التحولات المجالية والديمغرافية التي تشهدها عاصمة المغرب الاقتصادية. تتم هذه العملية على مستويين الأول يرتبط بالتخطيط الاستراتيجي والتعمير، تتوفر الدارالبيضاء، اليوم، على تصميم وظيفي لتهيئة وتنظيم الفضاء الميتروبولي الأوسط (الدارالبيضاء- الرباط)، كما تمت المصادقة على التصميم المديري للتهيئة الحضرية، والمصادقة على تصميم تهيئة لمقاطعة مهمة هي الحي الحسني، فيما تنتظر المصادقة على 33 تصميما للتهيئة الجماعية لمقاطعات وجماعات جهة الدارالبيضاء الكبرى، إضافة إلى الدراسة الاستراتيجية لقطاع الإسكان والإنعاش العقاري في أفق 2020 المندرج في إطار الاستراتيجية الوطنية 2030 المنجزة من طرف الوزارة الوصية، تضاف إليها سياسة التأهيل الحضري وإحداث أقطاب جديدة، حيث تمت برمجة ما يقرب من 3800 هكتار للتعمير ما بين 2007 و2008. وقد انطلقت الأشغال ببعض الأقطاب التي يبلغ عددها ثمانية (المشروع الحضري لسيدي مومن، المشروع الحضري لمدينة الرحمة، المدينة المندمجة للهراويين، القطب الحضري أنفا، القطب الحضري النواصر، مدينة زناتة الجديدة، المدينة الخضراء بوسكورة، قطب المدينة القديمة). وفي الجهة الغربية ، تعرف الدارالبيضاء حركية عمرانية واسعة وإطلاق مشاريع سياحية وعقارية ضخمة، ضمنها مشروع «مارينا الدارالبيضاء». وفي هذا الإطار أعلنت الشركة العامة العقارية، أن مشروع «مارينا الدارالبيضاء» سيفتح أبوابه بداية 2013، وهو المشروع الذي تطلب استثمارا بقيمة تفوق خمسة ملايير درهم ويحظى باهتمام شريحة كبيرة من المستثمرين. ويضم المشروع، المقام على مساحة 476 ألف متر مربع، فندقا فخما، وآخر من فئة أربعة نجوم للأعمال وقصرا للمؤتمرات وميناء ترفيهيا ومركزا تجاريا وآخر للأعمال وحوضا للسمك وشققا فاخرة وموقفا للسيارات يتسع ل6 آلاف سيارة. إلى جانب ذلك، كانت السلطات الإدارية بالمدينة كشفت، في وقت سابق، عن برنامج طموح لتنمية السياحة لسنة 2012، يتضمن استثمارات ضخمة بهدف الزيادة في طاقة الإيواء السياحي للمدينة من 9334 سريرا حاليا إلى 20 ألف سرير في أفق السنة المقبلة. ومن أبرز هذه المشاريع مشروع «كازا سيتي سنتر» لمجموعة «أكور» الفرنسية بقيمة 150 مليون دولار الذي انتهى العمل فيه تقريبا، ومشروع تهيئة العنق لمجموعة «دبي الدولية للعقار» بقيمة 250 مليون دولار، إضافة إلى ثلاثة مجمعات فندقية للغولف بنحو 200 مليون دولار. وتتضمن هذه المشاريع إنشاء وحدات فندقية ووحدات سكنية راقية ومبان للاستعمال الإداري ومساحات للترفيه والتسوق. في مقابل هذا التوازي الذي تمثله العينة المذكورة، يظهر حجم التناقض بين أقطاب الضواحي من جهة، حيث تتمركز البنيات التحتية المتطورة في غرب المدينة، ويكفي أن ما تم إنفاقه من طرف مجلس المدينة على هيكلة كورنيش عين الذئاب يصل إلى 20 مليار سنتيم في حين تعاني مجموعة من الأقطاب الضاحوية من غياب بنيات تحتية تمكنها من التنقل بيسر، بل وتحولت بعضها إلى نقط سوداء. الأقطاب الحضرية الضاحوية قال عنها مسؤول الوكالة الحضرية إنه : »حين نركز في الوكالة الحضرية على الأقطاب الضاحوية، فإننا لا نسعى إلى خلق مراكز حضرية تفتقر إلى البنايات والمرافق العمومية. إننا على العكس من ذلك كما نص على ذلك المخطط المديري، نحرص على أن يتم ربط هذه الأقطاب بطريق مداري جديد يشكل حلقة وصل بينها وكذلك بخط سكة حديدي وأن تنال نصيبها من المرافق العمومية المهيكلة«. المراقبون للمجال في البيضاء يندهشون من هذه المتمنيات التي عبر عنها واضعو وثائق التعمير، فالواقع الذي يميز هذه الضواحي، هو بمثابة تنقيل لفضاءات الصفيح في اتجاه تخوم البيضاء، في حين تبقى إمكانيات توفير هذه الروابط الباعثة على الاندماج غائبة أو شبه منعدمة، وفي حال استمرار غيابها سنكون أمام كيتوهات إسمنتية على هامش المدينة الغول.