مر عقد من الزمن،على انطلاقة مشروع إنجاز سوق نموذجي أريد له أن يخرج التجار والباعة من شرنقة العشوائية، قبل أن تدخله عوامل”التخربيق” متاهات “اللي شافوه تايدز فالفار، قالوا ليه شحال الصوفة للقنطار”، عبر إغراقه بقائمة مستفيدين ليس بينهم والتجارة سوى “الخير والإحسان”،دون احتساب ما عرفته عملية البناء والتشييد من اختلالات وتجاوزات تجار السوق المنضوون تحت لواء جمعية تجار سوق إيزيكي، لم يستسيغوا أن يظلوا رهينة سياسة”سير واجي يهديك الله”التي رمتهم بها الجهات المسؤولة محليا،و التي ظلت تتابع مجريات إنجاز المشروع،وما واكبه من مشاكل وتعثرات، دون أن تحرك ساكنا، قبل أن يزج بالجميع في متاهات قضائية، لم تعرف نهايتها طيلة سنوات. دخول القضية أروقة المحاكم، وبطء مسطرة التقاضي التي عمرت أكثر مما يجب،واعتماد سياسة “اللي بغا يربح العام طويل”،جعلت التجار المعنيين يفقدون بوصلة الصبر والاحتمال،ومن ثمة قرارهم الانتقال باحتجاجهم صوب فضاءات محكمة الاستئناف، للتنديد والاحتجاج على بطء مساطر التقاضي، مع التأكيد على مطلب إعادة فتح تحقيق نزيه وشفاف حول مجمل ملف السوق، والإصرار على ضرورة أن يأخذ الملف مساره الصحيح بعيدا عن ” سير واجي يهديك الله”. تحديد مجالات صرف مبلغ 705 ملايين سنتيم،التي تم استخلاصها من أموال التجار من طرف المكتب السابق،لإنجاز بناءات اعتبرت غير صالحة “للعادة ولا للعبادة”، مع افتحاص الوثائق المدلى بها لتبرير إنفاق المبلغ إياه،كانت بدورها ضمن مطالب المحتجين. عشرات التجار طفح بهم الكيل، وقرروا الانتظام في وقفة احتجاجية، حاصروا من خلالها مبنى محكمة الاستئناف،طيلة اليومين السابقين، قبل أن يدخل الوكيل العام على الخط،ويعقد اجتماعا مع ممثلين عن المحتجين،انتهى بقطع وعد بترتيب لقاء مع رئيس المحكمة الذي كان غائبا لحظتها، حدد له تاريخ بصبيحة الخميس المقبل. التحرك الأخير جاء تتويجا لمسار احتجاجي امتدت حباله إلى العاصمة الرباط، حين نظم التجار المنضوون تحت لواء الجمعية المذكورة وقفة احتجاجية أمام مقر وزارة العدل. مدير مديرية الشؤون الجنائية بوزارة الرميد، سارع وقتها لعقد اجتماع بممثلين عن المحتجين، عبر خلاله عن استغرابه لمآل هذه القضية الشائكة، ليعمد بعدها إلى ر بط الاتصال ببعض المسؤولين القضائيين بمراكش، ويطالبهم بالإسراع بالبت في مجمل القضايا والملفات المتعلقة بالسوق وأهله، لتظل القضية بعدها في خانة ” زوجة المنحوس،اللي ماهي مطلقة ماهي عروس”، فجاء القرار بتصعيد الموقف، ومحاصرة مبنى محكمة الاستئناف تحت شعار” القضاء هاهو،والعدالة فين هي؟” بدأت فصول الحكاية، بتاريخ 09 يوليوز 2003،حين أعلنت المصالح الجماعية والسلطات المحلية، عن مشروع إنجاز سوق نموذجي بحي إيزيكي، لإخراج المنطقة من فوضى السوق العشوائي،الذي كانت الساكنة تستمد منه حاجياتها من الخضر والفواكه،وبعض الأواني والتجهيزات البسيطة. لم يكد ينطلق مشروع الإنجاز، حتى بدأت الأصوات ترتفع منددة بما اعتبر حينها،مضاربات وتلاعبات تم من خلالها إغراق لائحة المستفيدين بأشخاص غرباء، لا علاقة بالسوق وتجارته،مع توجيه أصابع الاتهام لبعض القيمين على الشروع، وقبيلة المنتخبين،التي ركبت العملية لتجييش الأصوات الانتخابية،ومراكمة الثروات غير المشروعة على حساب ذوي الحقوق من التجار والباعة. حقائق ووقائع سيؤكدها تقرير اللجنة التي تم تشكيلها على مستوى ولاية الجهة، التي سجل أعضاؤها بشكل رسمي وقوفهم فعلا على أن “عدد المستفيدين الذين كانوا بالفعل يمارسون تجارتهم بالسوق، يقف في حدود351، وأن عدد المستفيدين غير المعروفين يصل إلى 150،وعدد الممارسين بداخل السوق غير المستفيدين28″. ولأن المثل الشعبي يؤكد بأنها” ماحدها تقاقي وهي تزيد فالبيض” فإن أشغال الانجاز، ستعرف تعثرات ومشاكل،انتهت بتوقف الأشغال في منتصف الطريق، ليستمر الباعة والتجار في انتظار”ما لا يأتي”. ارتفاع الاصوات بالاحتجاج والتنديد، سيدفع والي الجهة السابق،إلى عقد لقاءات ماراطونية مع ممثلين عن التجار، للبحث في السبل الممكنة للدفع بعجلة انجاز المشروع، ليتقرر اعتماد غلاف مالي بقيمة مليار و200 مليون سنتيم،على أساس ان تتكفل مصالح المجلس الجماعي بتخصيص مبلغ 800 مليون،فيما تقوم الولاية بتوفير 400 مليون سنتيم من الغلاف المعتمد بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية. طريقة تدبير مختلف مراحل المشروع، وما عرفته من مظاهر “حيرتني يا القرع،ما عرفت منين نبوسك” سيخرج قضية السوق، من سياقاتها الإجتماعية،ليزج بها في متاهات القضاء والتقاضي، حين عمد العديد من التجار إلى تشكيل جمعية بديلة، مع التلويح في وجه مسؤولي الجمعية الأولى، بجملة تساؤلات تفوح برائحة الاتهام بارتكاب “خروقات وتجاوزات في عملية بناء وتوزيع دكاكين السوق، وتلاعبات في تدبير ماليته”. دخول القضية منعرجات ودروب القضاء، عقب ركوب كل طرف فلك الشكايات ورفع القضايا في وجه الطرف الآخر، ستدخل الجميع نفقا مسدودا لم يخرجوا منه لحد كتابة هذه السطور،ومن ثمة قرار جمعية تجار سوق إيزيكي، الانخراط في محاصرة مبنى المحكمة،قصد الدفع في اتجاه”اللي نطولوه،نقصروه” إسماعيل احريملة/تصوير عبد النبي الوراق