بعد دفاتر تحملات القطب العمومي السمعي البصري، يأتي الدور على المجتمع المدني. مصطفى الخلفي قاد معركة شرسة منذ بدايات عمله في وزارة الاتصال ليفرض دفاتر تحملات لايمكن الطعن في جانب منها، لولا أنه يحاول فرض وجهة نظر حزبه والحركة الدعوية التي تقبع وراءه، وذلك انطلاقا من مشروع مجتمعي كما يتصوره التنظيم العالمي للإخوان المسلمين.معركة الخلفي بلغت أوجها بعدما تصدى له جزء مهم من المهنيين وطرف من مكونات الأغلبية الحكومية. لكن دفاتر التحملات ليست سوى جزء من مخطط كبير للإسلاميين من أجل الهيمنة على الإعلام. وزير آخر تابع «للعدالة والتنمية»، عمل أيضا مبكرا على محاولة بسط يده على مجال حيوي وأساسي، يتمثل في المجتمع المدني. الشوباني يخوض حربا ضروسا،باسم الحكامة، للتحكم في المجتمع المدني. وزير العلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، ينطلق من اللبس الموجود في المرسوم المحدد لاختصاصات وزارته، محاولا بسط هيمنة إدارية على الجمعيات، في ضرب لمقتضيات الدستور فيما يخص استقلاليتها عن الإدارة، وأيضا لضرب مكونات فاعلة في المجال الجمعوي تعارض توجه الشوباني وحزبه،لتشبعها بثقافة حقوق الإنسان، وتعارض المشروع المجتمعي للإخوان المسلمين، الذي يرغب الشوباني وحزبه في فرضه على المغرب. أخطر ما يقوم به الشوباني وزميله في الحكومة وحركة الإصلاح والتوحيد الخلفي، يتجلى في تغليف رغبة الهيمنة على المجتمع المدني والإعلام بالدعوة للحكامة. وهذا ما يمكن وصفه بدس السم في العسل. ولو تعلق الأمر بالحكامة الجيدة ومحاربة الفساد، لوجد الوزيران معظم المغاربة في صفهما، لكن أن تكون العملية مطية لفرض أيديولوجية حزبهما وتصور حركتهما الدعوية على حقلين هما نبض المجتمع، فالأمر يتطلب من المغاربة الحيطة والحذر قبل فوات الأوان. نحن ضد الفساد الذي يوجد في الحقلين معا، ومع الضرب بقوة على كل جيوب الفساد والاستبداد، من أية جهة كانت. لكننا ضد استغلال الأمر لتجفيف منابع العقلانية والحداثة، وفرض«خونجة» الإعلام والمجتمع المدني، بل، نعتبر الرغبة في الهيمنة الإيديولوجية لإخوة بنكيران على الحقلين،استبدادا وفسادا في حد ذاتهما.