كان مشهدا استثنائيا في حياة شركة «جي بي سي» للكارطون بالمحمدية. هكذا وصف شهود عيان فصول العملية التي تابعوها منذ البداية. مشهد سيارة الشرطة التي توقفت فجأة صباح يوم الخميس الماضي، أمام بوابة الشركة الرئيسية، كان مثيرا. العمال وعدد من سائقي الشاحنات الذين كانوا يرابضون أمام البوابة في انتظار تسلم «باليطات» الكارطون، تساءلوا عن سبب هذا الحضور الأمني الذي أيقظ شكوكهم وتخميناتهم. انتظاراتهم لم تطل. بعد مرور ساعة تقريبا، بدأت الأمور تتضح شيئا فشيئا. عدد من العمال يغادرون تباعا إلى «الفاركونيط». كانت لحظات عصيبة، هكذا تضيف شهادات البعض منهم. الجميع لم يصدق أن يقاد 15 عاملا من بينهم سائقان، للتحقيق. كان من بين الموقوفين المسؤول عن وصولات تسليم السلع، المنحدر من منطقة البرنوصي، ورفيقه القاطن ببلدية عين حرودة. قصة اكتشاف العملية، بدأت مباشرة بعد تزايد الشكوك حول تواتر عمليات السرقة. الإدارة تحركت بسرعة قبل فوات الأوان. خسائر بالجملة في سجلاتها، والبحث عن أسبابها أقلق مسؤوليها. لكن في آخر المطاف سيتم تقديم شكاية في الموضوع إلى المصالح الأمنية، قصد فتح تحقيق، واعتقال المتورطين المباشرين في العملية. المتهمان كانا يقومان حسب مصادر من العمال، بالتلاعب في «البونات». كانا يقومان بتسليم شحنات من السلع تتجاوز قيمتها العشرات من الملايين، دون القيام بتسجيلها وتدوينها. التحايل استمر لمدة غير قصيرة، قبل أن تكتشف الإدارة بعد توصلها بشكاية أحد الباعة بسوق للجملة بالبيضاء، أن منتوجها من كارطون التعبئة يباع بطريقة غير مشروعة. مما دفعها إلى التقدم بشكاية في الموضوع، قصد كشف ملابسات سرقات، تعد بملايين السنتيمات. مصادر أمنية، أكدت أن تقنية السرقة، تتمثل في تزويد سائقين بكميات إضافية من الكارتون، غير تلك المسجلة في حواسيب الشركة. بعدها، يعمد هؤلاء إلى تسليمهم المبالغ غير المصرحة على إثر استيفاء المبالغ المترتبة عنها بين الطرفين. المصادر ذاتها أضافت أن «العمليات بدأت منذ ما يزيد عن خمسة أشهر تقريبا، وقدرت الخسائر الأولية بحوالي مليار سنتيم». في حدود العاشرة ليلا من مساء يوم السبت الماضي، كان الجميع يقف أمام الوكيل العام للملك باستئنافية البيضاء. التحقيق والاستماع إلى العمال، كشف عن تورط اثنين منهما في السرقات المتتالية بالشركة. الوكيل العام أمر بعدها بمتابعة اثنين منهما في حالة اعتقال بعد أن ثبت تورطهما المباشر، في حين أطلق سراح الباقين. عمل الشرطة لم ينته. مصادر من العمال أكدت أن عناصر من الشرطة العلمية حلت من جديد بمقر الشركة نهاية الأسبوع، لتقويم الخسائر وتتبع خيوط عملية محبكة في انتظار أن تكشف محاكمة المتهمين عن تفاصيل جديدة. محمد عارف/أحمد بوعطير