بعدما كانت أسجن التي يعرفها الكثيرون أنها قرية، قبل أن تتحول لمركز قروي وحضري، وتكون في وضع ترابي غير واضح بين إقليمين أيضا. كانت تغري زوارها بالأمن والسكينة، لينقلب هذا الوضع الهادئ رأسا على عقب، وأصبح مواطنوها يعيشون على إيقاع الرعب و الخوف اليومي، بسبب الاعتداءات الإجرامية التي ينفذها أشخاص احترفوا الجريمة، من أصحاب السوابق المبحوث عنهم والفارين من قبضة العدالة. أسجن مدينة التقاء الثقافات، حيث قبور اليهود والمسيحيين، لازالت شاهدة على تلك العلاقة والتقارب القديم بين الثقافات والديانات، لكنها في غياب التدبير الأمني الأمثل تحولت ل«مرتع وفضاء للفارين والمبحوث عنهم»، يقول بعض أهالي المنطقة، ويضيفون بكل تأكيد أن هؤلاء تمكنوامن تكوين «عصابات» تجوب المنطقة، وتنفذ مخططاتها الإجرامية ضد سكان القرية، يجولون بشوارعها وأزقتها وهم «مدججين بأسلحتهم البيضاء من سيوف و سواطير» يعترضون سبيل المارة و يسلبونهم كل ما بحوزتهم من أموال وهواتف وممتلكات أخرى، بعدما يمارسون عليهم كل أشكال الضرب والعنف. ضحايا هذه الاعتداءات الإجرامية تقدموا بشكايات إلى السلطات الأمنية و القضائية بوزان، متضمنة أسماء وأوصاف المجرمين، الذين اعتدوا عليهم، مرفوقة بشواهد طبية سلمت لهم من طرف المصالح الطبية تثبت مدة العجز وحجم أثار خطورة الاعتداء البادي على أجسادهم، آملين أن تجد تلك الشكايات المقدمة وما تحمله من خطورة اهتماما وعناية عند المسؤولين، عبر التدخل العاجل والفوري لإلقاء القبض على عناصر تلك العصابات، التي حولت ليالي ساكنة قرية أسجن إلى رعب يقض مضجهم. المنتظر لم يكن كما كان مرغوبا فيه لدى الساكنة، وخاصة منهم الضحايا، حيث خيبت السلطات المسؤولة ظنهم بعدما أهملت شكاياتهم، و تجاهلت خوفهم، ليتحول لديهم ذلك الأمل إلى ألم يتجرعون مرارته منذ أسابيع بلياليها المفزعة، حيث ظل اولائك المعتدون بعيدين عن قبضة الدرك الملكي صاحب الإختصاص بالمنطقة. ويتهم الكثير من المواطنين هناك المصالح المختصة ب«التقصير»، في تتبع المتهمين والمشار لهم بالقيام بأعمال عنف وسرقات، وهو ما شجع هؤلاء على لإستمرار وجعل تلك العصابات تطمئن على وضعها وتتمتع بالحرية، حيث أصبحت هذه العصابات تقتحم منازل السكان والاعتداء على أصحابها ليلا ونهارا، ومحاولة اغتصاب نسائها مما زاد في عدد الضحايا والسرقات. مصادر تقول «عندما كان رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران يكيل المديح للأجهزة الأمنية قبل أسابيع في البرلمان، كانت في تلك اللحظة بالذات امرأة ممددة في قسم المستعجلات يالمستشفى الإقليمي لمدينة وزان، يرتقون لها الأطباء وجهها ب15 غرزة بسبب اعتداء إجرامي تعرضت له هي وزوجها، والذي كان هو الآخر طريحا على سرير بالمستشفى إلى جانبها، يخضع لتجبير يده بمادة الجبص، بسبب تعرضها لأكثر من كسر عندما كان يعمل على الدفاع عن زوجته، التي كانوا يحاولون اختطافها واغتصابها بعدما اقتحم أفراد العصابة منزلهما ليلا، وهو ما خلف ذعرا وسط سكان القرية». كما اقتحمت في نفس اللية عصابة إجرامية أحد المنازل وقامت بسرقة كل ما يحتوي عليه من أفرشة وتجهيزات ومذخرات، بعدما قامت بقطع التيار الكهربائي عن المنزل، وهو ما أرعب صاحبه وزوجته، وجعلهما يختبئان في إحدى زواياه، خوفا من أن تجهز تلك العصابة عليهما. وحتى عندما تقدم الضحايا بشكاياتهم لدى السلطات الأمنية من أجل أن تتدخل، وتعمل على اعتقال أفراد تلك العصابات، تكتفي دوريات الدرك وفرقه بالقيام ببحث عادي وجولة لا تغني ولا تشفي، حيث عاينت مكان السرقة وجمعت بعض المعلومات عن المتهمين، دون أن تتمكن من إلقاء القبض عليهم. مصطفى العباسي / رشيد اكرينة