أسدلت المحكمة الابتدائية الزجرية بالدار البيضاء، في 18 فبراير الماضي، الستار عن ملف للاتجار الدولي في المخدرات تزعمه مواطنون ليبيون ومغاربة، أحكام تراوحت ما بين عامين وعشر سنوات، وتجريد من الممتلكات. لم يقف الأمر عند الاتجار في المخدرات، بل تجاوز أعضاء الشبكة نشاط تهريب المخدرات إلى تبييض الأموال وتهريب العملة، وصلت إلى أزيد من 9 ملايين دولار، ما له انعكاس سلبي على الاقتصاد الوطني. في هذا الملف ندخل عالم الفيتوري وشبكته ونتعرف على طرق تهريب المخدرات ومساراتها وأرباحها، وكيف استطاع الحشيش المغربي أن يصل مستهلكين في مصر. ثلاثون عنصرا من الدرك الملكي، اتجهوا مارس 2012 مدججين بأسلحة نارية وكلاب مدربة تخترق صحراء «الريصاني» لمصادرة كميات ضخمة من مخدر «الشيرا» على ثلاث مراحل متفرقة، بمنطقتي «الريش» وصحراء «الريصاني» شرق المملكة، انتصبت ألغاز كبيرة أمام الأمن حول هذه الكميات الهامة من المخدرات بمناطق لا تعتبر مسالك تقليدية ومعتادة لتهريب الحشيش. هل يتعلق الأمر بعصابة محلية؟ أم بشبكة تهريب دولية ؟ سؤال أرق المحققين رغم تكثيف الحملات لفك لغز ملف يعد سابقة من حيث طرق تهريب الحشيش المغربي إلى كل من ليبيا ومصر. الصدفة تكشف الفيتوري وأعوانه أبحاث معمقة وتمشيط مكثف لاعتقال أفراد الشبكة المتورطة في حيازة هذا الكم الهائل من المخدرات وإخفائه في تلك المنطقة النائية البعيدة عن الرقابة الأمنية، انتهت باعتقال ثلاثة أشخاص، ومباشرة التحقيق مع أصحاب الحقول التي تم العثور بداخلها على «الحشيش» مخفيا تحت جريد النخل. دخول الفرقة الوطنية على الخط عجل بتجميع خيوط القضية الشائكة، لينهي بلاغ الفرقة الوطنية في ماي الماضي، بالحديث عن «جزء من المافيا الدولية وشبكة يتكلف كل عنصر فيها بمهمة محددة يسهر من خلالها على نجاح تهريب المخدرات وذلك بالإشراف على تأمين نقلها وتهريبها بعيدا عن المراقبة الأمنية بالمناطق الشرقية (عين بين مطهر، الراشدية، الطاوس)، في اتجاه الحدود الجزائرية، ثم تتكلف شبكات أخرى على تأمين مرورها بالمسالك التي تنطلق من صحراء الريصاني في اتجاه الحدود الجزائرية المالية والحدود الجزائرية مع النيجر إلى أن تصل منطقة تزاربو بالجنوب الليبي ومنها إلى مصر». بعد عام من اكتشاف الشبكة، توالت التحقيقات، وثبت تورط الشبكة، بعد اعترفاتهم سواء لدى عناصر المكتب الوطني لمكافحة المخدرات، التابع للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، أو في التحقيق التفصيلي بمكتب قاضي التحقيق نور الدين داحن باستئنافية البيضاء، قبل أن يسدل الستار على الملف بإدانة أعضاء الشبكة بأحكام تتراوح بين عامين و10 سنوات، مع مصادرة ممتلكات وأموال المتهمين والمحجوزات من أموال وسيارات فارهة. من مئات الكيولوغرامات إلى تهريب الأطنان أول يوم وطأت فيه أقدام عبد الرحيم الفيتوري بالمغرب كان في سنة 1997، مكت حوالي شهرين على سبيل السياحة واكتشاف بلاد سمع عنها الكثير. تعرف على مواطن جزائري يدعى محمد الناصري، استطاع إقناعه بمشاركته في تهريب المخدرات، لمعرفته ودرايته بأصول تجارة المخدرات بالمغرب. عاد إلى ليبيا حيث تم اعتقاله وأمضى عقوبة حبسية دامت عامين بتهمة الاتجار في المخدرات. أطلق سراحه سنة 2001، بعد أن استطاع الحصول على قرار عفو مزور، ليعود إلى المغرب عبر الحدود التونسية بجواز سفر مزور، تفتقت عبقريته لتحويل نشاطه في تجارة المخدرات إلى المغرب وجعله المنطلق، بعدما تيقن أن تجارة المخدرات بليبيا بدأت تتضاءل أرباحها، ليقرر البحث عن مسارات أخرى جديدة لتهريب المخدرات، انطلاقا من منطقة الريصاني مرورا بالحدود الجزائرية المالية النيجيرية، ثم الحدود الجزائرية التشادية وصولا إلى منطقة ترازبو الليبية، قبل أن ينقلب المسار وتصل مخدرات الفيتوري إلى مصر. أول عملية قام بها الفيتوري كانت في 2002، شملت تهريب 300 كيلوغرام من مخدر الشيرا، يطلق عليه تجار المخدرات ب«الصابونة»، تم إيصالها إلى منطقة الورغلة وتسليمها لمروج جزائري يدعى عبد الزراق البوسعيدي، سلمه إلى مواطن ليبي يدعى عبد السلام أجديع تم إدخالها مدينة الزاوية الليبية. أرباح الفيتوري من أول عملية وصلت حدود 120 ألف أورو، استطاع تهريبها بواسطة ابن اخته، اقتطع منها هذا الأخير مبلغ 44 مليون سنتيم بالدرهم تبقى بذمة الفيتوري عند المزود الرئيسي، توالت فيما بعد عمليات أخرى بلغت 12 عملية حيث جرى تهريب أزيد من 1800 كلوغرام من الشيرا عبر شحنات تزن ما بين 300 و 400 كليوغرام. استطاب الفيتوري وشبكته أموال المخدرات بعد أن اكتشف مسارات جديدة أكثر أمانا، وقرر تنويع أسواقه ليتشمل مصر، الفكرة لم تأت من فراغ، جاءت بعد أن ربط الاتصال بأحد زملائه في السجن، يدعى السنوسي خليفة، اعتقل مع بسجن الزاوية بليبيا سنة 1999. عدوة خليفة السنوسي لزميله الفيتوري فتحت عينه على تجارة المخدرات بمصر، بحكم أن أخوال السنوسي يتاجرون في المخدرات، اتفق الرجلان على الشراكة في تجارة المخدرات ويبدآن مرحلة من التجارة أكثر ربحا والبحث عن إمكانيات لتهريب أكبر شحنة من المخدرات وبالتالي معانقة الثراء السريع. مشروع كل من الفيتوري وخليفة السنوسي تأجل مؤقتا، لكون الفيتوري حاول دخول المغرب عبر مطار القاهرة الدولي، فتم اعتقاله لكونه مبحوثا عنه بتهمة الاتجار الدولي للمخدرات وتم تسليمه للسلطات الليبية حيث حكم عليه بعشر سنوات، قضى منها 4 سنوات وأفرج عنه في إطار برنامج إعادة التأهيل، لكنه استطاع الهرب مرة أخر من ليبيا، ودخول تونس بواسطة جواز سفر مزور باسم خليفة علي سالم عمار ومن تونس دخل المغرب في سنة 2007. تنسيق وتقسيم محكم للأدوار حينما دخل الفيتوري إلى المغرب في 2007 استقر بمدينة المحمدية واكترى فيلا بمبلغ 8000 درهم في حي «لاسييستا»، ربط الاتصال بزميله في السجن خليفة السنوسي، هذا الأخير زوده رقم هاتف ليبي آخر يدعى فرحات الجراري، ثم عاود الاتصال بالجزائري عبد الرزاق البوسعيدي، وجزائري آخر يدعى لخضر أغدير، هؤلاء شكلوا فرع الشبكة بليبيا، عملوا على تهريب المخدرات إلى منطقة تزاربو الليبية. بالمغرب بعد استقرار الفيتوري بالمحمدية تعرف على المغربي حسن، وهنا بدأت سلسلة من عمليات تهريب بلغت 17 عملية. كانت العملية الأولى في سنة 2008، تزود الفيتوري من حسن بطن من المخدرات، منحه 220 مليون سنتيم كدفعة، على أساس أن يمنحه باقي المبلغ بعد وصول المخدرات إلى منطقة تزاربو ويستقبلها فرحات الجراري، وبالفعل، تم إيصال أول شحنة بنجاح إلى تزاربو الليبية وتسلمها الجراري، وتمكن من إيصالها إلى مصر. كتب النجاح لهاته العمليات وتم تنفيذ 5 عمليات بنفس الطريقة في البداية، ربح خلالها الفيتوري 550 مليون سنتيم، كان يقوم بشراء المخدرات من حسن منار بملبغ 6500 درهم للكيلوغرام من الشيرا من نوع «الصابونة»، ثم يعيد بيعها لفرحات الجيراري بملغ 8000 درهم، هذا الأخير يقوم باقتطاع حوالي 1650 درهم من الكيلوغرام الواحد، كواجبات للأشخاص المشاركين في نقل المخدرات إلى تزاربو هؤلاء أطلق عليهم بلغة الشبكة اسم «العبيد» أو الناقلين. أجواء الود التي سادت بين أفراد الشبكة، لم تدم كثيرا إذ سرعان ما انقطعت، بعدما امتنع الجراري عن المشاركة في تهريب المخدرات، بسبب عدم التزام الفيتوري بأداء مليارين سنتيم كمستحقات للجراري، ليلجأ الفيتوري للمصريين دون وسيط، تعرف على يوسف طاهر، وربط والاتصال بعائلة الشتوري بمصر، في شخص واصف الشتوري، هذا الأخير اشترط على الفيتوري تهريب نوع «العربية» بمبلغ 8000 درهم للكيلوغرام، لينطلق بذلك فصل جديد من التهريب في مطلع سنة 2009، والوسيط الرئيسي بين الشبكتين حسن وزوجته إيمان، ووسطاء جدد ينحدرون من مكناس ومنطقة جانيت بولاية إليزاي الجزائرية، وتم تنفيذ 6 عمليات بنفس الطريقة ونفس المسار إلى حدود يناير 2012. لكن هنا ظهر معطى آخر في عمليات التهريب، يتعلق الأمر بصرافين غير شرعيين منهم كان حسن الصراف بالمغرب، كان من جملة من يزودون الفيتوري بالأموال اللازمة لشراء المخدرات، بعملات مختلفة حسب طلب الزبون، لينضاف نشاط تهريب العملة وتبييض الأموال إلى الاتجار الدولي في المخدرات. تهريب للعملة في خدمة المخدرات أول لقاء بين الفيتوري أو «الحاج خليفة» كما يلقب بالمغرب مع حسن الصراف، كان في سنة 2011، بوساطة مواطن ليبي آخر يدعى صالح الزوين، هو صاحب محل للصرافة بدبي، هذا الأخير ومجموعة من الصرافين بدول مختلفة كمصر وليبيا، عملوا على تزويد التجار بحاجياتهم من العملات الأجنبية لانجاز صفقات تجارية في دول كالصين وتركيا. كان حسن الصراف، يتعامل مع صراف مغربي آخر يتاجر بالملابس والأحذية بليبيا، هذا الأخير كان يزود حسن الصراف بمبالغ مالية معينة، على أن يسلمها لمتعاملين معه لقاء 1000 أسبوعيا. اكتشاف حسن الصراف للميدان ونسجه لعلاقات واسعة مع صرافين في دول كالصين وتركيا والامارات العربية المتحدة، مكنه من دخول عالم الصرف والاغتناء سريعا. بدأ يعرض خدماته على التجار الراغبين في شراء سلع من الدول السالفة الذكر، وفق الطريقة التالية: يسلمه الزبون الراغب في استيراد السلع قيمتها بالدرهم المغربي، نقدا أو بواسطة شيك بنكي، ثم يقوم حسن الصراف بالاتصال بأحد المتعاملين معه في مجال الصرف في الدولة التي ستجلب منها البضاعة، ويطلب منه تسليم قيمة المبلغ الذي تسلمه بالأورو أو الدولار، واستطاع حسن الصراف القيام بمعاملات مالية وصلت إلى 9 ملايين دولار مابين 2010 و 2012، حقق من خلالها أرباحا وصلت إلى 150 مليون سنتيم. عملية الصرف هاته استفاد منها الفيتوري أيضا، وأنجز حسن الصراف مع عبد الرحيم الفيتوري 17 عملية صرف، استهلت في سنة 2011، انصبت على تهريب مبلغ 5 ملايين دولار ونصف، وتهريب مليون و600 ألف دولار خلال سنة 2012، ليصل بذلك مجموع الأموال المهربة ما بين 2011 و2012 ماقدره 7 ملايين و 100 ألف دولار وضعت بمكتب خاص للصرافة بدبي. لم ينحصر دور الصيارفة ومنهم حسن الصراف في تأمين المال بالعملة الصعبة، بل التنسيق أيضا في عمليات تهريب المخدرات عبر إخبار التجار بأماكن تسلم المخدرات. ما بين عامين و 10 سنوات وتجريد من الممتلكات كأوراق الخريف بدأت تساقط أعضاء شبكة الفيتوري، تم الاهتداء إليه مباشرة بعد أن تمكنت الفرقة الوطنية من اعتقال معاوني الفيتوري بمنطقة الريصاني، وهم مصطفى أحتيت ويوسف طاهر وحسن منار ثم اعتقال الفيتوري وثلاث مواطنين ليبيين مارس 2012، التحقيق مع المتهمين تفصيليا، ليستأنف الوكيل العام للملك باستئنافية البيضاء قرار قاضي التحقيق بالمحكمة قررار إحالة أفراد الشبكة على المحكمة الابتدائية، ومتابعتهم من أجل «تكوين عصابة إجرامية ف يالتهريب والاتجار الدولي في المخدرات، وتهريب البضائع والسلع، وإخفاء أشياء متحصل عليها من جناية، عدم التبليغ مخالفة مقتضيات قتون الصرف والأحكام المتعلقة بالتصريح بالعملات الأجنبية، وكذا الضوابط القانونية الخاصة بإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة والمشاركة». أزيد من 11 شهرا من المحاكمات، انتهت فصول قضية الفيتوري ومن معه بإدانتهم في 18 فبراير الماضي بأحكام تراوحت ما بين عامين و 10سنوات سجنا نافذا مع الغرامة قدرها 500 ألف درهم في حق كل من عبد الرحيم الفيتوري إمصاك الملقب بالحاج خليفة، و«يوسف طاهر» و «محمد علي أبو القاسم بحور» و «مصطفى أحتيت» و «حسن منار»، و«حسن اجبيلي الملقب بحسن الصراف» وبثلاثة سنوات حبسا نافذة ل «إيمان الحياني» و سنتين حبسا نافذا ل«محمد البرهاني»، وتغريمهما 2000 درهم، ومصادرة أملاكهما، بعد أن توبعا في وقت سابق في حالة سراح، بالإضافة إلى صادرة مجموعة من المحجوزات، ضبطتها الفرقة الوطنية بوجدة، عند فتح الملف، يتعلق الأمر ب16 سيارة فاخرة من نوع «بورش»، «ميرسيديس»، «رانج روفر»…، وشاحنة واحد، و مليار و400 مليون سينتيم، والمنقولات العقارية، على أن تدخل مديرية الجمارك والضرائب على تدخل مديرية الجمارك ومكتب الصرف في الخط وتنصب نفسها كطرف مدني، في قضية مازالت تعد بالكثير من المفاجآت بعد صدور مذكرات بحث وطنية ودولية في حق مجموعة من المتورطين. مسار المخدرات * داخل المغرب عبد الرحيم الفيتوري: يربط الاتصال بحسن لتأمين المخدرات ونقلها، ويسلمه دفعات مالية أولى كعمولة . حسن :عمل على تأمين ونقل المخدرات انطلاقا من عين بني مطهر، كان يتسم الشحنات عبر سيارته الرباعية الدفع، ثم ينطلق بها إلى الحدود الجزائرية عبر طريق غير معبدة تفاديا لسدود المراقبة حيث يتسلمها شريك له يدعى حسن عمارة جزائري، ربطته بمنار تجارة تهريب المواشي الجزائرية للمغرب. استطاع منار تنفيذ أكثر من 17 عملية مع الفيتوري على نفس الشاكلة * داخل ليبيا داخل ليبيا عمل فرحات الجيراري على استقبال الشحنات وتأمين ناقلين أو «عبيد» للمخدرات نحو مصر، عبر ربط الاتصال بمواطنين جزائريين ينحدرون من منطقة جانيت التابعة لولاية إليزاي الجزائرية، أو ما يصطلح عليهم بالعبيد أو ناقلي المخدرات، ثم تسليمها لشبكة الشتوري بمصر في الحدود ما بين مصر وليبيا. * داخل مصر بمصر تبدأ رحلة جديدة للشيرا، بعد أن تصل بسلام عبر طريق الحرير أو الذهب وتستقبلها شبكة الشتوري المصرية في شخص كل من واصف الشتوري ثم ابن عمه عيد الشتوري بعد إيقاف هذا الأخير، وبذلك يكون الحشيش قد قطع مسافة فاصلة بين منطقة الريصاني مرورا بالحدود الجزائرية المالية النيجيرية، ثم الحدود الجزائرية التشادية وصولا إلى منطقة ترازبو الليبية. الجماعات الإرهابية تفتح مسالك تهريب الكوكايين بعمولة قدرها 10٪ باريس (أ. ف. ب) – أدى النزاع الدائر في مالي إلى تعطيل أحدى أهم طرق تهريب الكوكايين من دول الساحل الإفريقي إلى أوروبا، إلا أن المهربين باتوا يتكيفون مع هذه الظروف المستجدة معدلين مسار حمولاتهم. فقد تحول الغرب الإفريقي في السنوات العشر الأخيرة إلى ممر رئيسي للكوكايين القادم من أميركا اللاتينية والمتجه إلى أوروبا، في ظل الفقر وضعف بنى الدولة في مالي ودول المنطقة. وتقوم بواخر تهريب المخدرات بإنزال حمولاتها في مرافئ غينيا، وتنقل كميات أخرى من الكوكايين على متن الرحلات المباشرة التي تصل فنزويلا بمالي أو موريتانيا. وتكدس هذه المخدرات بعد ذلك قبل أن يجري توزيعها إلى الدول المطلة على الشاطىء الشمالي للبحر المتوسط. ويطلق الخبراء على هذا الطريق اسم «اوتوروت آ-10»، وهو من أهم طرق تهريب المخدرات في العالم. وأشار تقرير صادر عن الأممالمتحدة في العام 2009 إلى أن كمية الكوكايين التي عبرت هذا الطريق تصل إلى نحو 250 طنا. ويقول ألان رودييه مدير الأبحاث في المركز الفرنسي للأبحاث والمعلومات أن 10 بالمئة من الكوكايين الذي يدخل أوروبا يمر عبر إفريقيا. ويضيف رودييه الذي سبق أن كان ضابطا في الاستخبارات أن الانتفاضة الشعبية التي جرت في كل من تونس وليبيا، ومن ثم النزاع في مالي، عطلت طرق مرور الكوكايين، إلا أن المهربين «يبدون قدرة على استباق الأمور ومتابعة أعمالهم من خلال طرقات أخرى». ويرى ماتيو غيديير، الأستاذ الجامعي المتخصص في الشؤون الإسلامية، أن التدخل العسكري الفرنسي في مالي شكل «ضربة قاصمة عطلت طريق تهريب المخدرات والسلاح والهجرة غير الشرعية». ويؤكد أن كل تجار المخدرات يدفعون للحركات الإسلامية المتشددة ما يشبه ضريبة مرور توازي عشرة في المئة من قيمة الحمولة. ويقول إن «بعض الفصائل المسلحة قد تؤمن أيضا حماية لقافلة المخدرات مقابل أجر». ويقول كسافييه روفيه المتخصص في علم الجريمة «يستحيل أن ترسم خارطة طرقات التهريب بحبر جاف..فما أن يجف الحبر ستتغير الطرقات». ويضيف «على مدى أربعين عاما لم يتعطل نقل المخدرات إلى أميركا الشمالية وأوروبا». ويدلل على ذلك بالإشارة إلى أن سعر بيع الكوكايين انخفض إلى النصف بين العامين 1980 و2010. وبحسب كسافييه، فإن «الكميات المضبوطة من الكوكايين لا تؤثر على السوق، فيما أموال المخدرات لا يتم ضبطها». وتشير أرقام الكونغرس الاميركي إلى أنه من بين كل مائة دولار من أموال المخدرات لا يجري ضبط سوى 25 سنتا. ويضيف كسافييه روفيه «مع بدء الاستعدادات للتدخل العسكري في مالي، بدأ تجار المخدرات بالبحث عن طرقات جديدة» لافتا إلى أن طرقا جديدة هي قيد الاستخدام في الكونغو قرب البحيرات الكبرى، وفي ليبيا. ويخلص إلى القول «أن العائدات الناجمة عن الاتجار بالكوكايين كبيرة جدا بحيث لا يشكل طول الطريق ونفقات سلوكه أي مشكلة». أنس بن الضيف