اعتبرته السلطات المحلية بسيدي مومن في «عداد الموتى». نظم له المسؤولون الترابيون بعمالة البرنوصي «حفلا تأبينيا». قرأ العديد من أبنائه سورة الفاتحة بعد اختفاء آخر آثاره من الوجود. كل هذه المراسيم الجنائزية كانت بمناسبة هدم آخر براريك «دوار السكويلة» في مطلع الأسبوع الأول من شهر فبراير المنصرم. القضاء النهائي على حي صفيحي معروف بالدار البيضاء، عمر لأكثر من ثمانية عقود، لم ينه «مندبة» آخر المرحلين منه. دك مساكنهم العشوائية وإجبارهم على إخلاء المكان في انتظار استفادتهم من بقع أرضية، حول المئات من الأسر المسجلة في قوائم الإحصاء أو ذات الملفات العالقة، إلى فلول من أشباه المشردين بلا مأوى أو آفاق سكنية. «أيتام» دوار السكويلة، لم يتحملوا أن يطول «حدادهم» على هدم براريكهم دون أن تسرع السلطات المحلية إلى طي ملفات استفادتهم من مشروع أهل الغلام لإعادة إسكانهم. البقية منهم مازالت في طابور الانتظار، لا تعرف متى ولا أين سيكون «قبر الحياة» الذي يلملم شتاتها. هذا التيه بين بيوت الكراء واستضافة الأهل والأقارب، دفع العشرات من المرحلين إلى تنظيم وقفات احتجاجية أمام مقر مؤسسة العمران بمشروع السلام 2 بسيدي مومن، للمطالبة بتسوية ملفاتهم بأسرع وقت. فئات أخرى من المتضررين اختارت المبيت في العراء للتعبير عن سخطها من التأخير، الذي تعرفه ملفاتهم داخل الملحقة الإدارية أناسي. موجات الاحتجاج والظروف اللاإنسانية للأسر المرحلة في الآونة الأخيرة، تولد عنها تكوين لجنة لمتابعة ملف السكن بدوار السكويلة، تضم في عضويتها أبناء هذا الحي الصفيحي المهدم وبعض أعضاء مقاطعة سيدي مومن. هذا اللفيف من السكان والمنتخبين، اجتمع مساء الثلاثاء 5 مارس الجاري لتدارس مستجدات الملف وإطلاع المرحلين بنتائج سلسلة من اللقاءات، التي عقدت مع رئيس مقاطعة سيدي مومن وعضو اللجنة الإقليمية. مسؤول قالوا عنه أنه وعدهم بحل جميع المشاكل العالقة، بالتنسيق مع عامل سيدي البرنوصي. المسؤول المحلي دعا أيضا لجنة المتابعة إلى إعداد لائحة أولية بأسماء المتضررين لعرضها على اللجنة الإقليمية للبت فيها في أقرب الآجال، كخطوة أولى في انتظار إعداد لائحة تشمل باقي المتضررين. في السياق نفسه، التقت اللجنة بالنائب البرلماني محمد يتيم عن حزب العدالة والتنمية بمكتبه بالغرفة الأولى، وسلمته ملفا يضم لوائح المتضررين وبعض النماذج من الخروقات، فوعد أعضاءها بعرضها على أنظار رئيس الحكومة وبعض وزرائه كوزير الداخلية ووزير السكنى والتعمير وسياسة المدينة. كما أودعت اللجنة الملف ذاته لدى وزارة الداخلية، وزارة السكنى والوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، والوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالشؤون العامة والحكامة، ومؤسسة العمران والمجلس الوطني لحقوق الإنسان. فيما امتنعت مؤسسة الوسيط عن تسلم الملف تحت مبرر إلزامية التوفر على قرار الهدم وبطاقة الإحصاء.