لم تعد الجرائم وأعمال العنف حكرا على الرجال كما في السابق، خاصة بعد أن اقتحمت النساء عوالمها، وتفننن في تنفيذها، من سرقات إلى تكوين عصابات وترؤسها مرورا ب«الكريساج» وغيرها من الجرائم التي تجردت فيها المرأة من ثوب الأنوثة، وانسلخت من طبيعتها، ودخلت عالم احتراف الجريمة من بابه الواسع مستخدمة كل الوسائل والأسلحة. سجنت أكثر من مرة بتهمة الضرب والجرح، لكن ميلودة لاتزال مصرة على مواصلة المهمة التي ترى فيها الكثير من النبل، لكونها تنصف النساء المظلومات على نظيراتهن، من خلال إلحاق الهزائم بالمتغطرسات، مقابل الحصول على «حلاوتها» من زبوناتها اللاتي يستخدمنها أحيانا كأداة انتقام، ويلجأن إليها أحيان أخرى لتحقيق كل ما استعصى عليهن فعله. تقدم خدمات إجرامية مدفوعة الأجر تتميز ميلودة ببشرة شديدة الاسمرار نتيجة تعرضها الدائم لأشعة الشمس الحارقة، وبملامح وجه حادة، زاد من حدتها آثار الندوب والكدمات الشاهدة على المعارك الكثيرة التي خاضتها. ميلودة التي تجاوزت الثلاثين من العمر لا تتذكر أنها تعرضت في يوم من الأيام لأي نوع من التحرش أو المضايقة على يد أحد الرجال، فلا أحد يجرؤ على القيام بذلك خوفا من قبضتها الفولاذية. لجوء ميلودة لعضلاتها يفسره الخمار العلمي أستاذ التعليم العالي في سوسيولوجيا التربية بالمدرسة العليا للأساتذة بالقول إن «العنف النسوي الذي يقوم على البنية القوية أو وسائل العنف المختلفة كالأسلحة البيضاء أو الأيدي من أجل الابتزاز، يعبر عن عطب في التحول المدني للمجتمع المغربي وهذا العنف يمكن أن يكون كرد فعل على العنف الممارس عليهن داخل المجتمع سواء من طرف الرجل أو من غيره». كانت ميلودة في البداية تستثمر قوتها في توفير الحماية لأقاربها وأصدقائها، بدافع الشهامة والغيرة على من تحب، لكن الدافع سيصبح ماديا فيما بعد. تولدت لدى المرأة فكرة استثمار جسدها القوي في جلب المال، بعد لجوء إحدى صديقات شقيقتها إليها من أجل مساعدتها على الانتقام من «ضرتها»، مقابل مبلغ مالي مغر، حيث عمدت إلى تشويه وجه الزوجة الجديدة بواسطة شفرة حلاقة بأحد الحمامات العمومية بعد افتعال شجار حول «بلاصا»، لتتوالى سلسلة الخدمات مدفوعة الأجر المقدمة للنساء اللاتي ذاع صيتها بينهن. ذلك الربح السهل جعل ميلودة تقرر المطالبة ب«حلاوتها» نظير كل خدمة تقدمها للنساء اللاتي يلجأن إليها في وقت الشدة، إما لاستعادة ما سرق منهن على يد صغار اللصوص من جيرانها بالكاريان، أو للثأر لهن من غريماتهن، بحيث كانت تقبل دون تردد في حال شعرت بتعرضهن للظلم، بينما ترفض إلحاق الضرر بأخريات عندما لا تكون مقتنعة بالدوافع الانتقامية. تستعرض عضلاتها في «الكريساج» تتنقل بين الأحياء، ترتدي ملابس رياضية تزيد جسمها الرشيق جمالا وجاذبية، غير أن ملامح وجهها الجميلة تشوهت بسبب الندوب التي انتشرت فيه، والتي تشهد على معاركها المتوالية مع «الشمكارة»، ومع الأشخاص الذين تعترض طريقهم لسلب أموالهم، هذه الندوب تجعل الناظر إلى سحتنها يتخوف منها ويصنفها ضمن اللائحة السوداء. حركات كريمة وطريقة كلامها الرجولية، تنزع عنها صفة الأنوثة، خاصة أنها لم ترتد في حياتها فستانا أو تنورة كغيرها من الفتيات، ولم تشارك قريناتها بمجالسهن، أو أحاديثهن الأنثوية عن فارس الأحلام المنتظر، وعن مغامراتهن العاطفية. كون كريمة الفتاة الوحيدة في عائلة لا تتكون إلا من الذكور، وتعلق والدها الكبير بها، منحها العديد من الصلاحيات، وأعطاها الحق دون غيرها من إخوتها في القيام بمجموعة من الأعمال، دون تعرضها للمحاسبة، فكانت تستغل الوضع في فعل بكل ما يحلو له. اكتسبت كريمة قوة شخصيتها، وصلابتها من كثرة تعاملها مع الشباب، واحتكاكها معهم، فأصبحت لا تتحدث إلا لغتهم، وتطبعت بطباعهم، فأخذت عنهم عاداتهم، وبالرغم من كونها لا تشتغل وتقضي اليوم بطوله في التسكع، إلا أنها كانت «كتدبر على راسها» بطريقتها الخاصة. تنتقي طريقا استراتيجيا، تكثر فيه الحركة، داخل الحي الصناعي، أو أمام أبواب الشركات يوم استلام رواتبهم، وتتخذ لها مكانا به لتستخلص نصيبها، وتطلب منحها مبلغا من المال بشكل ودي، أما في حالة الرفض فتستعرض عضلاتها باللجوء للسلاح الأبيض. الجميع يهابها، ويحاول عدم إغضابها، لا تفرق بين رجل وامرأة حين تكون محتاجة للمال، لكن بين الحين والآخر تتعصب لأصلها الأنثوي، وتجدها تدافع عن الفتيات اللواتي يتعرضن للتحرش من طرف رجال يعترضون طريقهن، ويحاولون ابتزازهن، وسلب أموالهن، أو استغلالهن جنسيا، وهذ كله طبعا بمقابل مادي على شكل «تدويرة» يقدمنها كشكر لها على إنقاذهن، وحتى في حالة «مفهموش ريوسهم» تجدها تستخدم قدراتها اللغوية «الزنقوية» في إخافتهن والحصول مبتغاها. تستخدم كريمة في معاركها كل الأساليب المتاحة، «حيت ماعندها ما تخسر» كما تقول وحتى إن غلبت على أمرها فإنها تطلب يد العون من أصدقائها في «التشمكير» الذين لا يبخلون عليها بخدماتهم لرد جميلها عليهم، وسخائها «ملي كتكون الفلوس دايرة». تعيش كريمة حياة العبث و«الزهو» فتقضي أغلب وقتها في «القصاير» والليالي الحمراء، التي تسهر على تنظيمها تحت الطلب، لتجني المزيد من المال، وحتى عندما لا تمتلك المال، فإنها لا تغلب في إيجاد الحل، فتدخل أي محل تجاري تأخذ ما تريد وتأكل ما يحلو لها دون دفع ثمنه، خوفا منها وتجنبا لإثارة المشاكل معها. «بزناسة» ضمن عصابة تتزعمها امرأة لا يمكن حصر أشكال العنف في العنف المادي حسب الأستاذ الخمار العلمي، فهناك أيضا العنف الرمزي الذي يظهر حينما تنتمي النساء إلى عصابة، حيث يمارسن هذا العنف من خلال استثمار أنوثتهن وتحويلها إلى وسيلة للإغراء والإيقاع بالضحايا. وضع ينطبق على سناء التي بدأ مشوارها الإجرامي سناء ب«التبزنيس»، وكان نشاطها يقتصر فقط على التلاميذ، الذين تمكنت من اقتياد العديد منهم نحو دوامة الإدمان، من أجل الحصول على أموالهم، وهواتفهم النقالة مقابل منحهم تذكرة السفر إلى عالم اللاواقع. مرت شهور على سناء وهي تكتفي بممارسة «التبزنيس» بمساعدة صديقها، معتقدة أنه النشاط الوحيد الذي يجني من خلاله كل تلك الأموال، قبل أن يقرر «البزناس» بمجرد أن ضمن ولاءها مصارحتها بانتمائه إلى عصابة تقوم بعمليات سرقة، وتعريفها على أفرادها، وإقناعها بالانضمام إلى تلك العصابة. لم تكن زعيمة العصابة سوى امرأة تسير إحدى الشقق بسيدي مومن، لممارسة الدعارة. كانت تستقبل عددا من الرجال الذين يدفعون المال مقابل لحظات قليلة من المتعة، مع فتيات تستغلهن في ممارسة الجنس إلى جانب أعمال السرقة. بدأت مهام سناء في السرقة، من خلال توظيفها كطعم، بحيث كانت تقف بمحاذاة الطريق السيار تلوح للسيارات، مدعية وجود عطب بسيارتها، بينما يختبئ باقي أفراد العصابة من الرجال، في انتظار نزول الرجل الشهم الذي سيقوم بمساعدتها. كانت العصابة تحرص على تنفيذ عمليات السرقة تلك في ساعات متأخرة من الليل، الذي لا تكون خلاله حركة السير مكثفة مقارنة بالنهار، ولضمان تعاطف الضحية التي يستولون على أموالها مع الفتاة الواقفة بمفردها في عتمة الليل. بمجرد نزول ضحاياهم من الرجال في الغالب لاستفسار سناء حول المشكلة التي تعاني منها، يخرج أفراد العصابة من مخابئهم، يلوحون بأسلحتهم البيضاء في وجه الرجال، الذين يخشى معظمهم المواجهة ويسلمهم ما يملك من مال، بينما يكون مصير قلة منهم الضرب دون رحمة في حال عدم امتثالهم لأوامر العصابة، التي كانت تحصل على مرادها في نهاية الأمر. لن يبتسم الحظ لسناء طويلا، فسرعان ما ستقع في قبضة العدالة بعد أن يداهم رجال الشرطة شقة زعيمة العصابة ويضبط أفرادها يتقاسمون فيما بينهم الغنائم التي جنوها من سرقاتهم. ترأست عصابة للسرقة ترتدي سروال «الجينز» الأزرق وقميصا أسود. رفقة حذاء رياضي أسود أنيق، تقضي وقتها في التسكع، بملامحها المتصلبة، الجامدة، لأن سمات الأنوثة فيها قد اختفت، وغابت كما غاب كل شيء جميل في حياتها. الفتاة ذات الرابعة والعشرين سنة تنحدر من وسط أسري متفكك، يمارس فيه الأب جميع أنواع الإدمان ويمتهن السرقة، أما الأم فتعاني من أجل توفير مصاريف أطفالها. لذلك وجدت الفتاة نفسها تميل إلى الإنحراف من خلال رفضها الإستمرار في المدرسة، وخروجها للتسكع طوال اليوم مع رفيقاتها، حيث تعرفت على شاب ستعرف فيما بعد أنه لص يحترف السرقة. لكن الصديق اللص كان ينفق عليها الكثير من المال، ويغدق عليها الهدايا. بدأت حياة تشارك صديقها استعمال المواد المخدرة التي كان يتعاطاها، إلى أن «تبلات» فلم تعد الأموال التي يحصل عليها من السرقة تكفيهما معا لقضاء أغراضهما. أصبح من الضروري أن «تدبر على مصروفها» كما تقول، فطبقت المثل القائل «حرفة بوك لا يغلبوك » لأنها كانت تمتلك الجرأة اللازمة لفعل ذلك. بدأت تعترض سبيل المارة برفقة شابين وفتاة أخرى، فيسلبونهم ما بحوزتهم من هواتف نقالة وحلي ذهبية أو حتى أموال في الكثير من الأحيان . اتفق الأربعة على أن تكون الفتاتان بمثابة الطعم، الذي ينصبه الشابان لضحاياهم، حيث تختار الفتيات ضحيتهن بعناية تامة من سائقي الطاكسيات المتقدمين في السن، والفتيات العاملات. كما حدث عندما حاولتا إيقاف سيارة أجرة من النوع الكبير في منطقة سيدي مومن، كانت تقل أربعة من النساء ثلاثة في المقاعد الخلفية، وواحدة في المقعد الأمامي، اختارت الفتاتان مكانا خاليا من المارة لتنفيذ جريمتهما. كانت الساعة تقارب الثامنة مساءا، والظلام أسدل خيوطه على المكان، عندما أوقفت الفتاتان السيارة، وفتحتا البابين الأمامي والخلفي قبل أن يهجم زميلاهما على الراكبات ويتمكنوا من أخذ حقائبهن اليدوية، فيما انسحبت إحدى الفتاتين ووضعت السكين على رقبة السائق طالبة منه إعطاءها ما بحوزته من المال. لم يستمر الوضع أكثر من دقائق حتى فر الأربعة تاركين صاحب سيارة الأجرة وراكباته يندبون حظهم، ويبكون ممتلكاتهم التي سرقت أمام أعينهم دون أن يتمكنوا من فعل أي شيء. فتوجهوا إلى الشرطة لتقديم شكاية في موضوع السرقة التي تعرضوا لها. كانت الشكاية التي قدمها سائق الطاكسي الخيط الرفيع، الذي كانت الشرطة تبحث عنه للإيقاع بالعصابة، التي تقدم العديد من السكان بشكايات في شأنها. «نصابة» ستينية باعت شقة واحدة ل 18 ضحية حولت شقة متواضعة إلى «دجاجة تبيض ذهبا». وضعت غرفتين ومطبخا ومرحاضا في «مزاد علني» أكسبها ثروة طائلة. استجاب لندائها المغري: «ألا أونو، ألا دوي، ألا تري» 18 راغبا في الشراء. دفع أغلبهم كل ما استطاع توفيره من مال. «بيعة وشرية» كبدت الجميع خسارة كبرى، بعد أن اكتشفوا أن صاحبة المزاد مجرد «بائعة للوهم». هي امرأة ستينية كل رأسمالها دهاء وألاعيب وشركاء وعنوان مسكن. خططت لعملية نصب كبرى بانتحال صفة «مولات الدار». الضحايا أزواج حديثو العهد بالقفص الذهبي وأرباب أسر متعددة الأبناء وأرامل مثقلات بعبء الأيتام وتكاليف العيش. جمعت بينهم صدفة مشؤومة خلال بحثهم عن «قبر الحياة». ساقهم القدر إلى محل سمسار بقرية الجماعة بالدارالبيضاء. زف إلى كل واحد منهم أن «حاجتو مقضية» عند صاحبة شقة بدرب لحجر. كان شرطها أن تبرم معهم عقد كراء بسومة مخفضة أو ما يسمى «بيع الساروت». ينتهي التفاوض بين «المالكة المزيفة» و«الكاري المخدوع» بالاتفاق على دفع ضمانة نقدية. يليه تحرير التزام عند كاتب عمومي وتصحيح إمضائه لدى السلطات المحلية. لم تجد «النصابة» وشريكها «السمسار» أي صعوبة في الإيقاع ب 18 ضحية، دفع معظمهم مبالغ مالية تتراوح بين 4 و10 ملايين سنتيم. توجهوا كلهم في تواريخ متقاربة للمصادقة على العقود ابتداء من شهر يونيو إلى أكتوبر من السنة الماضية. وعدتهم «المكرية» بتسلم المسكن خلال أيام معدودة بداعى إدخال إصلاحات على الشقة. ماطلتهم بصيغة «شوية الصبر والفرج القريب» إلى أن اختفت عن الأنظار. «شقة الأحلام»، تحولت إلى «كابوس». المترددون على عنوان سكنهم المستقبلي، اكتشفوا عن طريق «أصحاب الحسنات»، أنهم وقعوا جميعا في مصيدة «الشمتة». «مولات الدار» مجرد نصابة محترفة «باعت ليهم الحوت في البحر». بعد استيعاب هول الكارثة، بدأت الشكايات تتقاطر على مصالح الأمن بابن مسيك. فتح تحقيق بأمر من النيابة العامة. قائمة «المزرفين» طويلة، والفاعل امرأة واحدة بمشاركة سمسار. الوسيط العقاري وقع بسهولة في يد الشرطة، ويتابع في حالة عتقال بعد اعترافه بكل خيوط اللعبة. صحيفة سوابقه المليئة بما مجموعه سبع سنوات من السجن بتهم النصب، كانت كافية لثبوت قصده الإجرامي في سيناريو الاحتيال. «النصابة» فرت من مسرح الجريمة إلى وجهة مجهولة، حيث مازال البحث جار لإيقافها. مأساة 18 أسرة لن تنتهي على ما يبدو حلقاتها المريرة بالمحاكم والسجن. المكتوون بنارها يعشيون الآن أزمات صعبة، أوصلت بعض الأزواج إلى حافة الطلاق، وشردت أسرا فقدت مدخرات سنين من الكدح. أقدم مهنة في التاريخ استغلت جمال بناتها الفتان، وملامحهن التي تستأثر بإعجاب كل من يراهن، فنظرة واحدة منهن تكفي لإسقاط الناظر إليهن في براثن الإعجاب، لتحول جمالهن إلى مصدر رزق، ومهنة يمكن أن تدر عليهن الملايين وتغير معالم حياتهن ووضعهن الاجتماعي بالرغم من نظرات العيب والعار التي تلاحقهن من طرف المجتمع. بدأت حكاية مليكة وبناتها عندما هرب الأب بعيدا عن أسرته، وترك الأم وحيدة تتحمل مسؤولية بناتها الثلاث، بالرغم من كونها لا تمتلك عملا تستطيع من خلاله توفير احتياجات بناتها الصغيرات، بعد أن أغلقت كل الأبواب في وجهها، لتجد أمامها باب العمالة الجنسية كمصدر وحيد لربح المال. فتحت البنات أعينهن فوجدن والدتهن تصرف عليهن من مال حرام، فأصبح الأمر بالنسبة لهن من الأشياء العادية، ففي كل مرة كانت الأم ترافق رجلا مختلفا إلى البيت. وجدت الأم في التجارة بجسدها ربحا وفيرا، لذلك قررت أن تعلم بناتها أبجديات المهنة، لتزيد أموالها وتغتني بالعمل «وسيطة» عند بناتها وتسهل لهن عملية إحضار الزبائن إلى منزلها، وتؤمنهم من وقت حضورهم إلى حين المغادرة. كانت البنت الكبرى أول من سار على خطى الأم، فما أن بدأت بوادر الأنوثة تظهر عليها حتى أقحمتها والدتها معها في هذا الميدان، فكانت تسمح للشباب بممارسة الجنس معها وعمرها لم يتجاوز بعد السادسة عشرة ربيعا، مقابل مبالغ مالية تحددها وتحصل عليها مسبقا. وجدت الفتاة نفسها منغمسة في هذه الأجواء حتى قبل أن تتعرف إلى جسدها الصغير، وأصبح اصطحابها للرجال من الأشياء العادية، التي لا تتحرج من القيام بها أمام الملأ، مادامت بمباركة مسبقة من والدتها. فيما سارت الأختان الأخريان في نفس الطريق دون التفكير في عواقبها. بنات مليكة أشهر من نار على علم بحي البرنوصي، وكل من أراد قضاء وقت ممتع يجدهن في الموعد شريطة أن يكون قادرا على دفع الثمن مقابل الخدمات التي يقدمنها. كن يخلقن الكثير من المشاكل والإحراج لساكنة الحي الذي يقطنن به، لذلك تحولن إلى زبونات دائمات لدى الشرطة التي كانت تلقي القبض عليهن متلبسات، كلما تقدم أحد الجيران بشكايات في حقهن. في كل مرة تزور فيها الشرطة منزل مليكة كانت تجد إحدى بناتها في حالة تلبس مع أحد الزبائن، فتقتادهما معا إلى مخفر الشرطة ليتم تقديمهما للمحاكمة بتهمة الفساد. الشكايات المقدمة من طرف الجيران في حق مليكة وبناتها، كانت السبب المباشر في تغييرهن بين الفينة والأخرى لمحل السكنى، كما كانت سببا مباشرا في الزج بهن في السجن عدة مرات مع دفع غرامات مالية، إلا أنها لم تكن كافية لتجعلهن يعدن عن الطريق الذي اتبعنه، لأنهن وصلن إلى مرحلة اللاعودة، ولم يعد هناك ما يحفزهن على الرجوع. مجيدة أبوالخيرات/ شادية وغزو