إذا اعتبرنا أن الضريبة بمفهومها الصحيح وبكل أنواعها ومستوياتها، اقتطاع مالي إجباري يتناسب مع القدرة المالية أو أهمية الدخل أو الربح للشخص الذاتي أو المعنوي، الغاية منه، باعتباره المورد الأساسي للدولة، تمويل النفقات العمومية المشروعة وتغطية، بالأولوية، الحاجيات الضرورية الجماعية، قصد تحقيق المصلحة العامة؛ وإذا اعتبرنا كذلك، حسب الإحصائيات الحالية المعتمد عليها، أن ما يناهز 60 بالمئة من المبالغ الضريبية المحصل عليها سنويا لم يتم تحصيلها من الملزمين بها بسبب الغش أو التملص الضريبي، الفساد أو الرشوة وهدر المال العام، تهريب الأموال إلى أبناك أجنبية، تضخم حجم القطاع غير المهيكل، الإفراط في الإعفاءات الضريبية، سوء الإدارة والتسيير والتدبير والمراقبة، وبالتالي افتقاد الثقة في الإدارة وفي الدولة عموما وانعدام المواطنة بالنسبة للملزم بالضريبة؛ إذا اعتبرنا كل هذه المعطيات، لن يكون بوسعنا إلا أن نؤكد على أن الدولة إن لم تتحرك عاجلا بكل عزم وقوة وديناميكية للحد من هذه السلوكات الشنيعة والبغيضة التي نفذت إلى خلايا البنى الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية للمجتمع ونخرتها نخرا سيفوت الأوان عليها وسيصبح من الصعب انتزاعها والقضاء عليها في وقت قريب. ولحشد قوات الدولة والمجتمع وتحريك الإدارة في هذا الاتجاه، اتجاه العدالة الاجتماعية والتماسك الاجتماعي والتوطيد السليم للبنى الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والأخلاقية أصبح من الضروري تخليق الحياة العامة وزرع الثقة والمواطنة في النفوس وترشيد النفقات العمومية وتفعيل المراقبة الضريبية. وإذا اعتبرنا في هذه الدراسة إشكالية المراقبة الضريبية لوحدها، لأهميتها البراماتيكية، على أن نقدم باقي الإشكاليات في دراسات أخرى لاحقة، مثل إشكالية الحكامة وحسن التدبير، أو التفاني في العمل والوعي بالواجب والمسؤولية، أمكننا القول إن مسألة المراقبة الضريبية، التي يتم تفعيلها من خلال التوجهات التالية، إذا أنجزت بكل صرامة ومسؤولية قد تساهم بقدر وافر في ازدياد حجم الموارد العمومية. تراقب إدارة الضرائب الإقرارات والعقود المستعملة لفرض الضرائب والواجبات والرسوم؛ وعلى الخاضعين للضريبة أشخاصا ذاتيين أو معنويين أن يدلوا بجميع الإثباتات الضرورية ويقدموا جميع الوثائق المحاسبية إلى مفتش الضرائب. للإدارة كذلك الحق في إجراء معاينة يمكن بمقتضاها أن تطلب من الخاضعين للضريبة تقديم الفاتورات والدفاتر والسجلات و كل الوثائق أو العناصر بما فيها معاينة العناصر المجسدة للاستغلال، وذلك للكشف على حالات الإخلال بالالتزامات الواردة في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل. يمارس حق المعاينة مباشرة بعد تسليم الإشعار من طرف المفتش الضريبي؛ ويسلم الإشعار بالمعاينة مقابل وصل إلى الشخص نفسه أو الممثل القانوني أو الشريك الرئيسي أو المستخدمين أو أي شخص آخر يشتغل مع الخاضع للضريبة. يمارس حق المعاينة في جميع محلات الخاضعين للضريبة المعنيين المخصصة لغرض مهني، وذلك داخل أوقات العمل القانونية وخلال ساعات مزاولة النشاط المهني، ولا يجوز الاعتراض على حق المعاينة وإلا تعرض صاحبه للجزاءات المنصوص عليها في القانون، مثل الغرامات المالية. تحدد المعاينة في عين المكان في مدة أقصاها ثمانية أيام من أيام العمل؛ يحرر محضر بالإخلالات الملاحظة في عين المكان خلال الثلاثين يوما الموالية لانصرام أجل ثمانية أيام، وتسلم نسخة منه إلى الخاضع للضريبة الذي له حق الإدلاء بملاحظاته داخل أجل ثمانية أيام الموالية لتاريخ تسليم المحضر. يتم القيام بفحص المحاسبة بالإشعار أولا بالفحص، بالعنوان المحدد من قبل الخاضع للضريبة قبل التاريخ المحدد للشروع في عملية الفحص بخمسة عشر يوما على الأقل؛ يجب أن يحدد الإشعار بالفحص فترة الفحص والضرائب والرسوم المعينة أو البنود والعمليات المشمولة بالرقابة المتعلقة بكل فترة غير المتقادمة أو بجزء منها. لذلك يجب الاحتفاظ بالوثائق المحاسبية طوال عشر سنوات في المكان المفروضة فيه الضريبة ويشمل الفحص جميع الوثائق المحاسبية اللازمة لمراقبة الضرائب، من نسخ فاتورات البيع والمصروفات والاستثمارات والسجلات وجذاذات الزبناء والموردين، والميكروفيشات والمعاملات الإعلامية إذا كانت المحاسبة ممسوكة بوسائل الإعلاميات أو كانت الوسائل محفوظة في ميكروفيشات. يتم الفحص بحسب الحالة في محل الإقامة الاعتيادية أو المقر الاجتماعي أو المؤسسة الرئيسية للخاضع للضريبة، شخصا طبيعيا أو معنويا. ويجب أن لا تستغرق عملية الفحص أكثر من ستة أشهر، بالنسبة للمنشآت التي لا يفوق مبلغ رقم معاملاتها خمسين مليون درهم، أو أكثر من اثني عشر شهرا إذا زاد رقم معاملاتها على هذا المبلغ، المصرح به في حساب الحاصلات والتكاليف برسم السنوات المحاسبية الخاضعة للفحص، دون احتساب الضريبة على القيمة المضافة. ويجوز للخاضع للضريبة أن يستعين في إطار فحص المحاسبة بمستشار يختاره؛ ويجب على الإدارة عقب إجراء مراقبة في عين المكان أن تطبق في حالة تصحيح أسس فرض الضريبة، بحسب الحالة، المسطرة العادية أو المسطرة السريعة لتصحيح الضرائب المادة 220 والمادة 221 من مدونة الضرائب. وفي حالة العكس، يجب على الإدارة أن تقوم باطلاع الخاضع للضريبة على ذلك وفق الإجراءات المتعلقة بكيفية التبليغ المادة 219 من نفس المدونة. إذا شابت حسابات سنة محاسبية أو فترة لفرض الضريبة إخلالات جسيمة كعدم تقديم محاسبة ممسوكة طبقا للنصوص القانونية الجاري بها العمل، انعدام الجرود المقررة، إخفاء بعض الأشرية أو البيوع، الأخطاء أو الإغفالات الجسيمة والمتكررة، انعدام أوراق الإثبات، عدم إدراج في المحاسبة عمليات منجزة أو إدراج عمليات صورية، من شأنها أن تشكك في قيمة الإثبات التي تكتسيها المحاسبة، جاز للإدارة أن تحدد أسباب فرض الضريبة باعتبار العناصر المتوفرة لديها، على أساس مسطرة تصحيح أسس الضريبة، بحسب الحالة، وفق المسطرة العادية أو المسطرة السريعة، كإضافة الأرباح المحولة بصورة غير مباشرة إلى الحصيلة الخاضعة للضريبة أو رقم المعاملات الواردة في الإقرار أو إليها معا، عن طريق المقارنة مع أثمان المنشآت المماثلة لها أو عن طريق التقدير المباشر بالاستناد إلى المعلومات المتوفرة لدى الإدارة. تعتمد الإدارة كذلك في إطار فحص المحاسبة على : الفاتورات أو البيانات الحسابية والسجلات، حصص الأتعاب والمكافآت المدفوعة، المبالغ المدفوعة مقابل الأشرية ومصاريف المستخدمين وتكاليف الاستغلال الأخرى، قائمة الأشخاص المدينين والدائنين، قوائم المخزونات من البضائع والمنتجات واللفائف والمواد القابلة للاستهلاك، أقساط الاهتلاك السنوي وأوراق إثبات النفقات ووثائق التزامات المنشآت غير المقيمة. يجوز كذلك لإدارة الضرائب كي تتمكن من الحصول على جميع المعلومات التي من شأنها أن تفيدها في ربط ومراقبة الضرائب والواجبات والرسوم المستحقة على الغير أن تطلب الاطلاع على: الأصل أو تسليم النسخ المغناطيسي، وثائق المصلحة أو وثائق المحاسبة، سجلات التضمين التي يمسكها القضاة المكلفون بالتوثيق، المعلومات لدى إدارات الضرائب التابعة للدول التي أبرمت مع المغرب اتفاقيات لتفادي ازدواجية فرض الضريبة على الدخل، الاطلاع على طبيعة العلاقات التي تربط المنشأة الخاضعة للضريبة بالمغرب بالمنشآت المتواجدة خارج المغرب، طبيعة الخدمات المقدمة أو المنتجات التي تم تسويقها، طريقة تحديد أثمان العمليات المحققة بين هذه المنشآت والعناصر التي تثبتها، أنظمة وأسعار فرض الضريبة على المنشآت المتواجدة خارج المغرب، وكذا استعمال المعطيات المحصل عليها من طرف الإدارة بجميع الوسائل قصد القيام بمهامها في مجال وعاء ومنازعة ومراقبة وتحصيل الضرائب والواجبات والرسوم. إذا أجريت المراقبة الضريبية كما هو منصوص عليها في القانون وطبقت بكل دقة وصرامة ومسؤولية، فمن المحتمل أن ترتفع موارد الدولة والجماعات المحلية بنسبة قد تصل إلى 30 أو 35 بالمئة من ما هي عليه حاليا.