ترقب يسود قاعة الجلسات السابعة. الحضور ينتظر انتهاء هيئة الدفاع وممثل النيابة العامة من المرافعات بغرفة الجنايات لمحكمة الاستئناف الدارالبيضاء. الجميع ينتظر النطق بالحكم. لماذا كل هذا التشويق؟ أسدل يوم الاثنين 26 نونبر بمحكمة الاستئناف الدارالبيضاء الستار على قضية كبيرة شغلت بال المتتبعين بعد سلسلة ماراطونية من الجلسات. أخيرا أدانت غرفة الجنايات »هشام» بالإعدام لاختطافه طفل واحتجازه ومطالبته بفدية مالية قبل قتله. التفاصيل اختطاف واحتجاز بعدها جريمة قتل في حق الطفل «خليل بوجطاطة » ذي الست سنوات. جريمة القتل الشنعاء تشابكت فيها الخيوط لفك لغز شفرتها، تدخلت عناصر الشرطة القضائية للمنطقة الأمنية ابن امسيك سيدي عثمان قصد الوصول للجاني «هشام العرج» كان قاب قوسين من الاعتقال، قبل أن يسقط في هفوة البحث عن رقم هاتف والد الضحية ويثير شبهات حوله ليقع في كمين الفرقة الجنائية للشرطة القضائية لأمن ابن امسيك سيدي عثمان. في مطلع السنة الجارية اختطف هشام ابن جيرانه واحتجزه في المنزل الذي يقيم به. طالب بعد ذلك أهله بدفع فدية مالية قدرها 10 عشرة ملايين سنتيم مقابل الإفراج عنه. ضرب هشام موعدا مع عائلة الطفل بأحد محطات توزيع المحروقات بمدينة الدارالبيضاء، قصد الحصول على الفدية المالية وإطلاق سراح الطفل. تخلف المختطِف عن الموعد المحدد . شارك هشام أفراد عائلة الطفل أحزانهم. لم يمنعه ما ارتكبه من تقديم يد العون أثناء البحث عن الطفل المختطف. في الأخير، قرر المتهم الإجهاز على الطفل بمحل إقامته السكنية غير بعيد عن منزل والدي الطفل. لف الجثة في ثوب وزاد عليه غطاء بلاستيكيا. ظل هشام يرقد إلى جانب جثة الطفل القتيل. أكثر من ذلك فقد استمر يشارك أقرباء الطفل في عمليات البحث إلى أن اختفى عن الأنظار. تعفنت جثة الطفل وتحللت، ثم انبعثت منها الروائح الكريهة، وتسربت إلى خارج المنزل. اضطر الجيران إلى إخبار الشرطة القضائية بأمن الدار البيضاء. حضرت عناصرها إلى منزل هشام حيث اكتشفوا جثة الطفل المختطف، وتمكنوا بعدها من اعتقال قاتله الذي اعترف بالمنسوب إليه جملة وتفصيلا. تعود وقائع جريمة الاختطاف والاحتجاز وقتل الطفل «خليل بوجطاطة»، بعد أن تقدم والد الضحية «الركراكي بوجطاطة» مساء الجمعة 16 أكتوبر 2009 إلى مصالح الشرطة القضائية، بشكاية حول اختفاء ابنه خليل من المنزل دون العثور على أثره بحي إفريقيا. تفاصيل الحادث يرويها أحد أقارب الضحية، بعد عودة الطفل خليل من المدرسة بعد زوال يوم الجمعة الجمعة 16 أكتوبر تناول وجبة خفيفة للغداء، وسأل كعادته الأم عن والده، كان الجواب بوجوده عند حلاق الحي، لينطلق في البحث عن والده بعد أن قصد الحلاق. خرج الطفل للبحث عن والده، فصادف أحد الجيران يقف بجوار المنزل. الصدفة جعلت الجاني هشام يستدرج الطفل إلى بيته ويقدم على احتجازه رهينة بتكبيل وتكميم فمه والانصراف لقضاء مآربه. وعند عودة الأب من عند الحلاق سأل الزوجة عن الابن. فكان جوابها أنه لحق به إلى الحلاق، لكنه لم يصله. نفس الإجابة كانت سلبية لدى أبناء حي افريقيا بمقاطعة ابن امسيك، الذي كانوا يردون على جواب الأب بأنهم لم يروا الطفل . عمد الجاني بعد احتجاز الطفل إلى البحث عن هاتف والد الضحية. وقاده تفكيره لتكليف بقال الحي بطلب من الخياط المجاور بهاتف صهر والد الطفل، تفاديا للشبهات. ربط الاتصال بالصهر قصد تمكينه من رقم والد الضحية بدعوى إخباره بعدم الالتحاق بالعمل لظروف طارئة، وهو ما تحقق للجاني. ربط الاتصال في نفس يوم اختطاف الطفل بوالده من هاتف مجهول لمخدع عمومي هاتفي. أكد أن الطفل بحوزة عصابة إجرامية وعليه توفير فدية قدرها بعشرة ملايين سنتيم. أما اللقاء فحدده بإحدى المحطات لتوزيع المحروقات خارج مدينة الدارالبيضاء قبل أن يتراجع عن الموعد. لرة الثانية عاد الجاني إلى إجراء مكالمة جديدة من هاتف محمول بدت أرقامه واضحة، طالب من خلالها بتوفير الفدية المالية أو قتل الطفل. التهديد بقتل الضحية دفع الأب إلى ربط الاتصال بعناصر الشرطة القضائية بالمنطقة الأمنية ابن امسيك سيدي عثمان، وإخبارهم بحادث الفدية والتهديد بالقتل. صباح الغد، وكان اليوم سبتا، تقدم الجاني دون أن تظهر عليه علامات الخوف إلى أب الضحية بحكم علاقة الجوار بينهما مواسيا الأسرة في محنتها، ومبديا استعداده لتقديم يد العون. بعدها بساعات قليلة عاود الجاني الاتصال بالأب مهددا بضرورة توفير الفدية أو قتل الطفل. أدخلت الأوضاع الجديدة الأب في حيرة من أمره بتوفير عشرة ملايين. واستمر الوضع على نفس المنوال، بعد أن عاد الجاني إلى الوقوف بجانب أب الطفل لمواساته والعمل على إيجاد الفرج. لكنه كان قد خطط لفعلته الشنعاء بالإجهاز على الطفل بتقطيع الأطراف العلوية والسفلى للضحية، وتلفيفها بأغطية بلاستيكية جد محكمة بلصاقات، وتثبيتها داخل كيس، وضعه أمام سرير نومه. وكان في كل مرة يخلد للنوم لمدة ثلاث أيام. أربعة أيام مرت على اختطاف الطفل، توصل أب الضحية ذات اثنين بمكالمتين جديدتين من الجاني «هشام»، سأل عن مصير الفدية المالية. لكن الأب ظل يراوغ في الإجابة بناء على تعليمات الشرطة القضائية، عسى أن تصل إلى فك لغز المكالمات الهاتفية وتحديد أماكن الاتصال. في حدود الساعة السادسة والنصف حصل مستجد غير كل المعطيات في قضية اختفاء الطفل، بعد تقدم خال الطفل إلى صهره بإخباره أن يوم حادث اختفاء الطفل تقدم خياط الحي طالبا رقم هاتفه. هذه المعلومة لزوج أخته، كانت الخيط الوحيد الذي كشف فصول الجريمة الكاملة ليسقط الجاني. تقدم الأب رفقة صهره إلى مقر الشرطة القضائية، لإخبارها بهذا المستجد، فيما ظل الأب بمقر الدائرة الأمنية. انتقلت عناصر الفرقة الجنائية للشرطة القضائية رفقة الصهر إلى محل الخياط، وطالبته بكشف هوية الشخص الذي تقدم للحصول على هاتف صهر أب الضحية. اعترف أن البقال هو صاحب الطلب. انتقل الجميع إلى بقال الحي، الذي اعترف بدوره أن من تقدم للاستفسار عن الهاتف النقال هو المدعو «هشام»، أحد جيران أسرة الطفل خليل. في دقائق معدودة كانت عناصر الشرطة القضائية والفرقة الجنائية تقرع منزل الجاني، فتح بابه أحد أصحاب المنزل استفسروه عن الجاني هشام الذي انزوى بأحد غرف المنزل. كان يرقد بجانب جثة الضحية خليل. وبتشديد أسئلة الفرقة الجنائية، اعترف الجاني بارتكاب جريمة قتل الطفل كاشفا عن جثته الملفوفة بأكياس بلاستيكية التي وضعها بحقيبة رياضية لتتم عملية اعتقال ثمانية أشخاص بمسرح الجريمة، قبل أن يطلق سراحهم من قبل قاضي التحقيق بالغرفة الثانية بمحكمة الاستئناف الدارالبيضاء، ليتم تقديم الجاني بمفرده إلى غرفة الجنايات الابتدائية للمحاكمة. أفاد الجاني «هشام» في محاضر الضابطة القضائية للشرطة القضائية بابن امسيك سيدي عثمان، أنه قبل اكتشاف جثة الضحية، كان يعتزم يوم اكتشاف الجثة إخراجها في ساعة متأخرة من الاثنين، وإلقائها خارج مدينة الدارالبيضاء لتفادي الشبهات التي قادت فعلا للوصول إلى الجاني، الذي اغتصب حياة طفل في عمر الزهور . النيابة العامة تطالب بالإعدام مرافعة ممثل النيابة العامة أمام غرفة الجنايات الابتدائية بمحكمة الاستئناف، طالبت في الملف الجنائي عدد 495 11 بأقصى العقوبات في حق المتهم المتابع بتهم بجناية الاختطاف والاحتجاز وطلب الفدية والقتل العمل مع سبق الإصرار لطفل لم يتجاوز ست سنوات . مرافعة نائب الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف أكدت أن المتهم «يشكل خطرا كبيرا على المجتمع نظرا لأفعاله الشنيعة المرتكبة بإقدامه على اختطاف طفل لا يتعدى عمره ست سنوات، واحتجازه بغرفة بيته، والمطالبة بفدية مالية من والديه مقابل إرجاعه، ولجوئه إلى قتل الطفل عمدا بوضعه داخل كيس بلاستيكي»، ليقرر ممثل النيابة العامة في الأخير مطالبة المحكمة بإعدام الجاني. فصول المتابعة القضائية الفصل 392: كل من تسبب عمدا في قتل غيره يعد قاتلا، ويعاقب بالسجن المؤبد. لكن يعاقب على القتل بالإعدام في الحالتين الآتيتين: – إذا سبقته أو صحبته أو أعقبته جناية أخرى؛ – إذا كان الغرض منه إعداد جناية أو جنحة أو تسهيل ارتكابها أو إتمام تنفيذها أو تسهيل فرار الفاعلين أو شركائهم أو تخليصهم من العقوبة. الفصل 393: القتل العمد مع سبق الإصرار أو الترصد يعاقب عليه بالإعدام. الفصل 394: سبق الإصرار هو العزم المصمم عليه، قبل وقوع الجريمة، على الاعتداء على شخص معين أو على أي شخص قد يوجد أو يصادف، حتى ولو كان هذا العزم معلقا على ظرف أو شرط. الفصل 395: الترصد هو التربص فترة طويلة أو قصيرة في مكان واحد أو أمكنة مختلفة بشخص قصد قتله أو ارتكاب العنف ضده. الفصل 436: يعاقب بالحبس من خمس إلى عشر سنوات كل من يختطف شخصا أو يقبض عليه أو يحبسه أو يحجزه دون أمر من السلطات المختصة وفي غير الحالات التي يجيز فيها القانون أو يوجب ضبط الأشخاص. وإذا استغرقت مدة الحبس أو الحجز 30 يوما أو أكثر كانت العقوبة بالسجن من 10 سنوات إلى 20 سنة. الفصل 437: إذا كان الاختطاف أو القبض أو الحبس أو الحجز يهدف إلى تمكين مرتكبيه من أخذ رهائن إما لإعداد أو تسهيل ارتكاب جريمة أو جنحة وإما لتيسير هروب مرتكبي الجناية أو الجنحة أو إفلاتهم من العقاب كانت العقوبة بالسجن المؤبد. وكذا الشأن إذا كانت هذه الأفعال تهدف إلى تنفيذ أمر أو توفير شرط ولاسيما أداء فدية. الفصل 438: إذا وقع تعذيب بدني للشخص المخطوف أو المقبوض عليه أو المحبوس أو المحجوز عوقب المجرمون بالإعدام في جميع الحالات المنصوص عليها في الفصول السابقة.