لم يمنعهم الطقس الشتوي من التفكير في استبدال دفء شققهم ببرد العراء. بدأوا في الأيام الأخيرة يعدون العدة لنصب خيام في الخلاء. اختاروا المكان في انتظار تحديد الزمان. أثنا عشرة أسرة بصغارها وكبارها تستعد للانسحاب من مساكنها المؤقتة بمشروع الحسن الثاني بالحي المحمدي. رحلة التشرد الجماعي ستكون نحو «كاريان سنطرال». مكان التخييم ليس غريبا عنهم بجغرافيته الصفيحية وقاطنيه البؤساء. هنا عاشوا سنينا طويلة تحت سقف براريكه المظلمة قبل انتقالهم إلى الدور الإسمنتية. انتقال ظل مؤقتا منذ حوالي 12 سنة إلى أن بدأ كابوس أحكام الإفراغ ينغص عليهم سكينة العيش بين جدران ليست في ملكيتهم. انطلقت مأساة هذه الأسر التعيسة منذ 1999. تاريخ مشؤوم قررت فيه شركة «كوجيبا»، المشرفة آنذاك على بناء عمارات مشروع الحسن الثاني ترحيلهم إلى شققها الجاهزة إلى حين إتمام المشروع السكني. إفلاس هذه المقاولة العقارية، جعل «السكان المؤقتين» يدخلون في متاهة قرارات أحكام الإفراغ. حاولوا على مدار السنين القليلة الأخيرة أن يتصدوا لعملية تشريدهم باسم القانون. امتنعوا عن مغادرة شققهم دون بديل مقبول لإيوائهم. هددوا في مارس الماضي باللجوء إلى نصب خيام في مواقع براريكهم المهدمة. أقنعتهم السلطات المحلية بالعدول عن هذه الخطوة، ووعدهم بإيجاد حلول مرضية لقضيتهم المعلقة. مرت شهور دون أن يلتزم المسؤولون بأقوالهم. بل نفذ أول حكم إفراغ في حق إحدى الأسر خلال الأيام الأخيرة. المهددون بالتشرد أعلنوا للرأي العام في لقاء عقد أول أمس الأحد عن قرار «التخييم» الجماعي ب«كاريان سنطرال». منسق «مجموعة السكان المؤقتين بمشروع الحسن الثاني»، العباسي عباس، أكد لجريدة «الأحداث المغربية»، أن قرار اللجوء إلى نصب خيام، مرده «تجاهل الجهات المسؤولة بالوزارات المعنية والدوائر المحلية والإقليمية لعدد من المراسلات المتكررة، تتضمن مقترحات لدمجهم في مشروع إعادة إسكان قاطني كاريان سنطرال. أضاف أن السكان المتضررين سيعقدون ندوة صحفية للتعريف بملفهم وتوضيح دواعي اختيارهم «الخيام» للتعبير عن احتجاجهم ورفضهم للعيش تحت رحمة الأحكام القضائية. كما كشف عن كون السلطات الترابية بعمالة عين السبع الحي المحمدي استدعت ممثلي السكان للتحاور معهم. فهل سيكون اللقاء مثل سابقيه?، أم أن الحل الجذري المطلوب سيجد طريقه إلى إنهاء هذه المأساة?.