الحركة النسائية تشد أنفاسها. فما إن تنفست الصعداء بعد موافقة المجلس الحكومي في اجتماعه الأخير على البروتوكول الاختياري لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، حتى عاد التخوف مرة أخرى ليسيطر على الفعاليات النسائية على مستقبل هذا البرتوكول لما يلج قبة البرلمان لعرضه على نواب الأمة من أجل المصادقة النهائية عليه، ليدخل بعد ذلك حيز التطبيق. مصدر تخوف الحركة النسائية بكافة أطيافها، هو أن ينتفض حزب العدالة والتنمية، مشهرا ورقة أغلبيته العددية بمجلس النواب في وجه البروتوكول برفضه، الأمر الذي لم تخفيه خديجة الرباح منسقة الحركة من أجل ديموقراطية المناصفة، بقولها «إذا كان البروتوكول يشكل مكسبا أساسيا، فإن حزب العدالة والتنمية من المحتمل أن يلجأ إلى أغلبيته بالبرلمان للوقوف ضده». إلا أن الفاعلة الجمعوية، وإن أبقت على هذا الاحتمال قائما بشكل كبير، فإنها استشهدت على ذلك بالحملة التي خاضها الحزب السنة الماضية، ضد وزيرة الأسرة والتضامن والتنمية الاجتماعية السابقة نزهة الصقلي، عندما رفع المغرب بعض تحفظاته عن اتفاقية محاربة أشكال التمييز ضد المرأة، لكن بالرغم من تخوفها الظاهر، فقد أبدت نوع من التفاؤل في هذا الباب، بتشبثها بالدستور للتخلص من تخوفاتها، بحيث لم تتردد في التأكيد على أنه في ظل الدستور الجديد «لا يمكن للمغرب أن لا يصادق على هذا البروتوكول»، قبل أن تستطرد، وإلا سيشكل رفضه «ضربا للدستور الذي ينص على انخراط المغرب في منظومة حقوق الانسان كماهي متعارف عليهادوليا». أما بالنسبة لزهرة الوردي الرئيسة الجديدة، التي خلفت أول أمس، رفيقتها عائشة لخماس على رأس اتحاد العمل النسائي، فإنها لم تستبعد أن يوظف العدالة والتنمية الكثرة العددية بالغرفة الأولى لمعارضة البروتوكول، وقالت في تصريح ل«الأحداث المغربية»، «المعارضة منتظرة»، لكن القائدة الجديدة لاتحاد العمل النسائي أضافت أن ذلك «سيضع الحكومة في تناقض مع أغلبيتها»، حيث تساءلت الوردي مستغربة كيف يعقل لحكومة تصادق على البروتوكول ثم تأتي أغلبتها لتعارضه؟، لتخلص في النهاية إلى أنه مادام المغرب قدالتزم بالبروتوكول فلا يمكن التراجع عنه، وبالتالي فالحكومة، تقول الوردي «كيف ما كانت مرجعيتها الفكرية هي ملزمة بتفعليه». وبين الرباح، التي أبدت تخوفا كبيرا من معارضة العدالة والتنمية للبروتوكوول، والوردي، التي اعتبرت هذه المعارضة «أمرا منتظرا»، فإن هدنة بناني رئيسة المنظمة المغربية لحقوق المرأة، وإن أدخلت معارضة الحزب في خانة المحتمل، فإنها قللت من التأثير الذي يمكن أن يمارسه «البيجيدي» بمجلس النواب على مسطرة المصادقة على البروتوكول، قائلة «لايوجد بالغرفة الأولى نواب العدالة و التنمية وحدهم»، دون أن أن تتوان في التأكيد على أنه في حالة معارضة الحزب لبروتوكول محاربة التمييز ضد المرأة، فإن ذلك سيجعله في « تعارض مع الحكومة التي يشكل فيها الحزب الأغلبي»، قبل أن يضيف، وكذلك في« تعارض مع توجهات الدولة التي التزمت دوليا بالنهوض بحقوق المرأة».