لم يشعر بأي حرج وهو يستقبل ضيوفه بمسكنه. كان مزهوا بالهندسة الجديدة المدعمة بجدران من الآجور. عانق بحرارة من جاؤوا لزيارته في ثاني أيام عيد الأضحى. قبل أن يدعوهم بحفاوته المعهودة إلى «براد أتاي»، خيرهم بين الجلوس في الطابق السفلي أو العلوي. ودون انتظار ردهم، سبقهم إلى درج إسمنتي غير مبلط من أجل الصعود إلى «الدار الفوقانية». نظرات التساؤل والاستغراب البادية في عيون الضيوف، جاءها الجواب الفوري من صاحب الدار «لحت الضالة وزدت سكنى اخرى الفوق باش نتوسع مع وليداتي». تحولت البراكة إلى منزل من طابقين!. صورة أخرى للبناء العشوائي العمودي ب«كاريان الرحامنة» بسيدي مومن. كثير من أسر هذا الحي الصفيحي الكبير، يئسوا من انتظار إعادة إسكانهم. احتجوا على مدار شهور متتالية. نظموا مسيرات بنسائهم ورجالهم وأطفالهم نحو عمالة البرنوصي ومقاطعة سيدي مومن. عندما خاب أملهم في الاستفادة من سكن لائق، شرعوا في بناء أجزاء إضافية تعلو في اتجاه السماء. «الكاريان مزاحم بالبرارك والزناقي ضيقين، واللي بغا يتوسع في دارو ما بقا ليه غير السطح». وصف دقيق أوجز فيه أحد أبناء «كاريان الرحامنة» واقع السكن البئيس. تبرير يتبناه الجميع لتجميل ظاهرة تفريخ الدور الصفيحية فوق رؤوس قاطنيها. المشهد البانورامي ل«كاريان الرحامنة»، كان قبل سنوات يعطي صورة واضحة عن حي صفيحي توسع عبر الزمن حول محيطه الجغرافي. وعندما ضاقت الأرض بآلاف البراريك، أصبح قاطنوها يبحثون عن آفاق نحو الفضاء القريب من هاماتهم لإضافة طابق علوي. عمليات البناء العشوائي العمودي، تقول عنها مصادر جمعوية إنها تمر في ظروف مريبة. عيون أعوان السلطة المحلية كأن العمى أصابها في رصد هذه المخالفات. قاطنو الكاريان أمسكوا في الشهور الأخيرة عن الاحتجاج والمطالبة بإعادة الإسكان أسوة ب«كاريان طوما» و«دوار السكويلة». صمت مطبق، تعتبره فعاليات المجتمع المدني بالمنطقة قضية خطيرة. بل ترى «فيها إن»، لو استمرت بدون حسيب ولا رقيب. سوف يتحول «كاريان الرحامنة» إلى عمارات يكسوها الصفيح.