لست ضد السيد شباط كشخص،بل تعجبني عصاميته وتفانيه في العمل وفي الطموح وتذليل المستحيل.لكن أمانة حزب عتيد كحزب الاستقلال كانت تستحق بروفايل آخر غير الذي آلت إليه. ومهما حاولنا التحجج بالديموقراطية واحترام نتائجها، إلا أن بعض المقارنات تفرض نفسها ولو في صمت. لقد كان لحزب الاستقلال أمناء عامون أسماؤهم تفرض ،عند سماعها، رنة لثقل وزنها. فعلال الفاسي وأحمد بلافريج وامحمد بوستة،مهما يختلف معهم المرء في الاختيارات والتوجهات والتصورات، إلا أنها تبقى أسماء حمالة لكاريزمية ولفكر ولثقافة وتكوين وتجربة واسعة جدا. لست هنا في موقع الاعتراض على السيد حميد شباط أمينا عاما لحزب الاستقلال، ولكن لابد من التذكير بأن بعض الطقوس التي تمارس في أحزابنا،التقليدية منها على الخصوص، لا يمكنها إلا أن تنتج ما آل إليه اقتراع أمانة حزب الاستقلال. فهذه الأحزاب اعتمدت في تنظيمها على لازمة الشرعية التاريخية وأغفلت الشرعية الديموقراطية،مما جعلها عبارة عن تنظيمات داخل التنظيم الواحد،ليس في التصورات والإيديولوجية لكن من حيث القيادات. فالعديد من المسؤولين المحليين والجهويين تقمصوا شخصية «القياد» وأغلقوا الباب أمام كل تداول طبيعي يمكن مناضلي أحزابها من التداول الديموقراطي على القيادة. وهذا بالطبع أنتج عزوف بعض الأطر المناضلة عن متابعة «المعارك» أو بقائها في الصف تنتظر «نوبتها» إلى أن تشيخ وتخر قواها، أو يصير ما وقع من فلتة وصول أشخاص مثل شباط إلى القيادة. ومرة أخرى، أؤكد أنني لا أتحدث عن شباط الشخص والإنسان، بل شباط الزعيم السياسي. لقد خاضت أحزاب الحركة الوطنية معارك كثيرة، خصوصا في سنوات الرصاص، طلبا للديموقراطية والحداثة، لكنها أغفلت أن تطبق هذه الديموقراطية داخل أجهزتها الداخلية،إما سهوا وانشغالا بالمعارك السياسية أو لرغبة في نفس «قادة» يعتبرون أنفسهم هم الحزب والتنظيم. والأكيد أن النتائج ستكون وخيمة وستؤدي هذه الأحزاب ثمنها غاليا، والأخطر أن البلاد ستؤدي معها نفس الثمن وأكثر. إننا نسير في اتجاه تغلب عليه البهرجة والشعبوية، وتطغى عليه ذاتية مرضية،ويغيب فيه التعقل والديموقراطية الحقيقية القائمة على الوعي وتقدير الأمور حق قدرها. فالأمر ليس مجرد عرس عائلي بطقوسه الاحتفالية،إنه الوطن الذي يتلقى الضربات من كل جهة.