خوف .. رهاب، رجفة وارتباك وقلة الحيلة. أحاسيس تقمصت بعمق كل جوارح «سعاد الغرناطي»، لحظات قبل الاستماع لتفاصيل إدانتها من طرف غرفة الجنايات الابتدائية في حدود الساعة السادسة من مساء الخميس الماضي، حيث قضت الغرفة المذكورة، بالحكم على المتهمة بسرقة مجوهرات زوجة السفير المغربي بروسيا، بسنتين ونصف حبسا نافذا، بعد إعادة التكييف القانوني لمتابعتها حسب مقتضيات الفصل 510 من القانون الجنائي، وبأدائها مبلغ 110 ملايين سنتيم، كتعويض مدني لفائدة الطرف المطالب بالحق المدني. وكانت هيئة المحكمة قد استهلت مناقشة الملف في الساعة الثانية بعد زوال أمس الخميس، قبل أن تعطي للمتهمة الكلمة الأخيرة في الساعة الرابعة، وتحجز القضية للمدوالة، ومعها مشاعر أقارب المتهمة الذين خيم الحزن الشديد على محياهم. وتميزت الجلسة الأخيرة من المحاكمة، بتقديم مرافعة دفاع المشتكية، الذي اعتبر ادعاء المتهمة بتعرضها لسرقة خاتمها بمقر إقامة السفير، مجرد حيلة للتأثير على مسار تحديد المشتبه فيهم بالسرقة، وأن تصريحاتها، أمام الضابطة القضائية وهيئة المحكمة، بكون زوجة السفير هي من سلمتها مجوهراتها، كلام لا يمكن أن ينطلي على العقلاء. كما دعا هيئة المحكمة في إطار المناقشة الحضورية إلى الاستعانة بالتسجيل الصوتي التي بحوزتها، والذي تصرح من خلاله المتهمة باللغة الفرنسية لعائلة زوجة السفير .. «وجدت المجوهرات بعد 10 أيام من حضوري للمغرب، وأن الخادمة هي التي وجدت المجوهرات المجهولة بحقيبتي الشخصية، فوقع في نفسي خوف من أن أتهم بالسرقة، فقررت التخلص منها ..». كما لم يفت دفاع زوجة السفير، الإشارة إلى وثائق ملكية عقارات خاصة بالمتهمة، متضمنة لرهون وتقييدات احتياطية بمئات الملايين من السنتيمات. كما اعتبر أن «الدولة المغربية غير محتاجة للسيدة لمياء بنيحيى باش تبيع الذهب ديالها من أجل تأثيث إقامة السفير .. البعثات الديبلوماسية في العالم، كتخصص ليها الدولة المغربية ميزانيات خاصة»، وذلك خلال تعقيبه على التصريح المنسوب للمتهمة، والتي ادعت من خلاله، أن الغرض من وراء بيع المجوهرات، هو تأثيث مقر إقامة السفير. واستعرض ممثل النيابة العامة خلال مرافعته، حالة التلبس، وخطورة الفعل الجرمي المرتكب من طرف مصممة الأزياء المتهمة، وأشار إلى واقعة فرارها، واعتبر في إشارة إلى ملتمس السراح المؤقت الذي تقدم به دفاع المتهمة أن : «من يتوفر على الضمانات القانونية .. لا يمد يده لمال الغير»، واعتبر أن الاتزان والذكاء المفرط وبرودة دم المتهمة خلال اقترافها للفعل الجرمي، أمور تتعارض وماسبق ذكره من أنها تعاني من اضطرابات نفسية، ليختم مرافعته بدعوة هيئة المحكمة إلى مؤاخذة سعاد الغرناطي بالمنسوب إليها، والحكم عليها بعقوبة سالبة للحرية لا تقل عن خمس سنوات، مادامت المتهمة، حسب ممثل النيابة العامة قد .. «طوقتها الأدلة من كل جانب، ولم يعد بينها وبين الإدانة أي جانب». «كان الله في عوني .. فالكل قد اقتنع وأثبت وحكم على المتهمة حتى قبل أن تبت الهيئة في ملف كله كلام في كلام». بهذه العبارة استهل النقيب الشهبي مرافعته التي تساءل فيها عن سبب تغييب ما أسماه “الوثيقة الحاسمة”، أو محاضر جهاز الأمن الروسي، الذي يتضمن تقريرا تقنيا عن وجود بصمات مجهولة على الخزنة الحديدية، وطعن في إجراء التقديم المباشر الذي اعتمدته النيابة العامة في إحالتها مباشرة للمتهمة على غرفة الجنايات الابتدائية، واعتبر أن المجوهرات المصرح بسرقتها بروسيا، ليست هي المجوهرات نفسها التي صرحت المشتكية بسرقتها في شكايتها للوكيل العام، واعتبر أن عدم متابعة مشتري المجوهرات المسروقة، وعدم لجوء الطرف المتضرر إلى التبليغ عن السرقة رغم مرور شهر على اقترافها، دليل على وجود سر وراء فتح الملف، وطالب في ختام مرافعته ببراءة موكلته، نظرا لوضعها الاعتباري ومساهماتها في الأعمال الخيرية، والحكم بعدم الاختصاص في المطالب المدنية. ولم تخلو مناقشة الملف من نقاشات حادة بين دفاعي المتهمة والمشتكية، التي اعتبر دفاعها أن مرافعة دفاع الغرناطي، تضمنت تجريحا لسمعة سفير المملكة، وكذلك مع ممثل النيابة العامة الذي أوضح أن شبهة حصول زوجة السفير على تأمين على مخاطر سرقة مجواهرتها غير واردة، بسبب أن السرقة يجب أن تكون مقيدة ضد مجهول حتى تتمكن المشتكية من الحصول على تعويض من شركة التأمين. محمد كريم كفال