لقي مقال أحمد الريسوني، الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح ردود نقدية من زعماء حزب العدالة والتنمية، ويبدو أن إخوان بن كيران أومئوا إلى زملائهم في حركة التوحيد والإصلاح للرد على الريسوني في الوقت الذي آثر بنكيران وأعضاء الأمانة العامة للبيجيدي الصمت، رغم أن مقالات الريسوني هذه الأيام أربكت حسابات التزكية التي تباشرها قيادة المصباح في لقاءات ماراطونية، جعلتها في حرج من أمرها، خصوصا وأنها من المنتظر أن تزكي قيادات ومرشحين أمضوا في قبة البرلمان أزيد من 15 سنة وما يزيد، وهو ما يؤكد شهوة الخلود عند إخوان بنكيران والوصول إلى مغانم سياسية، “أكورا” تنشر ردود قيادات الحركة والنقابة على الريسوني. رد مولاي عمر بنحماد على الريسوني لسم الله الرحمن الرحيم بخصوص ما ذكر الشيخ الدكتور سيدي أحمد الريسوني حفظه الله في موضوع: “شهوة الخلود والترشح اللامحدود” فلي عليه جملة ملاحظات: الأولى: الحديث عن رسوب آدم عليه السلام الأول أظن العبارة غير دقيقة الثانية : القياس في تحديد ولايات المسؤولية وولاية البرلمان قياس مع الفارق … الثالثة : الذي يصوت هوالذي يحدد الفائز بمعنى الناخب وليس الجهة المقترحة فهل يكون من الحكمة ترشيح من لا يعرفه ا…لناس لضمان التداول وهوما قد يضيع المقعد الرابعة: التحديد أصلا ضرب من الاجتهاد ولا يمكن جعله قاعدة ملزمة باطراد في جميع الحالات الخامسة : ما ذكره البرلماني المستشهد به من إتقانه لقواعد اللعبة من أولها إلى آخرها أمر لا يقاس عليه ولايمكن جعل كل النواب مثله والله وحده يعلم إلى أي حد يصح ما ادعاه وللحديث بقايا. مصطفى بابا الكاتب الوطني لشبيبة العدالة والتنمية يرد على بنحماد وينتقده، ويناصر الريسوني في أطروحته: أخي مولاي حماد لم أفهم ماذا تقصد بقولك كنت تظنني وماتزال أعقل من أن أقع … فأنا لم أقل أن الدكتور الريسوني يملك الحقيقية المطلقة فهو عبد من عباد الله يصيب ويخطيء ولكنني استغربت أنه كلما تحرك قلم الدكتور الريسوني ليعبر عن رأيه في قضية معينة اتهمناه بالغربة وأقصد هنا مقال الأستاذ يتيم .. أما موضوع آدم عليه السلام فأنا فهمت من كلام الريسوني أن نبينا آدم عليه السلام رسب في أول امتحان وضعه الله سبحانه وتعالى أمامه والعامل الأساسي في رسوبه هو شهوة الخلود الذي أغراه إبليس لعنه الله به “فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ .. وهو استشهاد في محله للدكتور الريسوني لنتقي هانه الشهوة المدمرة وهي أخطر وأصعب من غيرها من الشهوات أما استشهادك برجب طيب أردوغان فهو يعيش آخر ولاية رئاسية له ولكن إذا أردنا أن نقتدي بالعدالة والتنمية التركي فهذا الحزب لا يرشح أي عضو يتحمل مسؤولية سياسية أو تنظيمية داخل الحزب وعلى كل مسؤول على إقليم أو جهة إذارغب في الترشيح أن يقدم استقالته من مسؤوليته أما نحن فعندنا تجد العضو مسؤولا إقليميا على الحزب وبرلمانيا في الدائرة ورئيسا للجماعة المحلية وتجد آخراً مسؤولا في النقابة والحزب والحركة وتجده في البرلمان والجماعة (راه سوبر مان هذا) أما الملاحظة الثالثة فالاستبداد أن تستمر في حكمك للناس لمدة طويلة كيفما كانت الطريقة وكيفما كانت قوتك وقدراتك فالشعب التركي سيكون مضطرا للتخلي عن أردوغان في الانتخابات المقبلة وقبله اضطر الشعب البوسني عن التخلي عن علي عزت بيغوفتش الذي قال مخاطبا الناس أنتم تصنعون طواغيتكم بأيديكم أما عندنا فنبحث عن المبررات لضمان الاستمرار في الكرسي فمرة استقرار البلد ومرة الكفاءة … أما أنا فأفضل أن أفقد مقعدا في البرلمان على أن أكرس للاستبداد .. ومع ذلك فقد اقترحنا على الأمانة العامة استثناء نسبة 20 ٪ من القاعدة إذا رجح لديها ضرورة الإبقاء عليها لولاية ثالثة … أما عيوب المسطرة فلن أناقشها معك الآن فهي ليست كما تتصور أسأل الله سبحانه وتعالى أن يهديها سبيل الرشاد بنحماد يرد على زعيم شبيبة العدالة والتنمية أخي مصطفى كنت أظنك وما زلت أعقل من أن تقع في مثل هذا الذي تقول، فهل يعني قولك أن القول ما قال الريسوني دائما وأبدا ؟ إن الشيخ الريسوني لا يطلب ذلك ولا يؤمن به . لقد آمنا بان للناس آراء يخطؤون فيها ويصيبون ونحمد الله ان جعلنا لا نقدس الأشخاص كما لا تعني مخالفتهم في مسألة او مسألتين مخالفتهم مطلقا … الأمر صراحة سيء للغاية ألا فلتعلم ولنعلم جميعا ان كل قول يؤخذ منه ويرد إلا كلام الله وكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وفق التفصيل المعلوم في مكانه والحمد لله رب العالمين. دائماً الذين تأسرهم شهوة الخلود يبحثون عن أسباب لتبرير شهوتهم… إذا تكلم الريسوني في شيء يعجبنا هللنا به وجعلناه مجدد الفكر الإسلامي ورائد الفكر المقاصدي .. أما إذا آلمنا بصراحته وصدقه اتهمناه بالغربة وعدم الإلمام بما حدث في المغرب في السنوات الطوال التي غادره فيها .. وردا على ردك الأخ مولاي حماد أقول لك أن ملاحظتك الأولى غير دقيقة بدورها ولم أفهم ماقصدته بغير دقيقة أما ملاحظتك الثانية فأقول لك أن أي مسؤولية نخاف من أن يتحول صاحبها إلى مستبد يفهم أكثر من الآخرين ويدبر أحسن من الآخرين ويتكلم أفضل من الآخرين .. وجب أن نضبطها بضوابط ومساطر تحد من هيمنة وتسلط الفرد وعلى رأس هذه الضوابط تحديد عدد الولايات و إلا تحول البرلماني المعمر إلى فرعون في مجاله يقول لنا كما قال فرعون في مجاله ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد أما ملاحظتك الثالثة فاسمح لي فهي قمة ترسيخ وتأصيل للاستبداد فتحث مبرر أننا نرشح من يعرفه الناس سنبقى نرشح الشخص حتى يموت وعندها نرشخ شخصا جديدا لا نغيره بعد ذلك حتى يموت أما الرابعة فأتفق معك في أن التحديد اجتهاد والخلود هو القاعدة التي لا يجب أن تزحزح أما خامستك فأدعوك لنتأمل حصيلة الفريق البرلماني ( فردا فردا ) لتكتشف أنك لست على صواب. أخي مصطفى لم أكن قرأت تعليقك كاملا فاجبتك عن الأولى التي بدأت بها أما ملاحظاتك الأخرى فمرحبا بها: وأقول لك الأولى التي لم تفهم متعلقة بكيفية الحديث عن نبي الله آدم عليه السلام وكلنا من آدم وآدم من تراب بمعنى أن الحديث عن الرسوب في الامتحان الأول قد لا يكون هو التعبير الدقيق فما هو الامتحان الثاني؟ والثالث؟ ثم كيف نتحدث عن الرسوب والله يقول :” فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه” أما الملاحظة الثانية فأمامك رجب طيب أردوغان هل ترى ان الصواب هو ان يخرج من التنافس السياسي حتى لا يتحول إلى فرعون ؟ هل الفرعنة مربتطة بمدة الحكم ام بمنهجه ؟ وأدعوك إلى استعراض سير البرلمانيين وتتبع من سبقنا إلى تحديد الولايات في الترشيح؟ أما الملاحظة الثالثة فلا تعنة قمة ولا سفحا في ترسيخ الاستبداد كل ما في الأمر ان الهيئة ترشح من تضمن به المقعد لا يمكنها ان ترشح الذين لا يعرفهم أحد ،وعندها من إذا رشح فاز ، فالاستبداد الذي تتحدث عنه هو الذي لا رأي فيه للناس اما إذا كان المرشح يزكيه حزبه ويدخل في منافسة مع مرشحين آخرين ويستطيع ام يقنع بمؤهلاته وبرمانجه فأين المانع؟ يتيم يرد على المقال الأول لأحمد الريسوني مراجعة للدكتور الريسوني في مقاله: “شهوة الخلود والترشح اللامحدود“ مناقشة هادئة مع مقال ساخن للدكتور الريسوني: الدكتور أحمد الريسوني رجل عالم، وفقيه مقاصدي لا يشق له غبار . وهو قبل ذلك وبعده رجل دعوة وعمل ، لم ينفصل عنده العلم عن العمل أو العلم عن الدعوة والحركة ، فجسد بوضوح مقولة علم الحركة وحركة العلم كما يحب أن يقول في توليفاته البديعة وجوامع من الكلم يمتازبها عن غيره حتي إنك لتخال كلامه نثرا منظوما ونثره نظما موزونا وما هو أبدع من ذلك بعده عن التعصب أو التخندق الفكري ، مما جعله من أجرأ رفاقه وإخوانه ممن جمعته بهم مسارات سابقة في الدعوة على “حرق السفن” والإقدام بجرأة على التجديد والتجدد والتمرد على مقولات حركية ودعوية سابقة ، لما بدا له أن هناك ما هو أولى منها ، و أقرب إلى الصواب. لكننا تعلمنا من الريسوني أن نعرف الحق بالحق لا أن نعرف الحق بالرجال . وأن مخالفة الإخوان في اجتهاد أو تقدير والتعبير عنه بجرأة وتجرد لا يفسد للود قضية ما دام أصل المنهج صافيا ، وما دام الدليل ديدن المخالف ، وأنه حيثما كانت الحجة الدامغة والحقيقة الموضوعية فثمة دليله، وهناك مذهبه . وقد رأيت في بعض كتابات واستجوابات الريسوني مؤخرا في قضايا لها صلة بمنهج الحركة والدعوة ” اجتهادات ” استغربتها من عالم كبير منها مثلا ما صرح به في بعض الاستجوابات أو المقالات الصحفية التي تأتي على ما يبدو تعبيرا عن خواطر أو إجابة عن أسئلة صحفية لم تمحص بالأخذ والرد واستكمال المعطيات ، مما لم يعد متأتيا للريسوني حول تفاصيل الحياة السياسية والحركية والحزبية بحكم إقامته خارج الوطن ، استجوابات واستكتابات هي أقرب ما تكون للاستدراج من بعض المستجوبين إلى فخاخ لاستصدار مواقف مطلوبة في سياقات معينة لإحداث آثار معينة. ومنها على سبيل المثال ما صرح به حول حرية الأفراد داخل التنظيمات وعدم جواز إلزامهم بقرارات صادرة عن الهيئات مما خالف فيه الريسوني ما سبق أن تعلمنا منه ، وما سبق أن خطه بيده أو أقره في ميثاق حركة التوحيد والإصلاح وما استمات في الدفاع عنه حين تقرر إلغاء مشاركة الحزب في مسيرة تضامنية مع ضحايا 16 ماي عقب الأحداث مباشرة لأسباب معروفة ، وأوشك فريق من أعضاء الحركة أن يتمردوا عليه ولم يستسيغوا قرار الإحجام بعد الإقدام ، وهي المسيرة المعروفة ب” الموؤودة “ ، أي منهج الشورى الملزمة ، ومنهج :” الرأي حر والقرار ملزم “ وفي الحقيقة فإن صدمتي من المقال الأخير للريسوني تحت عنوان ” شهوة الخلود والترشح اللامحدود “ كانت أكبر من صدمتي مما كان قد صرح به في قضية حرية الأفراد في التنظيمات وجواز تحللهم من القرارات الشورية المؤسسية بدعوى الحرية , مما لم يكن سهلا على فهمه أو تفهمه ، وكنت أنوى الإدلاء فيه بدلوى لولا ما رد به الأستاذ عبد الرحيم الشيخي في هذه القضية فأفاد وأجاد ، وأحسب أنه قد أقنع وأفحم مع حفظ كامل المحبة والأخوة والتأدب مع الدكتور الريسوني . ما صدمني في المقال المذكور هو أن الدكتور الريسوني قد أدلي بدلوه في موضوع أحسب أنه بحكم وضعه سواء لما كان موجودا بالمغرب أو هو الآن بعبد عن المغرب في جدة ليس ملما بكل تفاصيله ومعطياته ، تماما كمالم يكن ملما بكل المعطيات التي تضمنها النقاش الذي دار خلال ساعات طويلة في هيئات الحركة والحزب في قضايا الموقف من حركة 20 فبراير والتعديلات الدستورية وإن كان في هذه الأخبرة قد أدرك طرفا منها وأدلى فيها بدلوه وكانت له فيها بصمته ينطبق هذا على قضية النقاش في تحديد عدد الولايات الانتدابية فيما يخص المسؤوليات العامة وخاصة ما يتعلق بالترشيح للبرلمان . وقد أدي ذلك بشيخنا الجليل إلى الوقوع في استنتاجات والوصول إلى خلاصات لا نسلم فيها له بأنها هي القول الفصل أو القول الحق الذي ليس وراءه إلا الباطل وشهوة الخلود , بناء على هذه المقدمات ليسمح لي الدكتور الريسوني أن أعقب على مقاله ، الذي تكاد تخلص من قراءته وكأنه أوشك أن يصل إلى البواطن و يحاكم النوايا ، حيث فسر اجتهادات إخوانه في قضية اجتهادية ظنية بشهوة باطنبة هي شهوة الخلود ، الشهوة التي من خلال الوسوسة بها خرج آدم وزوجه من الجنة ، لأكلهما من الشجرة المحرمة وحتى إن لم يصرح شيخنا بذلك صراحة وربما لم يقصد إليه لكن السياق يكاد ينطق بها . وأقول وبالله التوفيق خاصة وأني لم أعد معنيا بترشيح ولا يمكن أن أتهم أن منطلقي هو شهوة الخلود أو الدفاع عن الترشح اللامحدود 1 يتلكم أخونا الريسوني عن أنه حدث إخوانه في قضية تحديد عدد الانتدابات وأنهم قد وعدوه بالنظر في القضية وتطبيقها في الولايات القادمة وأنهم ساقوا عددا من الحجج والتعلات منها يقول شيخنا ” أن البقاء في البرلمان لفترات غير محددة أمر مفيد للحزب وكوادره القيادية، ومفيد لمصلحة الأمة وفعالية البرلمان…، مع أن هؤلاء الأصدقاء جادلوني سنة 2005، وطلبوا مني تأجيل دعوتي لتحديد النيابة البرلمانية في ولايتين، بأننا في البداية ومحتاجون إلى بقاء أصحاب التجربة، ووعدوني بتبني الفكرة واعتمادها في الانتخابات المقبلة. ثم مرت “المقبلة”، وها هي أخرى حلَّت، وما زالت فكرة البقاء والدوام بلا حدود ولا قيود “ وأنا أستغرب أن يصدر مثل هذا من شيخنا وأن يعبر عن خيبة ظنه في هؤلاء الإخوة الذين طلبوا منه تأجيل فكرته على أن يأخذوا بها في الولاية القادمة وعدوه بإعمال فكرته ثم أخلفوا ثم مرت المقبلة وما زالت فكرة الخلود والبقاء وتحكمت فكرة الخلود والبقاء , وبغض النظر عن تفسير موقف هؤلاء الإخوة بتلك الشهوة الخفية خفاء النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء وكيف تأتي مع ذلك لشيخنا أن يحزم أنها أصل المشكلة ، فإنه من المستغرب فعلا كيف يصدر مثل هذا الإقرار منه وهو يعلم أنه لا يملك أي كان أن يعطي وعدا أو ضمانة في قرار يرجع إلى مؤسسة هي المجلس الوطني ، الذي يرجع إليه قرار وضع مسطرة الترشيحات ، وكان من الممكن أن يضمنها قرارا واضحا بعدم تجاوز أكثر من ولايتين في البرلمان ، ولكنه لم بفعل حيث لم تتبن المسطرة الترشيحات ، هذا التوجه بالرغم من أنه كان ولا يزال رأي فريق بعض أعضاء المجلس . و قد كلف المجلس للقضية لجنة خاصة درست طوال يوم كامل لم تخرج فيه بقرار واضح وإنما بتوصية عامة للأمانة العامة باعتماده كتوجه في عملها كهيئة للتزكية . 2 من جهة ثانية إن عددا كبيرا من الجموع العامة لهيئات الترشيح والتزكية قد أعادت اقتراح وترشيح عدد لا يستهان به ممن تعددت ولاياتهم النيابية وبعضهم يرشح للولاية الرابعة وقواعد الحزب هي التي تمسكت به وأصرت على ترشيحه وأحيانا في معارضة لرغبته , فكيف يستقيم قول شيخنا أنها شهوة الخلود والبقاء والأمر كما يعلم ليس بيد المرشحين ، كما أن حجم تدخل الأمانة العامة في الترشيح على رؤوس اللوائح وإعادة ترتيب المرشحين قد تقلصت إلى أكبر الحدود .؟ 3 ينطلق الدكتور الريسوني في الدفاع عن فكرته من قياس فيه نظر حيث يقيس الدعوة إلى عدم مراكمة الولايات الانتخابية على المبدأ المعمول به في الحركة والحزب أي عدم مراكمة الولايات بعدم تجاوز ولايتين على رأس الحركة والحزب وهيآتهما .حيث يقول : ” الغريب أننا نجحنا في اعتماد فكرة حصر تولي المسؤوليات في ولايتين فقط، في حركة التوحيد والإصلاح، ثم اعتُمدت الفكرة بحزب العدالة والتنمية. فلما جئنا إلى مجال هو أحوج بكثير إلى إقرار هذا النهج، اصطدمت الفكرة بالتأويلات والتبريرات والتهرب والتسويف!! ، بينما كان المفروض – على الأقل – أن يَطَّرِد المنطق والمنهج. وأما الحقيقة الواضحة فهي أن دواعي التحديد والحصر للمناصب ذات الإغراء والجاذبية والتنافسية أقوى وأوجب. لكن أنصار البقاء والخلود كانوا هم الغالبين “ وبغض النظر عن هذه الإشارة الأخيرة التي لا تصف واقع الحال ولا تنصف مذهب من لا يرى مذهب الريسوني ، وتختزل الأمر في حرص وشهوة خفية في الخلود والترشح اللامحدود . وبغض النظر عن دقة كلمة ” الترشح ” حيث إن الأمر يتعلق ب ” ترشيح ” لا يتأتي كما يقول بعض الإخوة إلا بعد مرور على ” صراط ” مسطرة بالغت في الديمقراطية حسب البعض ، بل إنها تفسح المجال لعكسها ولتشوفات وحيل ” ديمقراطية ” لشهوات من نوع آخر ، وقلصت من تدخل الأمانة العامة إلى أقصى حدود ، فإن قياس شيخنا فيه نظر من وجهين يردان ما احتج به شيخنا الفاضل : إن الأمر في الحركة والحزب يتعلق بالمسؤولية العظمي في الهيئتين وبرئاسة الهيئات المسيرة التي تحتها وليس مجرد العضوية في تلك الهيئات ، حيث إنه من المعلوم إن عدم الجمع بين أكثر من ولايتين متتابعتين هو أمر مقصور على رأس الهيئة وليس على العضوية فيها ، بل إن استمرار مسؤول سابق للحركة أو الحزب في المكتب التنفيذي أو الأمانة العامة الجديدة معناه من جهة الحرص من جهة على التجديد في رأس الهيئة لأن المسؤولية العظمى منهكة وملكفة والحاجة فيها إلى التجدد واضحة ومبررة ومن جهة أخرى عدم الأخذ بمبدأ تحديد الولايات فيما يتعلق بالعضوية في الهيئات أي الحرص على استمرار الخبرة وعدم الاستغناء عنها . وشيخنا قارن بين ما لا يقارن أي قارن بين مقتضى له صلة برئاسة الهيئات ، ومقتضى آخر له علاقة بمراكمة عدد الولايات على مستوى العضوية في المؤسسات و الهيئات . واطراد المنهج والمنطق الذي ينتقد غيابه عند المدافعين عن ” الترشح اللامحدود ” بتعبير شيخنا يكون عند اطراد وتشابه المجالات والحالات التي يطبق عليها . والحال أنه ليس هناك اطراد بين الواقعتين والمجالين ولعل شيخنا أقدر مني بحكم خبرته العلمية الأصولية بمدى مناسبة هدا النوع من القياس . والسعي إلى نقل مبدأ عدم تعدد الولايات من مجال المسؤولية عن هيئة حزبية أو حركية إلى مجال العضوية في المؤسسة التشريعية لأكثر من ولايتين لا يستقيم ، إذ لا شيء في قوانين الحزب أو الحركة يلزم بحصر العضوية فيها لولايتين فقط مما كان سيكون صالحا للاحتجاج به . لقد بني شيخنا الريسوني على مسلمة غير مسلم بها وعلى خبر هو مجرد انطباع منقول عن متحدث حول حقيقة العمل البرلماني ، وأنا اشتغلت فيه لولايتين متتابعتين وأستطيع أن أجزم بأن ما بني عليه شيخنا لا أساس له من الصحة حين قال : ” قبل سنوات أخبرني أحد الإخوة البرلمانيين الجدد أنه بعد شهور قليلة من عمله البرلماني حفظ اللعبة من أولها إلى آخرها… وكل ما هو مطلوب وممكن هو أن نكرر ذلك في كل اجتماع وفي كل جلسة ” , لقد بسط هذا البرلماني العمل البرلماني إلى أقصى حد حين اعتبره مجرد لعبة تحفظ من أولها إلى آخرها في شهور قليلة , ودون أن أشغل نفسي طويلا في بيان العكس وأن العمل البرلماني الجيد رقابة وتشريعا يحتاج في الحقيقة إلى أكاديمية لتخريج البرلمانيين وتكوين معمق ومكثف لا تقل مدته عن سنتين وتكوين مستمر فضلا عن التكوين بالخبرة والممارسة ، التي لا غنى عنها ، أستتشهد بأحد كبار البرلمانيين من أحد أحزاب الكبرى الذي حكا أكثر من مرة إنه قضى الولاية الأولى في الاستماع والتعلم ، ولم يشرع في الكلام بثقة ومعرفة إلا قي الولاية الثانية أقول هذا وأنا أقر أن على الحزب أن يضع آلية للتشبيب على جميع المستويات بما في ذلك العمل البرلماني ، وأن يكون مقياس الترشيح هو الأهلية والكفاءة والمردودية والتنوع في مكونات الفريق وتراكم الخبرة . وفي نفس الوقت أجزم دون تردد أنه من العبث إفراغ فريق من أهم كفاءاته مرة واحدة كل سنتين من أجل مجرد التجديد والتناوب ودفعا لشبهة الترشح اللامحدود . و قد كان على فريق العدالة والتنمية أن يضحي بأحسن كفاءاته بعدم ترشيحها خلال الانتخابات المقبلة إعمالا للمبدأ الذي يدافع عنه الريسوني . وأخيرا ، وكما عودنا شيخنا فقد أبى إلا أن يختم تحليله بطرفة على عادته حيث اعتبر أنه لا يعود إلى نفس الفصل إلا الراسبون . ومن جديد فإنه وعلى الرغم من جمالية الوصف وطرفته ، إلا أنه لا يمكن التسليم للشيخ مطلقا في مضمون طرفته. فكثير من المهن تحتاج إلى تراكم في الخبرة ، وكلما راكم فيها المهني سنين من الممارسة ازداد عطاء صاحبها جودة أو إتقانا , ففي الطب مثلا والتعليم الجامعي كلما تراكمت الخبرة ازداد العطاء ولهذا على خلاف المهن الأخرى يمدد سن التقاعد للأساتذة الجامعيين وللقضاة ولبعض الأطر الناذرة سن الإحالة على التقاعد . أقول هذا وأنا مع التجديد والتشبيب , أقول هذا وأنا أؤكد أن الأمر يتعلق بترشيح لا بترشح ، أقول هذا ولا أرى غضاضة في الترشيح اللامحدود ما دام ناتجا عن عملية ديمقراطية وتداول في هيئات الاقتراح والترشيح والتزكية . أقول هذا وأرى أن شهوة التشوف وشهوة التطلع إلى الولايات العامة على أساس أنها ” امتيازات ” تقتضي التنافس والتناوب هو الوجه الآخر لشهوة الخلود والترشح غير المحدود ، وأن مقالا نبيلا في مقاصده مثل مقال الريسوني وخطاب الترشح اللامحدود قد يلاقي هوى في نفوس بعض المتشوفين الذين ينتظرون الدور . أقول هذا وأضيف أن شيئا من هذا قد وقع وتأكد بعد أن كتبت المقال بعض الإخوة يحولون النقاش عن جوهره ويظنون أننا ندافع عن الخلود في المسؤولية . تنبغي الإشارة إلى أننا ننكلم عن قضية تقديرية في أيهما أكثر مردودية علما أن القول بعدم تحديد الولايات الانتدابية في البرلمان لا يعني الدفاع عن الخلود في المسؤولية النيابية ما دام القرار يرجع فيه إلى هيئتي الاقتراح والترشيح التي يملك أن تختار الأكفأ والأفضل بل يمكن أن ترجح بالتداول مبدأ عدم التجديد لمن تجاوز ولايتين . وقد حدث هذا فعلا في عدد من الحالات و التقديرات وهي ليست قليلة وصلت في حد علمي الآن إلى 12 حالة وقد يكون العدد أكبر ، إن التداول الذي انتهي إلى الأخذ بأطروحة التحديد هو التداول الذي انتهي إلى أطروحة التمديد والذين مددوا لبنكيران والرميد والعثماني وبوليف والرجدالي والعمراني والعماري وغيرهم فعلوا ذلك لتقديرهم أن هؤلاء لا يزالون صالحين رغم أن بعضهم يدخل الولاية الرابعة . بذلك أتساءل : هل قضية شهوة الخلود والترشيح اللامحدود قضية حقيقة أم قضية جدلية ونطرية ؟ ترى هل أخذنا بأطروحة التحديد هل كان من الممكن بقاء نواب من هذه الطينة ؟ الريسوني يعود إلى البدء ويعيد الكتابة أحمد الريسوني: مسألة الترشح اللامحدود .. عود على بدء حين كتبت مقالي الأخير (شهوة الخلود والترشح اللامحدود)، كتبته على عجل وباختصار شديد، وذلك حتى لا يتأخر عن مناسبته التي دعت إليه، أعني مناسبة الترشح والترشيح للانتخابات البرلمانية. فالكتابة كانت من وحي المناسبة، غير أني حرصت على الإشارة فيه إلى أن الفكرة قديمة وليست وليدة لحظة أو مناسبة، وليست – كما ظن البعض – مبنية على معطيات ناقصة حديثة العهد، بمعنى أن فكرتي لم تتولد في جدة أو في مرحلة “الغيبة الكبرى”، مع أنني أتابع – من هنا وهناك – الصغائر والكبائر عن المغرب وما يعتمل فيه. هذا فضلا عن كوني الآن موجود بالمغرب منذ فترة تزيد على الشهرين، استقبلت فيها مئات الزوار، وكان منهم معظم القياديين في حركة التوحيد والإصلاح، وفي حزب العدالة والتنمية وفريقِه البرلماني. وسمعت منهم كل ما يستحق السماع، وناقشنا كل ما يستحق النقاش. وأظن أن ذلك كان كافيا لإخراجي من غيبوبتي واستعادتي حق الكلام في الشأن المغربي! بعد نشر المقال المذكور تلقيت وسمعت بشأنه عدة ملاحظات وتحفظات، سواء على فكرته برمتها، أو على بعض جزئياته وحيثياته. وسواء من المؤيدين أو من المعارضين، كانت هناك دعوة صريحة أو ضمنية لمزيد من البيان والتوضيح للمسألة، بصرف النظر عن المناسبة والسياق. وهذا ما تيسر لي من إضافات وتوضيحات. أولا: التفكير من داخل الجُبِّ والتفكير من خارج الجُبِّ يُذكر أن الفقيه الحنفي الكبير شمس الأئمة أبا بكر السرخسي رحمه الله، أملى قدرا كبيرا من مؤلفاته على تلاميذه وهو محبوس في الجب؛ حيث حبسه الأمير بسبب كلمة حق قالها له. والحقيقة أن الذي يقرأ مؤلفات الإمام السرخسي وفقهَهُ، يدرك أن الرجل كان يفكر ويتكلم من خارج الجب الذي هو فيه، وأن عقله كان حرا طليقا مستنيرا، بينما الأمير الآمرُ بحبسه هو الذي كان تفكيره وتدبيره محبوسين داخل ظلمات الجُب. و”فكرة الجُبِّ” هذه توجد مضمنة في الحديث النبوي الشريف باسم “الجُحر”. ففي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(لَتَتَّبِعُنَّ سَنَنَ مَنْ قَبْلَكُمْ شِبْرًا بِشِبْرٍ وَذِرَاعًا بِذِرَاعٍ، حَتَّى لَوْ سَلَكُوا جُحْرَ ضَبٍّ لَسَلَكْتُمُوهُ. قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى؟ قَالَ فَمَنْ؟) وقد جاء بعض الفلاسفة الغربيين فعبروا عن هذه الفكرة -أو جزءٍ منها- بمصطلح “الباراديغم -paradigm”، وهو يعني القالب النمطي المُتَّبعَ والمألوف للتفكير والسلوك. أوردت هذا الكلام من البداية لأقول: إنني لست ملزما بالباراديغم السياسي الانتخابي السائد وقيمِه وقواعدِه، وأن من منطلقاتي وأهدافي أن أسهم في خلخلة هذه المنظومة وتنقيتها وترقيتها، بدل التسليم بها وتزكيتها. نعم أنا أومن بقاعدة “ما جرى به العمل” بشروطها الفقهية المالكية، ولكني لا أتَّبع ما جرى به العمل في الجحر السياسي الحزبي. - فمن ذلك أن الباراديغم الحزبي الانتخابي يقتضي بداهة تمكين الحزب -أي حزب- من حصد أكبر عدد ممكن من المقاعد، ويعتبر ذلك هدفا مرحليا أعلى للعملية الانتخابية، ومعيارا من معايير الترشيح فيها. وهذا يستلزم ترشيح من هم أقدر على انتزاع المقاعد لأنفسهم ولحزبهم، وهنا يكون مَن اشتهروا، أو من هيأوا أنفسهم وأعدوا عدتهم وكثروا أصواتهم، هم الأنسب والأحظى بالتزكية والترشيح. وأما الغافلون المغمورون فلا يصلحون ولا يفلحون، مهما كان صلاحهم وأهليتهم. -والباراديغم الحزبي الانتخابي يرى أن انتزاع المقعد الانتخابي فوز ونصر وغُنم وشرف ومفخرة … -وهذا الباراديغم يرى ضرورة أن يقدِّم الحزب زعماءه ووجهاءه ورموزه، وأن ينصرهم في المعركة الفاصلة، ليصل بهم في النهاية إلى بَر الامان (أي: برلمان)، ليكتسبوا الشرعية الانتخابية ويعززوا مكانتهم الاجتماعية، لأن ذلك من مصلحة الحزب، وما كان من مصلحة الحزب فهو مصلحة للوطن… ومعلوم أن هؤلاء الزعماء هم أنفسهم من يصنع هذه الأفكار ويبثها، بمعنى أنها تنبع منهم وتصب عندهم. - وفي هذا الباراديغم أيضا: لا غضاضة ولا إشكال في أن يكون الزعماء الحزبيون قياديين في الحزب وكل هيئاته العليا، وأعضاء أو رؤساء في البلديات والجهويات، وأعضاء أو رؤساء في مختلف اللجان، وقياديين في المنظمات الموازية، وأعضاء في البرلمان ولجانه ومكتبه، ووزراء إذا لزم الأمر، ويقولون هل من مزيد، لأنهم غير مكترثين بقول المعري: فما أعجبُ إلا مِنْ راغب في ازدياد، بل قاعدتهم تقول: “هات، ستة من ستين”. فداخل هذا الجب تتشكل وتسود فلسفة الترشح اللامحدود والمناصب اللامحدودة. ثانيا: اعتبار الخبرة والتجربة في الترشيح عادة ما يقال: إن صاحب الخبرة والتجربة والسبق في مجال ما أو مهمة ما، هو الأولى والأصلح دائما لذلك المجال وتلك المهمة. وهذا حق يراد به باطل، أو هو حق يوضع في غير موضعه. فالخبرة كما تُتداول وتُتعلم من الغير وتؤخذ مما هو قائم ومعمول به، فإنها أيضا يمكن أن يصنعها كل واحد بجهده وفكره وإبداعه وخصوصياته. وصاحب الخبرة إذا طال بقاؤه فيما هو فيه قد يصاب بالملل والضجر، وقد تستولي عليه الرتابة والممارسة الروتينية، فيضعف عطاؤه ويخبو حماسه، فيقف عند الحد الأدنى أو دونه. كما أن طول البقاء في المنصب والموقع، كثيرا ما يجر إلى الانحلال والإخلال، أو إلى الفساد والاستبداد، هذا إذا كان الشخص في أصله صالحا مستقيما فعالا… ومقابل هذه الحالات والآفات كلها، يكون الوافد الجديد إذا حل محل القديم، أبعدَ عن هذه الآفات وأقرب إلى أضدادها. وذلك فضلا عما يفترض أن يكون له من مؤهلات ومميزات ومبادرات جديدة، هي التي أهلته للتكليف الجديد. ومعلوم أن ترك صاحب المنصب لمنصبه -في البرلمان أو غيره- لا يعني أبدا ضياع تجربته وخبرته وحرمانَ حزبه أو وطنه منها. فالإنسان الصالح كالغيم، أينما تحرك سَقى ونفع. بل نستطيع الإفادة منه في ذات الموقع والمجال الذي غادره، ولا سيما إذا تعلق الأمر بأشخاص رساليين ومناضلين. وهناك الآن عدد من الأطر من مختلف التخصصات يقدمون خبراتهم العالية للحزب وللبرلمانيين على مدى عدة ولايات برلمانية، حتى ليمكن اعتبارهم أساتذة ومدربين لأولئك البرلمانيين، من غير أن يترشحوا ولا أن يتطلعوا إلى أن يكونوا من “السادة النواب المحترمين”، كما أنهم لم يطلبوا يوما جزاء ولا شكورا. فالبرلماني السابق أولى -وأوجب في حقه- أن يقدم مثل ذلك وأكثر منه لإخوانه الجدد الذين حلوا محله. ومن جهة أخرى فإن إبقاء القدامى -أصحاب التجربة والخبرة- في مواقعهم ومناصبهم لفترات طويلة أو لامحدودة، يُضَيق من فرص التكوين والتدريب والترقية لغيرهم، مما يجعل المسؤوليات والخبرات دُولةً بين الفئة القليلة وحكرا عليها، ولو بدون قصد. وهكذا تصاب الهيئة أو الدولة أو المجتمع بالقحط والعقم في تخريج ذوي الكفاءات والمهارات وترقيتهم وتمكينهم، ونصبح كما جاء في الحديث الشريف: «إِنَّمَا النَّاسُ كَالإِبِلِ المِائَةِ، لاَ تَكَادُ تَجِدُ فِيهَا رَاحِلَةً»، وقد نصل إلى أسوأ من هذه النسبة. وعلى هذا المسار وصلت مجتمعاتنا مرارا إلى فكرة القائد الفذ، والزعيم الأوحد، فريد عصره، ووحيد زمانه، وأعجوبة قومه… نجد هذا عند الحكام، وعند قادة الأحزاب والتنظيمات المختلفة، وعند العلماء ومشايخ الصوفية… ثالثا: البرلمان ليس “أعز ما يطلب” أما المهدي بن تومرت صاحب كتاب “أعز ما يطلب”، فيقصد بذلك أمور العقيدة والتوحيد، وهي بدون شك أعز ما يطلب، بغض النظر عن آراء ابن تومرت فيها. والمهم عندي من هذه العبارة هو أننا لو تحرينا أعز ما يطلب في مجالات الدعوة والإصلاح والنهضة والبناء وخدمة الأوطان، فبدون شك لن يكون المكوث في البرلمان والمرابطة على ثغوره إلى أجل غير مسمى، هو أعز ما يطلب. وإذا كان هناك من يرى أن الترشيح للبرلمان، يجب أن يُرصد له ويستبقى فيه أكفأ الناس وأكثرهم خبرة وعطاء، ولو مكثوا هناك مرات ومرات، فأنا أرى -والعلم لله تعالى- أن في ذلك جناية، ليس على الحزب والبرلمان فحسب، بل على هذه النوعية المتميزة من الأشخاص. فالنبغاء العلماء الأقوياء لا يجوز حبسهم وإيهامهم أنهم قد بلغوا سدرة المنتهى، وأنهم يحققون أعز ما يطلب، وإنما يجب تركهم -بل تشجيعهم -ليمضوا من مقام إلى مقام أعلى ومن عمل إلى عمل أسمى. وأنا أعرف عددا من الأصدقاء الأعزاء دخلوا البرلمان واستكانوا إليه، فتركوا جامعاتهم، وعطلوا أطروحاتهم، ونسوا كتبهم وبحوثهم، وآخرين أماتوا طموحاتهم النبيلة، وتركوا مشاريعهم الواعدة، ومسؤولياتهم الجليلة، وبقوا يدورون بين الدورات البرلمانية والدورات الانتخابية، ظانين أن ليس في الإمكان أبدع مما كان.