بقلم: د.حبيب عنون – باحث في العلوم الاقتصادية والاجتماعية- [email protected] يأتي الحوار حول مجريات الاقتصاد المغربي، من خلال برنامج مباشرة معكم، في ظرفية سياسية واقتصادية واجتماعية يمكن وصفها، كل من زاويته، بما آل إليه العمل الحكومي منذ تولي حكومة السيد ابن كيران تدبير الشأن العام وفق مقتضيات دستور المسؤولية والمحاسبة. ظرفية سياسية تتميز بازدواجية ثناياها بين ما هو داخلي وما هو خارجي؛ وبظرفية اقتصادية يحكى بكونها خاضعة لتبعات أزمة مستوردة وبظرفية اجتماعية باتت تشكل فزاعة مدبري الشأن الحكومي في المغرب. بات من الأكيد أن فعاليات المشهد السياسي سواء تلك التي حملت مهمة تفعيل دستور المساءلة والمحاسبة أم تلك بمقتضى ذات الدستور مرغمة على العمل على تقويم العمل الحكومي، ما زالت ماضية في مسلسل “إما أن يكون حزبي في الحكم، وإما أن يكون من المتربصين”. وهذا نهج سياسي تقليدي ومتجاوز وذو انعكاسات سلبية إن على المستوى الاقتصادي (أي ثروة البلاد) أو المستوى السياسي (من يتكفل بتوزيعها ؟ وكيف ؟) أو الاجتماعي (انعكاسات نمط توزيع الثروة). وهذا ما هو جلي لا بين مكونات الحكومة الحالية ولا بينها وبين مكونات المعارضة ناهيك عن الهيآت السياسية المتصارعة قصد إدماجها ضمن فعاليات المشهد السياسي. وما كانت مداخلة العلمي الطالبي إلا تأكيدا على هذا المنحى السلبي معتبرا كون الظرفية (السياسية) الحالية قد خلقت نوعا من فقدان الثقة بل أكبر من ذلك فقد أدت إلى بروز نوع من الحقد الاجتماعي. إلا أن خلفيات خلاصات الطالبي العلمي كانت ذات بعد سياسي صرف لكونه لا زال سالكا سبيل تصفية حسابات وما هي في حقيقة الأمر كذلك إن هي إلا مجرد “بلبلة” لا أقل ولا أكثر. ومن الطبيعي والمؤسف أنه لو كان ضمن الفعاليات الحكومية لكان متبنيا لخطاب مغاير. لم يلي الصحافي كلحسن الاهتمام بمصطلحين هامين ليسائل الطالبي العلمي عن مفهومهما وبعدهما والمغزى من البوح بهما: فإذا كانت الأزمة المالية أو الضائقة المالية كما كان يحبذ الناصري نعتها قد كانت قائمة منذ الولاية السابقة حين كان حزب الأحرار ضمن فعاليات تدبير الشأن العام وادعاءه بكون الحكومة آنذاك قد اتخذت التدابير الازمة قصد تصحيح المؤشرات الماكرو-اقتصادية، فلم إذا توجت هذه التدابير التي اعتبرها الطالبي العلمي بالجدية، بحراك شعبي مغربي مطالبا بإسقاط الحكومة ؟ كما كان على الصحافي كلحسن مساءلة ضيف برنامجه عن ما المقصود بفقدان الثقة داخليا وانعكاساتها خارجيا ؟ واتجاه من ؟ . من موقع الطالبي العلمي كان من الهين تفهم كون سهام خطابه كانت موجهة اتجاه الحكومة الحالية متناسيا للأسف أن الحكومة الحالية هي ليست بحكومة حزب المصباح ولكنها حكومة فعاليات سياسية متآلفة وفق وثيقة عمل مشترك كانت منذ أقل من سنة تشكل إلى جانب حزب الطالبي العلمي فعاليات الحكومة السابقة التي انهت ولايتها بحراك شعبي وليس تغليطا بمؤشرات ماكرو-اقتصادية إيجابية. وجب على الطالبي العلمي أن يعترف بكون فقدان الثقة يعود إلى عدم توافر مشهد سياسي منسجم جاعلا من تلبية الحاجيات الأولوية للمواطن المغربي وما نص عليه عاهل البلاد منذ خطاب 9 مارس الحاسم انشغالاته اليومية. أما ثقة المواطن المغربي في الفعاليات السياسية فهي كانت متدنية وازدادت خيبة مع التجربة الحالية. تجربة ستقود لا محالة إلى نشوب خريف حزبي ونقابي يفرج عن مؤهلات تتناغم في سلوكياتها وأفكارها ومبادئها ومقتضيات دستور 2011 والذي إذا لمسنا تعثرات في تنزيله السليم فلكون العقليات الجاثمة في مناصبها منذ “عصور الحماية” إلى يومنا هذا ليست لها المؤهلات للتماشي ومقتضيات دستور 2011, وهذا أمر جد طبيعي وموضوعي. فلكل زمن رجالاته ولكل دستور فعالياته. فحتى لو تمكن السيد ابن كيران، وهنا تكمن النقطة السلبية في مرحلة ولايته، من التوفق في التوفيق بين مكونات المشهد السياسي الحكومي، فلن تكون هناك ضمانات لإنجاح تنزيل الدستور لكون المسألة لا تتعلق بتناوب أو بتوافق حزبي بل بتناوب جيلي. وعلى نفس الهدى، عمدت، بصيغة التهكم والسخرية، عضوة الأمانة العامة للاتحاد المغربي للشغل إلى اعتبار دعوة الحكومة إلى مأسسة الحوار الاجتماعي بمثابة “استعطاف النقابات من لدن الحكومة قصد ضمان سلم اجتماعي والسعي وراء إنجاح المرحلة”. مسترسلة مداخلتها بعرض هرم من الملفات العالقة منذ القدم إلا ما تناست البوح به كما يقال. في حين وهنا تكمن ليس فقط المغالطة والاستهبال بل أمر آخر، لا يجدر بي أن أذكره لكونه سيكون متنافيا والاحترام الواجب اتجاه قارئ هذه السطور، وقت إطلالتها على المواطن المغربي، في نفس البرنامج في حلقة سابقة موازية للحراك الشعبي، لإخباره بكون النقابات وفي حوار مع الحكومة السابقة قد تمكنت من رفع أجور الموظفين ب 600 درهم ليبق التساؤل الوجيه المطروح هو لم تغاضت ولم لم تشر إلى هذا الهرم من الملفات الموروثة حينها أي في تلك الظرفية ؟. فالتمويه والخداع السياسيين اتجاه المواطن المغربي لجد جليين ذلك أن التناغم مع الحكومة السابقة كان آنذاك ممكنا وأن الظرفية كانت غير الظرفية الحالية وبالتالي كان من اللازم سياسيا التغاضي عن إثارة الملفات الاجتماعية العالقة لكون الهدف المشترك كان تمرير الحراك الشعبي المغربي بميزة الاستثنائية. أما حاليا، فعضوة الاتحاد العام للشغالين يخيل إليها أن كل المعطيات السالفة الذكر قد انجلت وأن الظرفية مواتية حاليا للضغط على الحكومة قصد المساهمة في إسقاطها أو في تعديلعا. لا سبيل لتبني هذا المعطى لكون الحراك الشعبي لم ينجل بل هو في قاعة الانتظار وقد صرح بذلك رئيس الحكومة نفسه. إذا كان الحوار الاجتماعي قد عرف ركودا فلكون لا تغيير في الفعاليات النقابية المشاركة في الحوار لا من حيث الشخصيات ولا من حيث منهجية التعامل مع الحكومة ولا من حيث الهيآة. يكفي القول هنا بكون اقتصار الحكومة على المركزيات الأكثر تمثيلية إنما هي بدعة ولا تستند إلى أي مقتضى قانوني. فالابقاء على نفس الفعاليات له دلالته، وإقصاء باقي الفعاليات النقابية دون سند قانوني له دلالة أعمق. ربما قد تكون بدعة إيجابية للحكومة من زاوية الاقتصار على من هو متمرن عن التغاضي ولكنها بدعة سلبية تحسب ضد السيد ابن كيران لتنكره لما سبق أن وعد به بتوسيع الحوار ليشمل كل الفعاليات أولا، وثانيا لتنافي انسياقه مع هذه البدعة ومقتضيات الدستور. لن يكون من الصواب ولا من الواقعي الاعتقاد بكون الظرفية قد تغيرت أو انجلت، فمثل هذه الممارسات لا تخدم الصالح العام وإنما تؤجج الشارع وبالتالي فمضمون خطابك وتغييره وفق الظرفيات يعتبر تخاذلا بمطالب منخرطي نقابتكم بل قد يجعل استيقاظ الحراك الشعبي واقعا ممكنا. كيف يغيب على عضوة أمانة نقابة الاتحاد المغربي للشغل أن هناك تناقضا في ما تدعيه إذ كيف يعقل أن تستند وتؤكدي مؤشرات وإحصاءات صندوق النقد الدولي في حين أنك تنتقيدين منهجية تفهيل توصياته ؟ فمن الناحية الاقتصادية فهذا غير مضبوط ومجانب للصواب ذلك أن المؤشرات هي ناجمة عن تشخيص واقع معين في مدة زمنية معينة ووفق هذا التشخيص يتم تحديد بطريقة موضوعية وعلمية كيفية تقويم ما تم تشخيصه. فإذا كنت غير موافقة على كيفية التقويم فهذا يعني أنك ستقويم بتقويم وضعية على أساس تشخيص مغاير أو أنك ستقومين بالابقاء على التشخيص مع تغيير كيفية التقويم وشخصيا أتأسف لهذه الرؤيا لكونها لا صلة لها بعالم الاقتصاد الذي يفترض فيه أنه لكل تشخيص مقومات تلزمه. أما إذا ارتأيت الفصل بينهما فهذا هو صلب الخطأ وهذا ما أدى بالعديد من الدول إلى عدم المضي قدما. وعلى أية حال، ففاقد الشيء، لا يمكنه إعطاءه. ليس بمقدوركم لا القيام بتشخيص علمي ولا بإيجاد الحلول المناسبة ما أنتم فالحون فيه هو تكرار الأسطوانات المتآكلة والخطابات المفرغة من أي عقلانية والتحامل على الحكومات المتتالية بملفات متراكمة والخروج بشعار الحكومة عاجزة ووجب تدشين مسلسل الاضرابات إلى حين…توافق أو تغاضي عند توافر ظرفية معينة. أما المواطن وهمومه فهما ضميرين مستترين. ألم يحن الوقت للاعتراف الموضوعي بتجاوز مطالب الظرفية الحالية لتلك الملفات المتمسكين بها منذ عقود دون جدوى حتى بات المواطن المغربي متأكدا بوجود تواطؤ سلبي وخطير بين الفعاليات النقابية وتلك الحكومية بل بات هذا المواطن متيقنا لا حاجة تقضى إلا للمقربين من محيط القرار الحزبي والنقابي. ما عدا هؤلاء المقربين، فالمتبقي مدعو للتصويت وللتصفيق فقط. وخير دليل على ذلك العزوف والانسحابات من العمل السياسي والنقابي. ربما قد يتناغم هذا المسار الحزبي والنقابي في ظل خطاب مسبق تارة متنبئا وتارة أخرى متأكدا من تغيير حكومي مرتقب. ربما قد يستنتج البعض فقد يعتقد البعض أن التحول الذي شهده حزب الاستقلال على مستوى أمانته العامة بالحدث ليس نسبة إلى شخص حميد شباط ولكن نسبة إلى ما يتداول بشأن الديمقراطية التي بات البعض يؤمن بالشروع في إرساءها داخل الحزب لمجرد المرور إلى منصب الأمانة العامة عبر صناديق الاقتراع . ذلك أنه لا يمكن الجزم بملازمة الديمقراطية لصناديق الاقتراع. وعلى أية حال، ما قد يلفت النظر كون المراحل التي سبقت رئاسة السيد شباط للأمانة العامة لحزب الاستقلال وكذا ترأس السيد ابن كيران لحكومة تنزيل دستور 2011، شبيهتان من حيث اليقين الأكيد والحتمي لبلوغ هدفيهما والذين كانا جليان من خلال خطابيهما أي أن كليهما كانا “على يقين” ببالغين هدفيهما. فإذا كان البعض يعتقد أن السيد ابن كيران كان ليكون رجل مرحلة قصد تمرير ظرفية سياسية جد دقيقة، فهل ستبرز الأيام المقبلة للمواطن المغربي أن السيد حميد شباط هو الرجل المناسب لتمرير تعديل حكومي ؟ ليتلوه تشنج بين فعاليات حزب الاستقلال وحزب العدالة والتنمية لن يخدم الاستمرارية ولا تسريع وثيرة وزراء حزب الاستقلال كما يصرح بذلك أمينه العام الجديد بل لا محالة أنه سيخدم المعارضة من داخل الحكومة ؟ ومن المحتمل جدا، بالرغم من أنه لا يجب التسرع في إصدار أحكام مسبقة في المجال السياسي، أن تسقط الحكومة بملتمس رقابة تسبقه انسحاب حزب أو حزبين من الائتلاف الهش القائم حاليا والتحاقهما بصف المعارضة. إلا أنه ليس هناك من مؤشر يوحي ولو في الوقت الراهن عن قبول المواطن المغربي أو عدم قبوله بهذه الصيغة من “الانقلاب” ؟ لم تكن مثل هذه الأفكار السياسوية التشاؤمية لتمر دون أن تتيح المجال لبشرى العبادي من جامعة طنجة لابتداع دون توضيح لمصطلح جديد لا صلة ولا تعربف له ضمن مصطلحات قاموس الفكر الاقتصادي المعاصر. ربما أصيبت العبادي بالهلع إثر التصريحات التي ميزت الخرجات الشعبوية لوزراء حزب العدالة والتنمية في بدايتهم حين تمادوا في الاشهار دون تعليل ودون معالجة لمظاهر اقتصاد الريع والتي بالرغم من كونها كانت قائمة منذ عقود إلا أنها ظلت مستترة إلى أن أقر عاهل البلاد عن ضرورة محاربتها وتجاوزها قصد تقويم الاقتصاد المغربي وإرساءه على أسس التنافسية والأهلية. إلا أن نعت الاقتصاد المغربي باقتصاد الهلع هو أمر مبالغ فيه ولو كان كذلك لما حضي بدعم الهيآة المالية الدولية والأوروبية ولما كان من بين الوجهات المفضلة المستقطبة للاستثمارات القطاعية. فالهلع لا يكمن في مظاهر اقتصادية بل الهلع يكمن في مظاهر وسلوكيات وتصريحات سياسية لا صلة لها بما هو اقتصادي بل لها تأثير سلبي ومجاني عليه. كما أن وصف الاقتصاد المغربي بكونه اقتصاد السوق أي خاضع في توازناته لآليات العرض والطلب، فهذا الوصف لا وجود له إلا في أدبيات العلوم الاقتصادية والاجتماعية التي تدرس بالجامعة، ويكفي للاستاذة العبادي أن تراجع فرضيات نموذج اقتصاد السوق لتتأكد من المغالطة التي صرحت بها وأن الاقتصاد المغربي لم يرق بعد إلى اقتصاد تتحكم في تحديد توازناته آليات السوق ولو كان كذلك لما كان لمجلس المنافسة أن يكون ولما نادى رئيسه السيد بن عمور بضرورة دسترة توصياته ولما كان إقرار عاهل البلاد بضرورة تجاوز اقتصاد الريع. ولو تمعنت قليلا الاستاذة العبادي في مضمون مداخلة صلاح الدين القدميري، نائب رئيسة الاتحاد العام للمقاولين، لتمكنت من استنتاج أن صفة السوق لا يمكن بتاتا نعت الاقتصاد المغربي بها. فبلوغ اقتصاد يتحكم في توازناته آليات السوق أي العرض والطلب هو ما تحاول السياسات العمومية منذ تفعيل سياسة التقويم الهيكلي إلى اليوم بلوغه بل كان الانتقال بالاقتصاد المغربي من اقتصاد موجه من طرف الدولة نحو اقتصاد السوق جوهر سياسة التقويم الهيكلي . والأمر ذو دلالة يكمن في أنه لا أحد من المتدخلين أكد على معاناة الاقتصاد المغربي من أزمة اقتصادية باستثناء وزير الاقتصاد والمالية عند إشارته إلى انخفاض في مستوى بعض المؤشرات الماكرو – اقتصادية من جراء تبعات أزمة دولية والتي وجب على المغرب انتظار انجلاءها كي يتمكن من الانتعاش. من المباح استنتاج نهج وزير المالية لفقدانه لتبيان العلاقة القائمة بين ما هو دولي وما هو وطني وفقدانه لرؤية مستقبلية بخصوص ما ستؤول إليه أوضاع الاقتصاديات المتأزمة حاليا والمدة الزمنية التقديرية التي قد تستمر فيها الأزمة وما الدول المعنية بالأزمة بصدد القيام به لتجاوزها علاوة على فقدان وزير المالية لتوضيح، من خلال خطاب علمي وعملي وواقعي ما وزارته وما الحكومة المغربية بفاعلة أمام هذا الوضع جاعلا متتبع مجريات الحوار مستنتجا الغياب التام لسياسة اقتصادية ومالية لذا الوزير. ربما كان الامين العام الجديد لحزب الاستقلال على صح حينما أكد على ضعف المردودية والفعالية لذا بعض وزراء حزبه. ولكن لن يكون ذا مصداقية حتى يمكن “اولاد العروبية” من تولي المناصب التي كانت، حسب خطاباته المتعددة، حكرا على “العائلة الفاسية”. لن يستطيع القيام بذلك لكون تجربة فعاليات المشهد السياسي مكنت المواطن المغربي من استيعاب أن هذه الفعاليات إنما هي فعاليات تشابهت قلوبهم وأقوالهم وأهدافهم ومن المنتظر أن يكون مثل السيد شباط كمثل السيد ابن كيران. وها المواطن (خصوصا من آمن بخطاب السيد شباط) من المترقبين. كيف يعقل أن يتقبل المواطن المغربي تواجد أزمة اقتصادية مستوردة في أنه يع كل الوعي أن أزمة الاقتصاد المغربي يعاني من التبذير واتساع رقعة الريع والأجور والعلاوات الخيالية والتملص الضريبي وسوء توزيع ثروات البلاد والصفقات الغير قانونية وغيرها من الاختلالات المتغاضى عنها والمعترض على كشفها ومتابعة فاعليها من طرف أغلب فعاليات المشهد السياسي؛ والتي هي في جوهرها تشكل بذور وجذور أزمة الاقتصاد الوطني ؟ هل كان يمزح وزير المالية حين صرح أنه تم تقليص الفجوة بين الأجور من 30 إلى 16 ؟ عن أية أجور وعن أية شريحة من الوظائف يتحدث الوزير البركة ؟ ومن يصرح بوجود أزمة اقتصادية في المغرب فلا يزيد المواطن المغربي إلا استفزازا وكرها وغضبا. لا وجود لأزمة اقتصادية بل اليقين هو تواجد أزمة سياسية فكرية إبداعية بنيوية مقنعة بخطاب اقتصادي تمويهي. فبعض مكونات المشهد السياسي المغربي، بغية تجنب التعميم، هي الراغبة في إبقاء الوضع على ما هو عليه من زاوية إحكام التمسك بالمواقع المتميزة والمتحكمة في كيفية ضبط آليات توزيع ثروات البلاد. لن يتمكن الاقتصاد المغربي من تحقيق إقلاع اقتصادي يتمكن من خلاله من الانتقال من النمو نحو التنمية أو نحو ما بات يصطلح على تسميته بالرفاهية حتى يتغلب الهاجس الاقتصادي والاجتماعي الابداعي المحض على الهاجس السياسي الهدام. وليث مفهوم السياسي في المغرب كان كمثل مفهوم السياسي في الدول المتقدمة. كما أن مجريات الحلقة الموالية لبرنامج مباشرة معكم والتي كانت مخصصة لمناقشة الدخول السياسي وتحديات قانون المالية ألمرتقب فقد زاغ الحوار عن موضوعه الأساسي ليتحول إلى محاسبة وجدال سياسي.