“سقط القناع عن القناع عن القناع، سقط القناع قد أخسر الدنيا.. نعم لكني أقول الآن.. لا هي آخر الطلقات.. لا هي ما تبقى من هواء الأرض.. لا ما تبقى من حطام الروح.. لا حاصر حصارك لا مفر..” (محمود درويش). النص الكامل لرسالة البرلمانية اليعقوبي الموجهة إلى أختها في حزب العدالة والتنمية، أمينة ماء العينين.: “بداية أوضح أنني أكتب ما يرضي ضميري وقناعاتي، انطلاقا من مبدأ أنني لم أحاول يوما إرضاء الناس. ورغم علمي الشديد بما ستلقاه هذه التدوينة من حرب فأنا، بخلاف الكثيرين، أقول رأيي وأفعل في العلن ما أنا مقتنعة به، وأتحمل مسؤوليتي في الأمر دون اختباء وراء القيادة. ولهذا، لا يهمني ما سيكتب في حقي، خصوصا وأنه لا قداسة لغير الله. ثانيا، هذا الرأي يمثل إيمان اليعقوبي السياسية وأعبر عنه بعيدا عن أي موقع أنا فيه ولا ألزم أي أحد به وكما قلت أتحمل فيه كامل المسؤولية. ثالثا، أتكلم وأنا التي عبرت عن موقفي المتضامن مع الأخت أمينة دون أن يكرهني أحد به. وبالتالي أقول الكلام الذي أرضي به ضميري أولا وأخيرا ولا يهمني ما سيتبعه فيما بعد. الأخت أمينة، تعلمين أنني كنت دائما مساندة صراحة للحريات الفردية. كنت أدافع بشدة عن الفتيات اللواتي يتعرضن لهجوم بسبب نزعهن الحجاب. فالحجاب تعبير عن الحرية، والحرية تتجلى سواء في وضعه أو نزعه. وهذا الموقف مازلت عليه دوما. الأخت أمينة، ميسون السويدان التي لم تكن شخصية عمومية حين اختارت نزع الحجاب صارحت الجميع بالأمر معللة ذلك برغبتها بالبحث عن الله. وهذا الأمر دافعت عنه وأنا التي لا تجمعني بها أية علاقة. وسأدافع عن خيارك بنزع الحجاب طالما ينطلق من قناعة حرة. لكن … ليس هكذا يكون تصرف الشخصية العمومية. قرار نزع الحجاب لا يكون بوضعه في مكان والتخلص منه في مكان آخر. فإن كان هذا مقبولا لإنساني عادي فهو غير مقبول من شخصية عامة. الأخت أمينة، لم يجادل أحد في حقك نزع الحجاب لكن الكيف والطريقة مهمة. فالمطلوب لم يكن النزع لكن الوضوح التام مع المواطن. أختي أمينة، لم يرشحك الحزب للبرلمان لحجابك ولم يصوت عليك المواطن لهذا الأمر. لك من حق من رشحك وصوت عليك أن تكوني صادقة معه. فالنقاش ليس حول نزع الحجاب لكن حول التراجع عما يمثله هذا الحجاب من قيم للمجتمع، من طرف عضو في حزب رأسماله هو التشبث بالقيم، التي إن اختار مراجعتها فهو يصرح بالأمر صراحة. الأخت أمينة، غريب هذا التناقض الذي يخفي غيابا صارخا للنضج وروح المسؤولية. فكيف تدعين في البداية أن الصور مفبركة، ثم تخرجين الآن بتدوينة، تحاولين من خلالها تبرير ما قمت من قبل بنفيه من خلال استعمال تصريح لبنكيران، الذي لم نكن معه حين صرح به لك، ولا نعلم بالتفاصيل المرافقة له. الأخت أمينة، لم يكن الحجاب يوما هو رأسمال الحزب ولا الزكاة ولا الحج. رأسمال الحزب هو الوضوح مع المواطن. فالخطأ ليس نزع غطاء الرأس لكن هو عدم التصريح بالأمر من قبل، ثم التهرب من المواجهة فيما بعد من خلال الاختفء وراء قيادة لها حجمها واعتبارها المعنوي أمام الناس. الأخت أمينة، بنكيران لا أظن أنه ضد الخيار الشخصي، لكن لا أعتقد أنه كان داعما لك في عد وضوحك، وهنا جزء من الرواية يجب أن يظهر لأننا لم نعهد في بنكيران غير الوضوح. الأخت أمينة، لا يمكن الجمع في التنظيم بين الرغبة في موقع الزعامة والرغبة في أن تجري التنظيم في متاهات تبرير عدم وضوحك مع المواطن ووضع الأعضاء في حرج الدفاع عن رغباتك الشخصية. الأخت أمينة، لا يمكن استباحة التنظيم بما يجعلك تتوقعين أن تقومي بما يحلو لك دون أي اعتبار أو احترام لوجدان الأعضاء والمواطنين، وتستغلي شخص بنكيران لتصفية حسابات داخلية، وتطالبي الناس بدعمك. هذا التنظيم يحتاج جوابا من الصدق على ما وضع فيك من ثقة، فهو الذي صنعك ولست أنت من صنعه، وأمينة قبل ثقة الإخوان واعتلاء المنصب لم يكن يعلم بوجودها أحد. السؤال ختاما، ليس هو هل دعم بنكيران حقك في نزع الحجاب، لكن هل نزعته فعلا؟ وإن كان الأمر كذلك فلماذا النفي وعدم التصريح بالأمر وعدم تحمل المسؤولية في اختيار فردي؟ ولماذا جر حزب بكامله وراءك في أمر ذي طابع شخصي ولماذا الاختباء وراء القيادة؟ لأنه في النهاية لم يبن الحزب مشروعيته على الحجاب، لكن بناه على الصدق والوضوح.”