عين كما هو معلوم الدكتور محمد شارف رئيسا للجنة الجهوية لحقوق الانسان لجهة أكادير، أمس الاثنين بحضور الأمين العام للمجلس محمد الصبار. وقد القى د. شارف كلمة بالمناسبة تعيد اكادير24 نشرها تعميما للفائدة بحكم ما ورد فيها من اشارات يمكن اعتبارها خارطة طريق عمل هذه اللجنة، وفيما يلي النص الكامل لهذه الكلمة: أيتها السيدات الفُضليات والسادة الأفاضل… يسعدني اليَوم أن أرحب بكم في افتتاح حفل تنصيب اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان متمنيا لها النجاح. واللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة أكادير هي إحدى اللجانٍ الثلاثَ عشرةَ المحدثةَ طبقا للمادة 28 من الظهير الشريف لفاتح مارس 2011 الخاص بإحداث المجلس الوطني لحقوق الإنسان. و تأتي نشأتها هذه في سياق التحولات الجذرية والإصلاحات الجوهرية للدستورِ والأوراشِ الكبرى التي تعرفها بلادنا توطيدا لحقوق الإنسان والبناء الديمقراطي ودعم وتكريس الجهوية المتقدمة وتفعيل آلياتها. واللجنة الجهوية هي تجسيدٌ للحضور المعنوي والفكري للمجلس الوطني لحقوق الإنسان وامتدادٌ له على المستوى المحلي والجهوي حرصاً منه لتفعيل سياسة القرب من المواطنين و المواطنات وممارسة الشراكة والمشاركة والحوار المفتوح والمسْئول مع مختلف الفاعلين من قطاعات حكومية ومجتمع مدني وخبراء من الجامعة وغيرها و تكريس اللامركزية و اللاتمركز في مجال النهوض بحقوق الإنسان و تعزيز البعد المحلي و الجهود في هذا المجال. حضرات السيدات والسادة، بدون جرد جميع اختصاصات اللجنة الجهوية ، نشير إلى أن من بين مهامها تتبع ومراقبة وضعية حقوق الإنسان على المستوى المحلي والجهوي، تلقي الشكايات المتعلقة بادعاءات انتهاك حقوق الإنسان . تنفيذ برامج المجلس .و مشاريعه المتعلقة بمجال النهوض بحقوق الإنسان . الإسهام في تيسير و تشجيع إحداث مراصد جهوية لحقوق الإنسان كما تختص بالنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها وكذا إثراء الفكر والحوار حول الديمقراطية و حقوق الإنسان ببلادنا مع كل المعنيين بذلك . حضرات السيدات والسادة، مهما كانت دقة عملية اختيار أعضاء اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان ونجاعة المعايير المتبعة في هذا الصدد، فالنقدُ يبقى واردا والرغبةُ في إرضاء أكبر عدد ممكن مستحيلةٌ، والعددُ الإجماليُّ ضئيلٌ و مختزلٌ، رغم أن تركيبتها التعددية روعي فيها اختيار نساء ورجال مرموقين، مشهود لهم بنزاهة أخلاقهم وتحليهم بالتجرد وسعة ثقافتهم وغزارة عطائهم ومساهمتهم الجريئة في سبيل حقوق الإنسان والتشبث المخلص للنهوض بها و العمل على حمايتها. إضافة إلى قدرتهم ووعيهم على جعلها فوق كل الاختلافات السياسية والإيديولوجية والثقافية والمنهجية خدمةً لكرامة المواطنين و المواطنات، والدفاع عن الحق في التنمية المستدامة بمعناها الشمولي وفق مقاربة حقوقية، وتحقيق العدالة بمفهومها الشامل: القضائي والاقتصادي والثقافي والبيئي. أما فيما يتعلق باختيار اللجنة: - تمت مراعاة التوزيع الجغرافي ضمانا لتمثيلية كل الأقاليم و العمالات . - الأخذ بعين الاعتبار معيار الكثافة السكانية لجهة اكادير - اختيار الأعضاء من الشخصيات المهتمة بمختلف أجيال وفئات حقوق الإنسان المدنية و السياسية والاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و البيئية. - التنوع في مجال التخصصات السوسيو- مهنية. - الانفتاح على مختلف المشارب الفكرية المتدخلة في مجال حقوق الإنسان - تمثيلية الفاعلين والفاعلات في مجال الحقوق الفئوية: المرأة – الطفل – الأشخاص في وضعية إعاقة - تمثيلية كل الفئات العمرية . - حضور هاجس النوع الاجتماعي أثناء التشكيلة حيث قاربت نسبة النساء المناصفة% 48 تفعيلا لمقتضيات الدستور الذي ينص على مبدأ المساواة بين الجنسين و القضاء على الفوارق . - مراعاة التمثيلية السوسيو ثقافية للجهة . - تمثيلية الهيئات التالية : التمثيلية الجهوية للقضاة و المحامون و الأطباء و العلماء والصحافيين المهنيين حضرات السيدات والسادة، مما لا مِراءَ فيه أن تحصين ثقافة حقوق الإنسان في مظاهرها المتعددة رهين لا محالة بتأمين الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والفئوية خاصة فئات المسنِّين وذوي الاحتياجات الخاصة، من خلال تنمية مستدامة تراعى فيها مختلف الحقوق ، وبإدماج كافة مكونات المجتمع المغربي دون ترك أيٍّ كان على الهامش. ولا شكَّ أن تجسيد هذا الطرح على أرض الواقع معركة طويلة النفس، ومجهود ضخم اضْطَلَع به المغرب منذ عقود، وضحَّت من أجله مناضلات ومناضلون على اختلاف الانتماءات والمشارب الفكرية والسياسية . وفي هذا السِّياق لابد أن نستحضر التحديات والصعاب التي واجهتها المناضلات كما جابهها المناضلون على قدم المساواة، والذين أَدَّوا جميعا ثمنا غاليا في زمن كان فيه الكلام والحديث عن نشر ثقافة حقوق الإنسان بما تحْفَل به من مبادئ التضامن والتسامح والحريات العامة والمسؤولية يكاد في عمومه يكون محظورا. و في هذا الإطار دخل المغرب في مسلسل العدالة الانتقالية لطي صفحة ماضي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان و تفعيل التوصيات الصادرة عن هيئة الإنصاف و المصالحة. ومن هذا المنطلق، فإن دورنا أفراداً وجماعاتٍ، مجتمعاً مدنيا ومؤسساتٍ وطنيةٍ ومنظماتٍ غير حكومية، لَهُوَ السهرُ جميعا على المكتسبات الحقوقية وتفعيلها وتعزيزها لتفادي الإنزلاقات و مختلف المعيقات التي يمكن أن تقف في طريق هذه المسيرة المظفرة، بهدف بناء و وضع أُسُس صلبة لثقافة حقوق الإنسان والقيم الإنسانية بما فيها الديمقراطية. لذا لابد من مواصلة الجهود لتحقيق العدل والنماء والتمتع بالحقوق الكاملة وجعل كل فرد في مجتمعنا متشبعاً بثقافة حقوق الإنسان وبقيمها ومُبَلْوٍرًا لروحها على مستوى السلوكات والمعاملات. فعلا، هذه ليست بالمهمة اليسيرة أو السهلة، إذ يجب علينا جميعا أن نعمل، كلٌّ من موقعه ومكانته ومنصبه، على توسيع التشبع بمبادئ حقوق الإنسان والحريات المرتبطة بالتحولات السوسيو اقتصادية والثقافية و المجالية وتعميق الديمقراطية وترسيخ دولة الحق والقانون. باعتباري أستاذا باحثا و مؤطرا لي اليقين التَّام بأن منظومة التعليم والتكوين بجميع مكوناتها مدعوة لرفع هذا الرهان ومواجهة هذا التحدي للقيام بدور هام والعمل الجاد والمستدام في دعم وتقوية وتعميق الحقوق الديمقراطية المكتسبة لإحقاق الحقوق، وتجاوز موجة العنف والكراهية التي تصيب بين الآونة والأخرى الحرم الجامعي. وعليه، فإن اللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان أكادير على استعداد للعمل مع الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين لجهة سوس ماسة درعة بُغيةَ تعميم وتعزيز التجارب التي أطلقناها سويا مثل نوادي حقوق الإنسان والمرصد الجهوي للعنف في الوسط المدرسي، إلى غير ذلك من مبادرات التعاون. وكذلك العمل جنبا إلى جنب مع جامعة ابن زهر لنجعل سويا من مؤسساتنا التربوية والتكوينية فضاءات رحبة للتفاعل الإيجابي، واعتبار الرأي والرأي الآخر، ودعم فضائل الحوار والنزاهة واحترام الآخر والإقرار بالتنوع والاختلاف. ففي كل الأحوال يلتقي طلبتنا في الغايات والأهداف من أجل غد أفضل ومغرب رائد في تجذير ثقافة التسامح وحقوق الإنسان والنهوض بالواجب، وإن اختلفوا على مستويات المنهجية والمقاربة وأسلوب العمل. حضرات السيدات والسادة، تَغْمُرُني ثِقة كبيرة على أن اللجنة ستجد أذنا صاغية في شخص السيد رئيس جامعة ابن زهر الأستاذ عمر حلي، والسيد مدير الأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بجهة سوس ماسة درعة الأستاذ علي براد وكافة الطاقم التربوي والإداري للمؤسستين، وكذا نساء ورجال الإعلام بالجهة ومندوبيات وزارة الثقافة والشبيبة والرياضة وكافة المؤسسات المعنية بالنهوض بحقوق الإنسان وحمايتها و مكونات المجتمع المدني للعمل على التكوين والتكوين المستمر في مجال حقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني. هدفُنا الأَسْمَى هو العمل الجاد والمكثف لترسيخ حقوق الإنسان وتعميق الديمقراطية بفعل تعزيز ودعم التعاون البناء والمجدي وإقامة جسور ومعابر التشاور والتعاون التشاركي المثمر مع كل المشارب والتيارات الفكرية لحقوق الإنسان، والمواطنة الفاعلة، وكافة مكونات المجتمع المدني على المستوى المحلي والجهوي، لكي نُؤمِّنَ جميعا المناعة من شلل قبْلي ضد كل أشكال الخروقات والتجاوزات، خدمةً للناشئة أطفالا ويافعين وترسيخًا لثقافة حقوق الإنسان والتربية على المواطنة الحقَّة من أجل التصدي لمَدِّ الكراهية و اللاتسامح وبعض النزعات الدخيلة، استجابة لما تقتضيه الظرفية من مُمَانعة لازمة لكل أطياف المجتمع المغربي وشرائحه، حتى يتسنى لنا الإسهام في بناء مغرب ديموقراطي حداثي يسع الجميع وبدون أدنى تمييز. حضرات السيدات والسادة، يطيب لي في ختام هذه الكلمة أن أتقدم بأحر التهاني والشكر إلى السيد محمد باري رئيس المكتب الإداري الجهوي للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان بأكادير وكافة الطاقم الإداري: السيد أنور نور الدين الريضى، السيدة رقية منير، السيدة زهيرة بيبو، و السيدة إلهام المرموح على العمل الجبار والصعاب التي ذَلَّلوها لبناء اللَّبِناتِ الأولى لما أصبح يعرف اليوم باللجنة الجهوية للمجلس الوطني لحقوق الإنسان. وإن الجميع لَيَشْهد لهم و لهن بما أَسْدَوْهُ من خدمات جليلة في باب حماية حقوق الإنسان وإشاعتها ثقافةً وممارسةً علاوة على وضع الأسس الأولى لمبادئ التعاون والتشارك خدمة و استجابة الانتظارات المواطنات و المواطنين. و في الختام اشكر كل من لب دعوة حضور حفل تنصيب أعضاء اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان لجهة اكادير و التي اشرف على تنصيبها السيد محمد الصبار الأمين العام للمجلس الوطني لحقوق الإنسان ولنكثف جهودنا جميعا كمؤسسات ومجتمع مدني لبناء مغرب الغد الذي يسعنا جميعا مغرب الحداثة والديمقراطية مغرب يتمتع فيه كل المغاربة بحقوقهم كاملة .