عاش ضريح لالا تاعلات (حوالي 60 كلم جنوب شرق أكادير)، مساء أمس الخميس، يوما مشهودا على إيقاع الموسم السنوي للمدارس القرآنية العتيقة، وذلك في جو احتفالي يجمع بين الأذكار الدينية والتراتيل القرآنية والرواج التجاري على خلفية لا تخلو من غرائبية يغذيها عبق التاريخ ونبض الأسطورة. ويقع ضريح الولية الصالحة لالا تاعلات بجماعة تيسكدلت التابعة لاتحادية قبائل إيلالن، بدائرة آيت باها، على ربوة مرتفعة يكسوها شجر الأركان في منطقة جبلية تشكل بوابة طريق يذهب خلل مرتفعات سلسلة جبال الأطلس الصغير في اتجاه إدا وكنيضيف وتافراوت. على مدار العام، لا شيء يوحي للزائر بأن وراء هذا المرتفع (ومن هنا استمدت الولية اسم تاعلات) ضريح يضم بين ثناياه مدرسة عتيقة ومسجدا يعود إلى مئات السنين تتضوع منه نفحات من الورع والروحانيات وقصص لا تنتهي من وحي التاريخ، بعدما خلفت دفينته قصائد شعرية بالأمازيغية السوسية في موضوع التوسل والنصائح ومدح الرسول عليه السلام. وحدها حركة النقل النشيطة على هذا المحور وقوافل الفقهاء وطلبة العلم ووفود الزوار من كل حدب وصوب بلباسهم التقليدي الذي يغلب عليه لون البياض تشي بأن موسم لالا تاعلات قد أضحى فعلا نقطة استقطاب محورية في المشهد الديني بمنطقة سوس ومحطة ارتكاز أساسية في الرواج التجاري والتواصل المعرفي. وبهذا الخصوص، يشدد القارئ ياسين كصوان، أحد زوار الموسم، أن هذه التظاهرة، التي تشتهر بتلاوة القرآن الكريم بشتى الروايات والصيغ المعروفة، تنظم مطلع شهر مارس الفلاحي وتبتدئ يوم الثلاثاء لتختتم يوم الجمعة باستقبال حوالي 15 ألفا من طلبة العلم والفقهاء والأئمة. وأبرز أن هذا الموسم ظل على مر الزمان يشكل موعدا للتواصل بين طلبة العلم والفقهاء لتدارس أوضاعهم وفرصة لتبادل المعارف وإحياء الليالي القرآنية، فضلا عن التداول في القضايا المرتبطة بالعلوم الشرعية والإسلامية بالمساجد والزوايا وكذا بالمدارس العتيقة المنتشرة بمختلف ربوع جهة سوس ماسة درعة. ولسائل أن يستفسر من أين يستمد هذا الموسم كل هذه الجاذبية لاسيما وأنه، خلافا للمعهود، يحمل اسم امرأة، علما بأن اللوحة المثبتة عند مدخل ضريح لالا تاعلات لا تكاد تشفي غليلا وهي تسرد أن الدفينة كانت تسمى فاطمة بنت محمد توعلات وتاريخ ولادتها غير معروف (القرن 12 للهجرة) وأن تاريخ وفاتها كان في 10 شوال 1207 للهجرة. وتستطرد اللوحة أن "موسم توعلات" أسسه أحد قادة المنطقة في عهد مولاي اليزيد بن سليمان العلوي بعد وفاتها بثمانية وأربعين سنة وأن الموسم الذي يؤمه واردون من شتى أنحاء المغرب في وفود تمثل قبائلها ومدارسها العتيقة في نظام بديع لتلاوة القرآن على الطريقة السوسية التي تسمى "تاحزابت"، مشيرة إلى أن هذا الضريح أعيدت توسعته وإصلاحه تحت رعاية جلالة الملك محمد السادس في فاتح دجنبر 2010.