في تطور مثير للجدل، هدد عضو بجماعة تزنيت بمتابعة قضائية ضد مجموعة من شباب الالتراس، وهو سلوك وصف بالبلادة وعدم الفهم لطبيعة الثقافة الاحتجاجية التي تنتمي إليها هذه المجموعات الشبابية. التهديد، الذي جاء من عضو يتمتع بمستوى سياسي وعلمي محدود، أثار استياءً واسعًا، خاصةً في ظل جهله الواضح بتقاليد الالتراس الكونية، التي تُعتبر، في الغالب الأعم، حركات احتجاجية مناهضة للسلطة بمفهومها الفلسفي الواسع، سواء كانت سلطة الدولة أو الأحزاب أو المؤسسات. الأمر لم يتوقف عند هذا الحد، بل تخطى حدود التوقعات عندما قام رئيس جماعة تزنيت، عبد الله غازي، بمشاركة منشور العضو المثير للجدل على صفحته الشخصية على "فيسبوك". هذا التصرف وُصف بالخطير والمخجل، خاصةً أن غازي يتمتع بتاريخ سياسي وإداري طويل، وكان يُفترض أن يكون أكثر وعيًا بتبعات مثل هذه التصرفات. مشاركة هذا "الهذيان"، كما وُصف، حوّلت صفحة غازي إلى منصة للسب والقذف السياسي، وهو ما لا يتناسب مع مكانته كرئيس جماعة وقيادي حزبي معروف. اللافت في الأمر أن هذه الحادثة جاءت في وقت كانت فيه السلطات الأمنية تتعامل بحكمة مع احتجاجات سلمية نظمها شباب الالتراس في المدينة. هذه الاحتجاجات، التي تميزت بالحضارية والتنظيم، كانت فرصة لتعزيز الحوار بين الشباب والمسؤولين، لكن تصرفات عضو الجماعة ورئيسها أثارت تساؤلات حول مدى استيعاب بعض المسؤولين لطبيعة هذه الحركات الشبابية ودينامياتها الاحتجاجية. عبد الله غازي، الذي يُعتبر رجل دولة ذو خبرة سياسية وإدارية واسعة، كان يُفترض أن يتبنى موقفًا أكثر حكمة، خاصةً في ظل متابعة صفحته من قبل مسؤولين ومؤسسات إعلامية. بدلًا من ذلك، اختار أن ينزل إلى مستوى التهديدات والخطاب العدائي، وهو ما وُصف بأنه سقطة أخلاقية وسياسية غير مسبوقة في تاريخ رؤساء جماعة تزنيت. في خضم هذه الأحداث، يبقى السؤال الأكبر: كيف يمكن لرجل دولة معروف مثل غازي أن يقع في مثل هذا الخطأ الفادح؟ يبدو أن الرئيس يحتاج إلى إعادة النظر في استراتيجيته الإعلامية، وتقبل النقد، وفهم أن الشباب الذين خرجوا للاحتجاج أمس هم أكثر صدقًا من العديد من المحيطين به، الذين قد يتركونه بمجرد تحقيق مصالحهم الشخصية. هذه الحادثة تذكرنا بأهمية الحوار والتفاهم بين الأجيال، خاصةً في ظل التحديات السياسية والاجتماعية التي يواجهها المغرب اليوم. التهديدات والخطابات العدائية لن تحل أي أزمة، بل ستزيد من حدة الانقسامات، وهو ما يتطلب من الجميع، وخاصة المسؤولين، تبني مواقف أكثر حكمة ومسؤولية.