ظهرت ظاهرة "الألتراس" -أنصار أندية كرة القدم -في المغرب مع بداية الألفية الجديدة كنمط تشجيع جديد للفرق المغربية في الملاعب، يتميز جمهور "الألتراس" عن غيره من الجمهور العادي بكونه أكثر تعصبا وتطرفا في حب ومساندة فريقه. لذلك كثيرا ما ينظر إلى "الألتراس" على أنهم جماعة من المتطرفين والعنيفين الذين يصعب التحكم في تصرفاتهم، خاصة بعد الحوادث الذي شهدتها مجموعة من الملاعب المغربية مؤخرا والتي عرفت مواجهات دموية بين جماهير عدد من المدن تجاوزت المدرجات لتصل إلى حرب شوارع خطيرة، آخرها المواجهات التي عرفها الطريق السيار بين فاس والرباط بعد مباراة لكرة القدم. وعلى عكس مصر وتونس، لم تعلن فصائل "الألتراس" في المغرب مشاركتها في أية احتجاجات سياسية أو اجتماعية رغم مشاركة بعد أعضائها فيها بشكل فردي. حرب الجماهير منصف لمرابط أحد أعضاء "الفاتال تيغرز"، وهو فصيل مشجعي فريق المغرب الفاسي لكرة القدم، يرفض الصورة النمطية التي بدأت تتشكل عن مجموعة "الألتراس" وتوصيفها بالعنيفة والمسؤولة عن الشغب في الملاعب. ويعتبر لجوء الجمهور إلى العنف كتصريف لحالة الحنق التي تعيشها بسبب الاستبداد الذي تعيشه. وفي لقاء مع "هنا صوتك" يقول منصف: "هناك عدم فهم واستيعاب عقلية الألتراس. الشغب والعنف كانا في الملاعب المغربية قبل ظهور "الإلتراس". فالشغب كما يحلوا لهم تسميته، ما هو إلا ردة فعل على ما يعايشه الجمهور من استبداد واستفزازات، ومن غياب لأبسط المرافق الإنسانية داخل الملاعب، إضافة إلى غياب التوعية في الإعلام أو المدارس. أعتقد أن من يوصفون بالشغب والعنف هم أشبه ببضاعة رُدَت إلى أصحابها". وعن استشراء العداوة بين جماهير عدد من المدن المغربية، يحصر لمرابط الأمر في غياب الوعي والاستفزازات الفردية الفارغة. "لو أجرينا مقارنة مع دول أخرى، مثلا في أوربا وإيطاليا خصوصا، نجد أن الكراهية والعداء بين جمهورين، تنبني مثلا على أسس و قناعات سياسية واختلافات في الأيديولوجيات أدت إلى هاته الكراهية و الصراع. أما عندنا فلا أساس لهاته الأمور بما أنه لا سياسة لنا ولا أيديولوجية حقيقية عندنا، ما يعني أن الصراعات تبدأ بأمور تافهة كالاستفزازات عبر الأنترنت، أو سب وشتم داخل الميدان، ثم توعد بالانتقام، والنتيجة حوادث دموية يروح ضحيتها الأبرياء". محاولات اختراق؟ أبو نوح لا يصدق الفكرة الشائعة وسط أفراد "الألتراس" بوجود اختراق منظم في صفوفهم من طرف بعض الأطراف التي حرفت مجموعاتهم عن أهدافها الرئيسية. في المقابل يرى منصف لمرابط أن "مجموعات "الألتراس" استطاعت في ظرف وجيز جذب الآلاف من الشباب، الشيء الذي لا يستطيع فعله بعض من الأحزاب والجمعيات. ولعل هذا ما دفع البعض من هؤلاء إلى محاولة الاختراق قصد الركوب على هاته المجموعات وتحقيق أهداف سياسية محضة. وهذا يتنافى مع مبدأ "الأولتراس" المتمثل في الابتعاد عن تبني تيار سياسي معين، لأن داخل نفس المجموعة تجد اليساري إلى جانب اليميني، والعلماني مع الإسلامي منصهرين في مجموعة واحدة، لذلك على المجموعات أخد الحيطة من هاته المحاولات التي قد تكون سببا في تشتتها". حذار من الانحراف يدعو منصف لمرابط أعضاء مختلف "الإلتراس المغربية" إلى التفطن لكي لا ينحرف مسار الحركة عن طريقه بسبب ممارسات تتنافي في الأصل مع أعراف ومبادئ "الألتراس"، ويستطرد لمرابط قائلا: "علينا أن نساهم بأنفسنا في تغيير الصورة النمطية التي باتت تلصق بنا كجماهير، من خلال تبني موقف واضح من كل أعمال العنف داخل الملاعب وشجب الصراعات ومحاولة توحيد الصفوف من أجل الدفاع على الحقوق والأهداف المشتركة بين كل المجموعات وإسقاط الفساد الرياضي".