في مشهد أثار الانتباه خلال جلسة الأسئلة الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة يوم الاثنين 28 يناير2025، بمجلس النواب، اختار وزراء حزب الاستقلال الجلوس في الصف الأول المخصص للفريق النيابي لحزبهم، بعيدًا عن مقاعد باقي مكونات التحالف الثلاثي الذي يضم حزب الأحرار وحزب الأصالة والمعاصرة. هذه الخطوة غير المألوفة داخل البرلمان أثارت تساؤلات عديدة حول مغزاها وأبعادها السياسية، وما إذا كانت إشارة إلى تغير مرتقب في علاقة الحزب بالتحالف الحكومي الحالي. التحرك بدا وكأنه رسالة سياسية تحمل دلالات رمزية واضحة، خصوصًا في هذا التوقيت الذي يتسم بحراك سياسي متزايد استعدادًا للانتخابات التشريعية المقبلة. حزب الاستقلال، المعروف بقدرته على المناورة السياسية، يبدو وكأنه يختبر إمكانية التموقع كقوة مستقلة بعيدًا عن التحالفات التي قد تُضعف حضوره الشعبي. ويرى متتبعون أن هذه الخطوة تعكس رغبة الحزب في إظهار استقلالية قراره السياسي، وربما الاستعداد لمرحلة جديدة خارج إطار التنسيق الحكومي الثلاثي. اختيار هذا التوقيت ليس عشوائيًا، بل يتزامن مع فترة حساسة تشهد فيها الأحزاب المغربية مراجعة تحالفاتها وتحركاتها الاستراتيجية. العلاقة بين مكونات التحالف الثلاثي لم تكن دائمًا متينة، إذ شابتها خلافات حول تدبير ملفات اقتصادية واجتماعية، مما أضعف تماسك التحالف وأثار تساؤلات حول قدرته على الصمود حتى نهاية الولاية الحكومية. ما حدث في الجلسة البرلمانية لا يمكن اعتباره مجرد تصرف فردي، بل يبدو أنه جزء من رؤية أوسع يعيد من خلالها حزب الاستقلال تقييم موقعه السياسي. هذا التحرك قد يكون إما مناورة للضغط على الشركاء الحاليين لتحقيق مكاسب سياسية، أو تمهيدًا لخروج رسمي من التحالف للتفرغ للاستحقاقات الانتخابية المقبلة برؤية مغايرة. الخطوة البرلمانية التي أقدم عليها وزراء حزب الاستقلال تضع المشهد السياسي أمام احتمالات مفتوحة، ومع غياب تصريحات رسمية توضح نوايا الحزب، تبقى الأيام المقبلة كفيلة بكشف حقيقة هذا التحرك، وما إذا كان بداية لتحولات سياسية كبرى أو مجرد رسالة ضغط مرحلية. هذا، وما حدث داخل قبة البرلمان ليس مجرد تغيير في أماكن الجلوس، بل هو مؤشر على دينامية سياسية تسبق عادة الانتخابات في المغرب. هذه الخطوة قد تعيد تشكيل الخريطة السياسية، وتجعل المشهد أكثر حدة وتنافسية مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية المقبلة.