في ظل تصاعد التهديدات الإرهابية العابرة للحدود ، برز المغرب كواحد من النماذج الرائدة في اعتماد مقاربة أمنية شمولية ، ترتكز على الاستباق و اليقضةالاستخباراتية . ولعل أهمها وأخطرها العملية الأخيرة التي قادها المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني ، والتي تؤكد مجددا فعالية أجهزة المخابرات المغربي ومكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لحماية التراب الوطني ،والتي من تفكيك خلية إرهابية بمنطقة بمنطقة حد السوالم بمدينة برشيد، التي كانت تخطط لتنفيذ عمليات دموية تهدف إلى زعزعة أمن المملكة واستقرارها . هذا الإنجاز الأمني لم يكن وليد الصدفة ، بل هو ثمرة جهد دؤوب ، ونهج إستباقي يعتمد على التنسيق المحكم بين الأجهزة المختلفة ، وإستثمار التكنولوجيا الحديثة في الكشف عن المخططات الإرهابية قبل تنفيذها . العملية الأخيرة عزيزي المتلقي ، سلطت الضوء على خطورة التهديد الذي تمثله بعض الخلايا المتطرفة المتخفية بيننا كالخفافيش ، حيث تعمل في صمت لجذب عناصر جديدة وتجنيدها لخدمة أجندات إرهابية . المغرب والذي ليس بمنأى عن التهديدات الإرهابية كغيره من دول العالم ، جعل من المواجهة الأمنية والاستخباراتية حجر الزاوية في سياساته ، مع مراعاة شمولية الاستراتيجية المعتمدة ، فهو لا يكتفي بتفكيك الخلايا الإرهابية واعتقال عناصرها ، بل يعمل أيضا على التصدي للأسباب الجذرية التي تغذي التطرف ، مثل الفقر والهشاشة الإجتماعية ، وذلك عبر إطلاق برامج تنموية تسهم في تحسين ظروف العيش للفئات الهشة ، وتوفير بدائل اقتصادية وإجتماعية تقلص عوامل الجذب نحو الفكر المتطرف . فالعملية التي شهدتها برشيد أكدت أيضا الأهمية التي يوليها المغرب لتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب . فالاستخبارات المغربية أظهرت مرة أخرى قدرات استثنائية في التعامل مع هذه التهديدات، وهو ما جعل المملكة شريكا استراتيجيا لدول كبرى في الحرب ضد الإرهاب. وهي التي ترأس اليوم التجمع الدولي ضد داعش . غير انه رغم كل هذه الإنجازات الاستثنائية للمملكة ، إلا أن تحديات الإرهاب لا تزال قائمة ، بالنظر للبيئة الإقليمية المضطربة خاصة بالغرب والساحل الإفريقي، ووجود جماعات متطرفة نشطة في هذه المنطقة ، إضافة إلى إستغلال الإنترنت لنشر الفكر المتطرف ، كلها تمثل تهديدات لا يمكن التقليل من شأنها ، والتي عمل المغرب و بفضل يقظته الأمنية ورؤيته الاستراتيجية ، أن يثبت يوما بعد يوم ، أنه قادر على حماية أمنه وإستقراره ، مع حرص أجهزته الأمنية على الحفاظ على ذلك التوازن الدقيق بين مقتضيات الأمن وإحترام الحقوق والحريات . ختاما ياسادة، إن نجاح الأجهزة الأمنية المغربية في التصدي لهذه الخلية الإرهابية الجديدة ، يعكس ليس فقط إحترافيتها وخبرتها الكبيرة ، بل أيضا التزامها بحماية أمن المواطنين وسلامة الوطن ليبقى التحدي الأول هو الإستمرار في تطوير هذه الاستراتيجيات لمواكبة التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم ، فالمملكة المغربية دولة ترهان على الاستباق الأمني والتعاون الاستخباراتي الدولي ، والتي تؤكد أنها قادر على مواجهة التهديدات مهما بلغت تعقيداتها ، لتظل نموذجا يحتذى به في المنطقة الإفريقية و العالم . ذ/ الحسين بكار السباعي محام وباحث في الهجرة وحقوق الإنسان.